أخبار وتقارير

الهجمات على التعليم العالي في تقرير الحريات الأكاديمية الجديد

يلخص تقرير جديد نُشر اليوم الهجمات التي طالت التعليم العالي في جميع أنحاء العالم في العام الماضي. ويسلط الضوء على السودان، حيث أغلقت الحكومة هناك، الجامعات في محاولة لإسكات المعارضة، وقامت، وسط سلسلة طويلة من حوادث العنف، وبسحن الطلاب والأساتذة وعاملتهم بوحشية بقصد قمع الاحتجاجات.

في مقابلة منفصلة مع الفنار للإعلام، أشار أحد القادة الأكاديميين في السودان إلى أن الوضع هناك يتحسن الآن.

صدر التقرير، الذي يحمل عنوان حرية التفكير Free to Think 2019، من خلال مشروع مراقبة الحرية الأكاديمية لشبكة الباحثين المعرضين للخطر، وهي منظمة غير ربحية مقرها في جامعة نيويورك. يصف التقرير 324 هجومًا وقعت في 56 دولة بين 1 أيلول/ سبتمبر 2018 و31 آب/ أغسطس 2019. أبلغت شبكة الباحثين المعرضين للخطر عن هجمات عنيفة على التعليم العالي على مدار العام الماضي في أفغانستان والإكوادور والسودان وتايلاند والمملكة المتحدة واليمن، و هجمات طالت باحثين وطلاب في البرازيل والهند وباكستان.

يؤكد دانييل منير من شبكة الباحثين المعرضين للخطر أن عدد الحوادث يرتفع كل عام منذ نشر أول تقرير لـ “حرية التفكير” في عام 2015. قال “ترتفع الأرقام كل عام لأن قدرتنا على الحصول على المعلومات قد تحسنت. لقد قمنا بزيادة شبكتنا من المخبرين، لكننا ندرك تمامًا أن ما يمكننا الإبلاغ عنه يمثّل على الأرجح قمة جبل الجليد فقط.”

وجهان للاضطهاد 

في السودان، كانت الجامعات في قلب الحركة التي أدت إلى استقالة رئيس البلاد عمر البشير في نيسان/ أبريل. وفي شباط/ فبراير، أغلقت حكومة البشير جامعات البلاد في محاولة لمنع المتظاهرين من تنظيم أنفسهم في الجامعات. (اقرأ التقرير ذو الصلة: الجامعات السودانية مغلقة حتى إشعار آخر). قامت قوات الأمن في زمن البشير، وفي أعقاب استقالته، وقوات الدعم السريع العاملة في إطار المجلس العسكري الانتقالي بمهاجمة الطلاب والأساتذة بشكل متكرر ودمرت الممتلكات الجامعية.

انخرطت قوات الدعم السريع، التي نشأت من ميليشيا الجنجويد المعروفة بوحشيتها في جنوب السودان، في بعض من أكثر الهجمات وحشية على التعليم العالي. بعد أن بدأ موظفو جامعة الخرطوم حركة عصيان مدني للاحتجاج على مقتل مائة متظاهر سلمي، انخرطت قوات الدعم السريع فيما بدا أنه هجوم انتقامي. في حزيران/ يونيو، ذكر تقرير الباحثين المعرضين للخطر، أن القوات شبه العسكرية هاجمت الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في جامعة الخرطوم، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، وتخريب المكاتب، وحرق المستشفى الجامعي.

فصّل التقرير العديد من الهجمات الأخرى التي شنتها قوات الأمن على الطلاب والأساتذة والتي تضمنت استخدام الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية وهراوات الصدمات الكهربائية والغارات على سكن الطلاب.

“خلال الثورة، كان هناك خطر كبير على جميع الأساتذة المشاركين في الحركة السياسية.”

نشوى عيسى
 الأستاذة المساعدة في الفيزياء بجامعة النيلين في الخرطوم

وفي تعليقها على الأحداث الموضحة في التقرير، قالت نشوى عيسى، الأستاذة المساعدة في الفيزياء بجامعة النيلين في الخرطوم، في مقابلة مع الفنار للإعلام، “خلال الثورة، كان هناك خطر كبير على جميع الأساتذة المشاركين في الحركة السياسية.”

كان من المقرر افتتاح الجامعات السودانية في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، لكن القليل منها فعل ذلك بهذه السرعة. (اقرأ التقرير ذو الصلة: العام الدراسي الجديد في السودان مع وقف التنفيذ).

أصبحت ألاء صلاح، ٢٢ عاماً، طالبة الهندسة  في الجامعة السودانية الدولية في الخرطوم رمزًا للثورة في السودان التي تم فيها الإطاحة بالديكتاتور عميبر البشير (الصورة: المشاع الإبداعي)
أصبحت ألاء صلاح، ٢٢ عاماً، طالبة الهندسة في الجامعة السودانية الدولية في الخرطوم رمزًا للثورة في السودان التي تم فيها الإطاحة بالديكتاتور عميبر البشير (الصورة: المشاع الإبداعي)

قالت سارة عبد الجليل، رئيسة نقابة الأطباء السودانيين في مقابلة إنها تنظر بإيجابية للتطورات في السودان في العام الماضي. وأشارت إلى تعيين انتصار الزين صغيرون، الأستاذة السابقة في علم الآثار بجامعة الخرطوم، وزيرة للتعليم العالي من قبل الحكومة الانتقالية الجديدة. وفي أيلول/ سبتمبر، حلت وزارة التعليم العالي محل المعينين السياسيين الذين كانوا يعملون كإداريين جامعيين خلال حكم حكومة البشير.

قالت “في السابق، كان يتم تعيين رؤساء الجامعات من قبل الحكومة، حتى لو لم يكن لديهم اختصاص أكاديمي. لقد كانوا مرتبطين بجهاز المخابرات الوطني والجماعات الجهادية. كان لهذا الأمر تأثير خانق. الآن الجامعات مفتوحة والأمور مستقرة نسبيًا.”

وأضافت “لم نعتقد أبدًا أننا سنتغلب على هذا، لكننا فعلنا ذلك.”

توطيد حمايات الحريات الأكاديمية

تود شبكة الباحثين المعرضين للخطر رؤية جهودٍ إضافية لضمان التزام الحكومة السودانية والسلطات العسكرية بالتزاماتها القانونية الدولية “باحترام الحق في حرية التعبير والتجمع والانضمام للجمعيات من خلال الامتناع عن استخدام القوة والاعتقالات والمحاكمات غير القانونية”.

بالإضافة إلى ذلك، حثت المنظمة السلطات السودانية على “ضمان الإفراج عن العلماء والطلاب وغيرهم ممن احتُجزوا خطأً بسبب تعبيرهم السلمي أو التجمع”.

قالت نهى الزين محمد، الأستاذة في كلية البترول والثروة المعدنية بجامعة النيلين والمتحدثة باسم تجمع أساتذة الجامعات والكليات والمعاهد العليا السودانية، لـ “الفنار للإعلام” إن الجمعية أرسلت في 12 آذار/ مارس عريضة إلى الأمم المتحدة تطلب فيها باتخاذ إجراءات لإنهاء العنف ضد أساتذة وطلاب الجامعات.

فيما يلي حوادث أخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أبرزها تقرير الباحثين المعرضين للخطر:

– في اليمن، في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، هاجم أفراد من ميليشيا الحوثيين واعتقلوا 55 طالبًا بالقرب من حرم جامعة صنعاء لمشاركتهم في مظاهرة للمطالبة بحل لمشاكل الفقر وتراجع مستويات المعيشة. قامت الميليشيا، التي كانت تسيطر على العاصمة صنعاء وقت وقوع الحادث، بتعريض الطلاب للعنف، بما في ذلك الضرب والصدمات الكهربائية، قبل إطلاق سراحهم بشرط الامتناع عن الاحتجاجات في المستقبل. في وقت لاحق، أفادت التقارير عن إغلاق الحوثيين لجامعة صنعاء، ونشرهم الدبابات والعربات المسلحة حول مباني الحرم الجامعي.

– في المملكة العربية السعودية، في 23 نيسان/ أبريل، أعدمت السلطات مجتبى السويكت، وهو مواطن سعودي، لمشاركته في الاحتجاجات المتعلقة بالربيع العربي. تم توقيف السويكت في البداية في آب/ أغسطس 2012 في مطار بالدمام بينما كان يستعد للسفر لبدء دراسته الجامعية في جامعة ويسترن ميشيغان بالولايات المتحدة. وعقب إلقاء القبض عليه، تعرض للتعذيب وأجبر على الاعتراف بمختلف الجرائم المتعلقة بالأمن القومي التي أدين بها في عام 2015 وحُكم عليه بالإعدام في عام 2016.

– في المملكة العربية السعودية أيضًا، في 28 آذار/ مارس، اعتقلت السلطات أنس المزروعي، أستاذ القانون بجامعة الملك سعود، ردًا على تعليقات عامة على حقوق الإنسان في البلاد كان قد أدلى بها.

– في الجزائر، ردت الشرطة باستخدام القوة المفرطة على الاحتجاجات الطلابية بسبب ولاية الرئيس آنذاك عبد العزيز بوتفليقة وتثبيت خلفه الرئيس المؤقت، عبد القادر بن صالح. خلال مظاهرة طلابية أسبوعية نظمت في الجزائر العاصمة للتنديد بالرئيس بن صالح، أطلقت الشرطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع على الطلاب الذين كانوا يحتجون ويهتفون “بن صالح ارحل والنظام إرحل”. ووردت أنباء عن أعمال عنف مماثلة من قبل الشرطة في 17 نيسان/ أبريل عندما داهم ضباط اجتماعًا، وفي 2 حزيران/ يونيو، خلال مظاهرة أسبوعية أخرى.

– في الضفة الغربية، فرضت إسرائيل قيودا على قدرة العلماء الدوليين على الدخول إلى الضفة الغربية أو البقاء فيها، في كثير من الحالات على الرغم من تعليمهم في جامعات الضفة الغربية لسنوات أو حتى عقود. (اقرأ التقرير ذو الصلة: الأكاديميون الأجانب ممنوعون من دخول الأراضي الفلسطينية).

– في الولايات المتحدة، في 11 نيسان/ أبريل، رفضت السلطات دخول عمر البرغوثي، وهو ناشط فلسطيني في مجال حقوق الإنسان وزعيم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.

– استمرار الهجمات الحكومية على التعليم العالي في تركيا للعام الرابع على التوالي. استخدمت سلطات الدولة الملاحقات القضائية والاعتقالات والحظر على الوظائف العامة والسفر إلى الخارج، من بين أفعال أخرى، ضد الآلاف من الأكاديميين الذين اتهموا بعدم الولاء أو الخيانة أو الإرهاب لتوقيعهم على عريضة تنتقد تصرفات الدولة أو ترتبط بأفراد أو مجموعات لا ترحب بها الحكومة.

تشمل قائمة التقرير عن الأكاديميين الذين تعرضوا للسجن بسبب الاحتجاج السلمي، علماء من البحرين والسعودية والإمارات العربية المتحدة وجنوب السودان.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى