أخبار وتقارير

هل يكفي التعليم لمحاربة ختان الإناث في المنطقة العربية؟

لا يزال تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، المعروف أيضًا باسم ختان الإناث، منتشرًا في بعض البلدان العربية، لكن بحثًا جديدًا في السودان يظهر أن التدخلات التعليمية على مستوى المدارس الثانوية نجحت في إقناع الفتيات المراهقات بأن لهذه الممارسة عواقب صحية وخيمة. بالطبع، فات الأوان على الكثير من هؤلاء الفتيات لحماية أنفسهن من تلك العملية، لكن الباحثين يأملون في توعية الفتيات حتى يوقفن ديمومة هذه الممارسة على أطفالهن.

كما يأمل آخرون ممن يعملون على إنهاء ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أن تكون جهود التثقيف الصحي في المدارس جزءًا من الكفاح ضد هذه الممارسة.

تُعرّف منظمة الصحة العالمية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بأنه انتهاك لحقوق الإنسان حيث يتم تغيير أو إزالة أجزاء من الأعضاء التناسلية الأنثوية دون سبب طبي. يمكن أن ينطوي هذا على بتر البظر والشفرين الكبيرين أو الشفرين الصغيرين. في بعض الأحيان، يشتمل الإجراء أيضًا على تغيير موضع هذه الأعضاء من خلال القطع والخياطة.

تختلف عواقب ذلك من فتاة لأخرى وتتوقّف على شدة الإجراء. على المدى القصير، يعتبر النزيف والصدمة الناجمة عن الألم أمرًا شائع الحدوث، وإذا كان التشويه يتم باستخدام شفرات غير معقمة، فمن المحتمل حدوث عدوى. على المدى البعيد، يمكن أن تصبح الولادة صعبة ومحفوفة بالمخاطر لكل من الأم والطفل على حدٍ سواء. وقد يصبح الجماع مؤلمًا أيضًا، ووفقًا للعمر الذي تخضع فيه الفتاة للختان، فقد تعاني أيضًا من مشكلات في الصحة العقلية نتيجة للصدمة النفسية إذا تمكنت من تذكر الحدث.

يقول أولئك الذين يحاولون الحد من هذه الممارسة إنها معركة شاقة لأنه لم يتم إنجاز الكثير في تكرار التدخلات الناجحة من بلد إلى آخر.

قالت سارة هايفورد، أستاذة علم الاجتماع بجامعة ولاية أوهايو، “لا نعرف ماهية التدخل الجيد ضد ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، حيث إن ما ينجح في بلد أو منطقة ما لا يكون فاعلاً بالضرورة في بلد آخر. من الصعب معرفة مكان استثمار الموارد، ولهذا السبب من المهم إجراء مثل هذه الدراسات المحلية الصغيرة لمعرفة الإجراء الفاعل.”

لم تشارك هايفورد في إجراء البحث السوداني، لكن عملها في الماضي ركز على انتشار تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في مصر.

 الوصول إلى الفتيات في السودان

في الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة الصحة لشرق المتوسط التابعة لمنظمة الصحة العالمية، أجرى خبراء الصحة العامة تدخلاً تربويًا في مدرستين ثانويتين في السودان، استهدف 154 فتاة تتراوح أعمارهن ما بين 14 و17 عامًا ممّن وافقن على المشاركة في البحث. تعرض ما يقرب من ثلث هؤلاء الفتيات لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.

تضمن التدخل عرض مقطع فيديو تصف فيه فتاة خضعت للإجراء مضاعفاته وآثاره الطويلة الأمد، فضلاً عن محاضرة مرفقة بوسائل بصرية ألقاها خبير طبي حول هذه القضية. أكملت المشاركات استبيانات حول مواقفهم من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية قبل التدخل وبعد ذلك بستة أسابيع.

بالإضافة إلى ذلك، أجريت المسوحات على طلاب مدارس لم يحدث فيها أي تدخل. أظهرت النتائج أن الآراء السلبية تجاه تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية زادت بشكل كبير من خلال برامج التوعية التعليمية.

تقول مؤلفة الدراسة إسراء محجوب، باحثة الصحة العامة في جامعة النيلين الحكومية بالخرطوم، “أثبتنا أن بإمكاننا، من الناحية الإحصائية، تغيير المواقف ولم يستغرق الأمر منا أكثر من يوم واحد. إذا استطعنا تغيير الأفكار في يوم واحد، تخيل ما سيحدث لو أننا أضفنا المزيد من الأيام إلى البرنامج كجزء من مناهج العلوم الخاصة بهم.”

التعليم وحده لا يكفي. التعليم يمثل المرحلة الأولى. إنها نقطة جيدة للانطلاق.

نهلة عبد التواب
ممثلة مجلس السكان الدولي بمصر  

تأمل محجوب أن يؤدي تثقيف الفتيات المراهقات حول مخاطر هذه الممارسة وتأثيراتها السلبية إلى اتخاذهن قرارات أكثر استنارة عندما يتعلق الأمر بإنجاب أطفال. قالت، “خلال بضع سنوات، سيصبحن أمهات وسوف يقررن ما إذا كانت بناتهن سيخضعن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو لا.”

