أخبار وتقارير

مكتبة قطر الوطنية تشجّع الشباب على دراسة العلوم

عندما حضر ياسين محمّد، الطالب في الصف الحادي عشر، محاضرة “التطور: بين العلم والأسطورة”، كان يعتقد أن نظرية التطور تعني في الغالب أن البشر قد انحدروا من القرود، وكان يعتقد أن الفكرة تتناقض مع النظرة الإسلامية بخصوص خلق آدم.

غيّرت المحاضرة، والتي عُقدت كجزء من منتدى الكتاب العلمي الذي استضافته مكتبة قطر الوطنية لتشجيع الشباب على قراءة العلوم وتصحيح المفاهيم الخاطئة الشائعة عن العلم، آراء محمد حول نظرية التطور.

قال “تغيّرت فكرتي عن التطور تماما بعد المحاضرة. الموضوع أكثر تعقيدًا من عبارة “الإنسان ينحدر من القرود”، التي سمعناها جميعًا. دفعني هذا النقاش إلى قراءة المزيد حول هذا الموضوع.”

يوفر المنتدى للحضور فرصة للتحدث مع العلماء – من الحاصلين على جوائز نوبل إلى مستكشفي الفضاء – وطرح الأسئلة عليهم. تأمل المكتبة، من خلال هذا التفاعل والوصول إلى الكتب العلمية، في تعزيز تعليم العلوم بين الأطفال في البلاد.

قالت سهير وسطاوي، المديرة التنفيذية للمكتبة، “تعكس المكتبة احتياجات المجتمع ونحن بحاجة دائمة إلى وجود العلماء في هذا الجزء من العالم. من خلال إتاحة البيئة لمناقشة المواضيع العلمية، نقوم بتوسيع قاعدة الأطفال المهتمين بالعلوم حتى يتمكنوا من اختيار ذلك كمهنة عندما يصبحون أكبر سناً.”

تحاول قطر تشجيع المزيد من الطلاب على اختيار دراسة مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وهو ما يُعتبر مطلبًا مهمًا لاقتصاد قائم على المعرفة من شأنه أن يقلل من اعتماد الدولة على عائدات النفط والغاز. لا تعتبر قطر دولة منتجة للنفط بقوة توازي إنتاج جيرانها، لكنها أكبر دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، بحسب البنك الدولي. بينما بدى التقدم في تنويع الإيرادات بطيئًا.

تشير ورقة حول إصلاح تعليم العلوم في قطر إلى أن الإصلاح في البلاد حقق نجاحًا محدودًا. لا تزال درجات الطلاب أقل من المتوسط الدولي في اختبارات الاتجاهات الدولية في دراسة الرياضيات والعلوم (TIMSS) وبرنامج تقييم الطلاب الدوليين (PISA). في الدراسة، عزا منسقو ومعلمو العلوم النتائج المتوسطة بشكل أساسي إلى عدم وجود دافع للطلاب لتعلم العلوم.

توصل تقرير اليونسكو لعام 2008 حول تحسين تعليم العلوم في الدول العربية، والذي قدم نتائج مشروع لإصلاح تعليم العلوم في المنطقة العربية، إلى استنتاجات مماثلة. بالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير أن تحسين تعليم العلوم يتطلب استخدام أشكال جديدة من التعليم المتمحور حول الطالب وإدخال مناهج تستند إلى الاستقصاء في المدارس لمساعدة الطلاب على تطوير التفكير الإبداعي والنقدي.

يعتقد عبد الحميد إسماعيل، المدرس في مختبر للفيزياء في قطر، أن التعرض للمفاهيم العلمية من خلال الكتب والمناقشات مع العلماء في المنتدى يمكن أن يلهم الطلاب على التفكير الإبداعي والنقدي. حيث يمكن أن تساعد هذه الجهود الطلاب أيضًا على فهم المفاهيم المجردة التي يدرسونها في المدرسة وإثارة فضولهم لقراءة المزيد عنها.

قال “السؤال الذي يطرحه الطلاب كثيرًا هو: كيف سأستفيد من هذا الدرس؟ لا يمكنهم فهم كيفية تطبيق ما يدرسونه في درس الفيزياء أو الكيمياء في الحياة الحقيقية.”

“تعكس المكتبة احتياجات المجتمع ونحن بحاجة دائمة إلى وجود العلماء في هذا الجزء من العالم. من خلال إتاحة البيئة لمناقشة المواضيع العلمية، نقوم بتوسيع قاعدة الأطفال المهتمين بالعلوم حتى يتمكنوا من اختيار ذلك كمهنة عندما يصبحون أكبر سناً.”

سهير وسطاوي
 المديرة التنفيذية لمكتبة قطر الوطنية

منذ إطلاقه في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، استقطب المنتدى  3,705 مشاركًا بمتوسط 300 إلى 600 مشارك لكل حدث، بحسب المنظمين. وشملت موضوعات النقاش استكشافات الفضاء وتغير المناخ والتصحر والطاقة المتجددة. تقول وسطاوي إنه كلما كان موضوع الحدث وثيق الصلة بالمنطقة العربية أو بقضية دولية حالية، كلما جذب الحدث جمهورًا يرغب في فهم التفسير العلمي وراء هذا الموضوع.

لا تبتعد المكتبة عن مناقشة المواضيع الأكثر تعقيدًا أو حساسية، كما يظهر جليّا من خلال محاضرة التطور.

قال عصام حجي، رئيس المنتدى، والباحث في علوم الأرض وعلوم الكواكب، “ليس هناك موضوع خارج حدود المناقشة في المكتبة. لا يتعلق هذا بالإيمان أو عدم التصديق، المسألة تتعلق بالفهم.”

على هذا النحو، توفر المكتبة مساحة آمنة للمعلمين والطلاب للالتقاء خارج الفصول الدراسية واستكشاف موضوعات مثيرة للجدل بطريقة أكثر عمقا وبشكل لا يمكن أن يتوفّر على الدوام في المدرسة بسبب ضيق الوقت، والمناهج الدراسية المعبأة والحساسيات الثقافية.

في منتدى التطوّر، قالت لورين ماركوس، منسقة برامج تعليم الموهوبين في مدارس مؤسسة قطر، “إنها فرصة رائعة للطلاب للخروج من الفصول الدراسية والاستماع إلى الخبراء في هذا المجال. كانت الأسئلة التي طرحوها مذهلة وقد تم طرحها بطريقة محترمة تتضمن وجهات نظرهم الدينية قبل أن يستمعوا بعقلانية للخبراء العلميين.”

بالإضافة إلى منتدى العلوم، تنظم المكتبة أنشطة للأطفال والباحثين والأمهات من ربّات المنازل والشباب. من خلال تلبية احتياجات الأشخاص ذوي القدرات المعرفية والمستويات التعليمية المختلفة، تقول وسطاوي أن المكتبة تؤدي دورها العام كمؤسسة عامة شاملة.

قالت وسطاوي “تغير دور المكتبة بفضل التقنيات الحديثة وتوافر المعلومات على الإنترنت. لم تعد المكتبات مجرد حاويات للمعلومات، بل مساحات اجتماعية ومنصات للتعلم.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى