مقالات رأي

الإيموجي: إثراء عاطفي لتواصلنا الرقمي

تعتبر الرموز التعبيرية “الإيموجي” من المواضيع الساخنة في الشرق الأوسط. إذ كان فيلم الإيموجي أول فيلم يتم عرضه في السينما في عام 2018 في المملكة العربية السعودية بعد حظر دام 35 عامًا. في عام 2017، أبرزت مقدمة هلا والله Halla Walla، وهو تطبيق يصور رموز تعبيرية ذات صلة بالعالم العربي، قلة التنوع في الرموز الأبجدية الخاصة بالإيموجي. وبذلك يبدو من الواضح أن ما قد أعتبر ذات مرة موضة عابرة باقٍ.

مع زيادة استخدام رموز الإيموجي مثل الوجوه المبتسمة، تنشأ مناظرات حول التمثيل والعاطفة والتعبير وحتى الجنس. كما هو الحال في كثير من الأحيان، يمكن أن تثير التكنولوجيات الجديدة الذعر الأخلاقي، كما يتضح في هذا المقال في صحيفة ذي نيو ريببلك The New Republic، والتي تزعم أن الإيموجي تجعلنا أقل تعبيرًا عاطفيًا.

على الرغم من حداثة رموز الإيموجي، إلا أن البشر يميلون منذ فترة طويلة إلى استخدام الرموز والاستعارات للتعبير عن بعض المشاعر أو استحضارها. في عصر التكنولوجيات الجديدة، يستجيب الناس بتخوّف وذعر لكل شيء جديد ومختلف. ولكن هل ينبغي أن نكون قلقين حقًا بشأن تأثير الإيموجي سلبًا على اتصالاتنا؟أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص. 

قد يجيب البعض بنعم، مشيرين إلى أن الإيموجي التي تعبر عن العواطف الجافة. ويخشى آخرون من أن يفقد الشباب قدرتهم على فهم لغتهم الأساسية بسبب الاعتماد على الرموز التعبيرية للتواصل. بل أن الناس تساءلوا أيضًأ عما إذا كانت الإيموجي ستحل محل اللغة يومًا ما.

تفترض مثل هذه المناقشات أن اللغة لا يمكن الاستغناء عنها وأنها غير قابلة للتغيير. وهذا بالطبع ليس صحيحا، لأن اللغة تتغير. على سبيل المثال، يتم تحديث قاموس أوكسفورد الإنجليزي باستمرار ليشمل المصطلحات الجديدة التي دخلت حيز الاستخدام. وهذا الأمر يثبت أن اللغة تتغير.

التكنولوجيا واللغة

الصحيح، في واقع الأمر، أن التكنولوجيا تغير طريقة استخدامنا للغة. شجعت الاختراعات مثل الطباعة ووسائط الإعلام على توحيد اللغات ومجموعات المفردات. يمكن أن يسهم انتشار التكنولوجيا، وصعود القوميات، وتزايد البث، إلى جانب الهجرة، في توحيد أو تغيير أي لغة.

مارك أوين جونز، أستاذ مساعد في العلوم الإنسانية الرقمية في قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليف
مارك أوين جونز، أستاذ مساعد في العلوم الإنسانية الرقمية في قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليف

يمكن أن يجلب هذا معه التحيز أو رفض الفروق الدقيقة، ومعركة بين النحويين الوصفيين والتقادميين. يعتبر النحويون الوصفيون أكثر اهتمامًا بكيفية تحدث الأشخاص الحقيقيين للغة وكتابتها. فيما يهتم النحويون التقادميون بدرجة أكبر بالكيفية التي يعتقدون أن من الضروري استخدام اللغة وفقًا لها.

يمكن أن يؤدي هذا إلى العجرفة والنخبوية. في المملكة المتحدة، استخفت هيئة الإذاعة البريطانية باللهجات البريطانية الإقليمية لصالح النطق المُتلقى النمطي حتى وقت قريب نسبيًا. في العالم العربي، يتم التواصل الرسمي عبر الأخبار وفي وسائل الإعلام باللغة العربية الفصحى المعاصرة. ويمكن أن يثير الانحراف عن ذلك جدلا ساخنا.

لذا فإن مسألة ما إذا كانت رموز الإيموجي تعتبر بديلاً مقبولاً للغة ليست جديدة من حيث المبدأ، بل من حيث الشكل فحسب. يمتد السؤال إلى المجال الأكاديمي أيضًا. على سبيل المثال، تحداني أحد الزملاء قبل فترة من الزمن لاستخدام وجه مُبتسم في المراسلات مع أحد الطلاب.

حرية التعبير 

كيف يمكن أن يؤثر هذا على الطريقة التي نعبر بها عن أنفسنا؟ لدينا جميعًا لهجات وانحرافات في الصوت وسلوكيات مختلفة، لكننا نستخدم محارف الخطوط Calibri في الغالب. قد لا يكون هذا شيئًا سيئًا بالضرورة، حيث يمكن لأي شخص يحاول فك شفرة خط اليد أن يشهد بذلك. ومع ذلك، فإنه يزيل بعض الثراء العاطفي للكتابة اليدوية.

أثناء الكتابة، يُحتمل أن تزيل الكثير من السمات والتعابير التي يمكن رؤيتها في الكتابة اليدوية، لذلك قد تعيد الرموز التعبيرية بعضًا من هذا التواصل البسيط المفقود.

مع ذلك، هناك حدود أيضًا. إذ أن وظيفة زر الإعجاب على موقع فيسبوك، على سبيل المثال، لا تسمح إلا بمجموعة محدودة من الردود. لقد تغير الأمر الآن، لكننا نتذكر جميعًا التساؤل عن كيفية الرد على الأخبار السيئة لشخص ما أو نعي أحدهم. تسببت الإيموجي أيضًا في مناقشات حول مسألة التمثيل والعرق والجنس. لكن الأمور تتغير، والآن يمكنك غالبًا اختيار لون البشرة عند إرسال بعض رموز الإيموجي.

كشف تطبيق هلا والله الحاجة إلى رموز إيموجي خاصة بالمنطقة. وكحال الكلمة المكتوبة، تتغير رموز الإيموجي باستمرار، ويمكن أن تزيد من الطرق التي نعبر بها عن أنفسنا. ومع ذلك، لكي لا تكون جماليات الإيموجي مجرد نتاج رؤية للتكنولوجيا الكبيرة، يحتاج الشرق الأوسط إلى توسيع وجوده في هذه الصناعة لضمان توفير محتوى مهم وذي صلة ثقافيًا.

يعتبر التواصل غير اللفظي أقدم من الكتابة نفسها. بالنسبة لشخص يكافح بعض الموروثات المعيارية للرجولة التقليدية، أقدر الإيموجي عاليًا، حتى إذا ما تم استخدامها بشكل مفرط. إذا ما شعرتُ بالحزن أو بالضيق، فإنني أجد أنه من الأسهل عليّ وضع رمز تعبيري. بالتأكيد، أنا لا أبكي بالفعل، لكنه قد يضيف فارقًا بسيطًا أو انفتاحًا على المحادثة.

https://www.bue.edu.eg/

تتيح لنا الإيموجي تلاعبًا جديدًا بالأفكار. يستخدم الإيموجي الشائع تقريبًا لقرد يغطي عينيه كوسيلة للتعبير عن غير رسمية والفرح والتنكّر الرقمي. وبالمثل، فإن قيام شخصٍ ما بإرسال إيموجي شاورما لي سوف يسعدني على الفور. الأهم من ذلك كله أن رموز الإيموجي نوع جديد من الحرية لكيفية اختيارنا للتعبير عن أنفسنا.

مارك أوين جونز، أستاذ مساعد في العلوم الإنسانية الرقمية في قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة. ويركز اهتماماته على تعزيز العدالة الاجتماعية باستخدام وسائل وأدوات افتراضية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى