*ملاحظة المحرر: تم إضافة مواد جديدة في نهاية التقرير.
تمتلئ الاحتجاجات التي عمّت أرجاء لبنان الأسبوع الماضي بمجموعة مختلفة من المشاعر. ففي لحظةٍ ما، هناك غضب كما يظهر في شريط فيديو لامرأة تركل حارساً شخصياً لوزير التعليم كان يطلق النار في الهواء بهدف إخافة الحشود. في اللحظة التالية، هناك روح دعابة وبعد لحظات هناك احتفال يشبه سهرات الملاهي الليلية، مع امتلاء الساحات العامة بالراقصات والأضواء المتموّجة.
في محاولة لالتقاط الصورة الأوسع لما يحدث، جمع محررو الفنار للإعلام صورًا ومقابلات ومقاطع فيديو ورسومات تخطيطية لما يحدث في الشارع، سنقوم بتحديثها مع استمرار الاحتجاجات.
لا تخلو الاحتجاجات من الألم، حيث إنخرط بعض المتظاهرين في أعمال تخريب عشوائية ولقي بعض الأشخاص حتفهم على الأقل. قد حوصر اثنان من العمال السوريين في مبنى تم إحراقه. أفادت الأنباء عن إصابة العشرات من المتظاهرين على شاشات التلفزيون في المدن والبلدات الجنوبية، مثل النبطية، حيث يسيطر حزب الله وحركة أمل، وكلاهما أحزاب تابعة للطائفة الشيعية. تشير التقارير الواردة من الجنوب إلى أن الشرطة المحلية الخاضعة لسيطرة تلك الأحزاب تحاول إنهاء الاحتجاجات خشية أن تفقد الطوائف السيطرة السياسية.
حتى وقت كتابة هذه السطور، تم إغلاق العديد من المدارس والجامعات والبنوك والطرق في لبنان. (اقرأ التقرير ذو الصلة: أساتذة لبنانيون يطلقون “مدرسة المشاغبين”).
وخضعت المؤسسات العامة إلى حالة من الشد والجذب السياسي، حيث يريد المتظاهرون إغلاقها للحفاظ على زخم الاحتجاج فيما يطالب مؤيدو النظام الحالي بفتحها.
يصف بعض اللبنانيين الاحتجاجات بأنها “بداية نهاية الحرب الأهلية.” ترك الصراع الذي انتهى في عام 1990 نظامًا سياسيًا مقسومًا بشكل متقن بين الطوائف بهدف أن يكون شكلًا من أشكال تقاسم السلطة. لكن الجمهور بدأ ببطء في ملاحظة شهية أولئك الموجودين في السلطة للفساد، في بلد يعاني من ثالث أسوأ عبء للدين العام في العالم. وجدت إحدى التحليلات أن واحد بالمئة من سكان لبنان يجمعون 25 بالمئة من الدخل القومي. يحتل لبنان المرتبة 138 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد في منظمة الشفافية الدولية. يتحكم قادة الطوائف إلى حد كبير في وظائف الخدمة المدنية وفقًا لنظام المحسوبية. لا تصل الخدمات العامة، مثل جمع القمامة والكهرباء والمياه النظيفة، إلى نسبة كبيرة من السكان، هذا إذا كانت تعمل أصلاً.
في الواقع، كانت الاحتجاجات الكبرى الأخيرة في لبنان في عامي 2015-2016، بسبب فشل الحكومة في حل أزمة التخلص من النفايات. في هذه المرة، يبدو أنه ليست هناك قضية واحدة – الرعاية الصحية أو البطالة أو التعليم أو الخدمات الحكومية الأخرى – تُمثّل محور غضب المحتجين. بدلاً من ذلك، يقول المحتجون أن صبرهم قد نفذ مع حكومتهم – الرئيس والبرلمان والحكومة – بشكلٍ تام. كما طالبوا بمقاضاة السياسيين، بمن فيهم السياسيون السابقون، مرددين شعار “كلّن يعني كلّن” بما يعني عدم استثناء أي زعيم سياسي.
في نظر العديد من المتظاهرين الشباب، تحولت الحرب الأهلية بين الطوائف إلى حرب بين الطبقة الحاكمة وبقية شعب لبنان. حيث انتشرت صورة على وسائل التواصل الاجتماعي تأخذ خريطة للطوائف وتحولها إلى لبنان موحد. بالنسبة للشعب، لم تعد المزحة القائلة بأن لبنان يثبت أنه لا يمكن أن توجد دولة بدون حكومة مضحكة بعد الآن.