لا حلّ وحيد وشامل للمشكلة

لم يتم تحديد العدد الدقيق للفتيات والنساء اللاتي خضعن لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، لكن منظمة اليونيسف تقدر أن هذا الرقم لا يقل عن 200 مليون فتاة في 30 دولة، معظمها في أفريقيا جنوب الصحراء والبلدان العربية. تشهد الصومال وجيبوتي أعلى معدل لانتشار هذه الممارسة في المنطقة العربية، حيث خضعت 98 في المئة و93 في المئة، على التوالي، من الفتيات والنساء فوق سن 15 عام لهذا الإجراء. في كل من مصر والسودان تبلغ هذه النسبة 87 في المئة، وفي موريتانيا 69 في المئة. إلا أن هذه الممارسة أقل شيوعًا في اليمن بنسبة 21 بالمئة والعراق بنسبة 9 بالمئة. (اقرأ التقرير ذو الصلة: البحوث: الوسيلة الأخيرة لمحاربة ختان الإناث في العالم العربي).

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

يعتقد نشطاء الصحة العامة أن أبحاث محجوب قيَمة وتوفر المعلومات والبيانات المطلوبة بشدة، لكنهم يحذرون من أنها ليست السلاح الأنجع.

تقول نهلة عبد التواب، ممثلة مجلس السكان الدولي بمصر، وهي منظمة دولية غير حكومية تنتج أوراق بحثية حول قضايا الصحة والتنمية، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، “التعليم وحده لا يكفي. التعليم يمثل المرحلة الأولى. إنها نقطة جيدة للانطلاق.”

وأضافت أن الجهود التعليمية يجب أن تكون مصحوبة بمجموعة من الإجراءات الأخرى بهدف دعم أي أمل في خفض معدلات تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، مثل إنفاذ القانون بشكل مناسب. في مصر، على سبيل المثال، تم تجريم هذا الإجراء في عام 2008، لكنه لا يزال شائعًا ويتم تنفيذه حتى من قبل الأطباء والممرضات في المجال الطبي.

قالت “نحتاج إلى أن يقول الأطباء إن الأمر غير ضروري.” موضحة أن ذلك سيمكن النساء من إخبار حماتهن أو أزواجهن بأنهن قد شاهدن طبيبًا وسألوه عما إذا كان الإجراء ضروريًا لبناتهن، “لكن هذا لن ينفع إذا كان الأطباء يقولون نعم.”

في السودان، تتعارض هذه الممارسة مع القانون أيضًا، فعلى الرغم من أنه قد يكون واسع الانتشار، إلا أن محجوب تقول إنه من غير المسموح به تقريبًا أن يقوم الطبيب بإجراء الختان. وقالت إنهم سيواجهون خطر خسارة وظيفتهم كأطباء.

 تصميم التدخلات

يوضح التشابه والاختلاف المتزامنين بين بلدين متجاورين سبب صعوبة تكرار دراسات الحالة الناجحة من بلد إلى آخر، بحسب عبد التواب. قالت، “للأسف، لا يمكنك استنساخ الحلول.”

لهذا السبب هناك حاجة لإجراء مزيد من الأبحاث المشابهة لبحث محجوب، لأن الخبراء يقولون إنها ستتخذ مقاربة مصممة خصيصًا للقضاء على هذه الممارسة في المجتمعات المختلفة في جميع أنحاء المنطقة.

في بعض البلدان، مثل السودان، غالبًا ما يكون القرار بيد الأب وليس الأم عندما يتعلق الأمر ببناتهن وبتر الأعضاء التناسلية الأنثوية. لهذا السبب، سترحب محجوب بمزيد من مشاركة الرجال في الكفاح ضد هذه الممارسة، لكنها تقول إنه سيكون من المستحيل ثقافيًا بالنسبة لها القيام بذات التدخلات التعليمية للفتيان المراهقين.

قالت “سيكون من المقبول أن يكون الشخص الذي يقدّم هذه المعلومات [للأولاد] رجلًا.” لكنها تقول إن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يحاربون تشويه الأعضاء التناسلية للإناث من النساء، ولذلك لن يكون العثور على مرشح مناسب لتعليم الأولاد المراهقين بالأمر السهل.

في الوقت الراهن، ترغب محجوب في القيام بنسخة أكبر من الدراسة، مع التركيز على الفتيات.

قالت “أخطط في المستقبل للقيام ببحث بذات المفهوم، لكن ربما من خلال برامج لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، وأن أتابع ذات الطالبات لمدة ثلاث سنوات من التقييم.”

يرحب الخبراء الآخرون بهذا النهج. قالت عبد التواب “سأكون مهتمة بمعرفة ما إذا كانت الفتيات متمسكات بقراراتهن وآرائهن على مدى فترة زمنية أطول.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى