تُظهر ثلاثة أفلام وثائقية جديدة آثار الصراعات العسكرية على الحياة اليومية في المنطقة العربية: استغلال الفتيات العراقيات الضعيفات في أعقاب الحرب، ومعاناة الأسر الحلبية في ظل الحصار، والنضال من أجل الأمل في غزة المحاصرة.
مهمّة سرية مع رجال الدين، تجارة الجنس السرية في العراق
في تحقيق سري أجرته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي العربية، فضحت الصحافية نوال المغافي رجال الدين الذين يستغلون الشابات والفتيات من خلال الاتجار بهن لممارسة الجنس تحت مسمّى زواج المتعة، وهو أمر غير قانوني بموجب القانون المدني العراقي.
يدعي بعض رجال الدين الشيعة أن هذه الممارسة، التي تسمح للرجل بدفع ثمن حصوله على زوجة مؤقتة، مسموح بها بموجب الشريعة الإسلامية، لكن التحقيق “العراق: تجارة جنس سرية ضحاياها فتيات قاصرات“، تُظهِر واقع فتيات صغار يقعن ضحية زيجات تستمر لمدة ساعة واحدة أو بضعة أيام فقط.
في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، قال آية الله السيستاني، وهو أحد أبرز الشخصيات الدينية في الإسلام الشيعي: “إن هذه الممارسات إن كان لها واقع كما ذكرتم فهي مدانة ومستنكرة بكل تأكيد. الزواج المؤقت لا يسوغ أن يتخذ وسيلة للمتاجرة بالجنس بالطريقة المذكورة التي تمتهن كرامة المرأة وإنسانيتها”.
في الشوارع المحيطة بالأضرحة الدينية في الكاظمية، يبدو أن سوء معاملة الفتيات واسع الانتشار. من بين رجال الدين العشرة الذين تم الاتصال بهم، أخبر ثمانية منهم المراسلين السريين، المتنكرين بصفة زبائن محتملين، أنهم يستطيعون ترتيب زواج المتعة. في إحدى المحادثات، قال رجل الدين “تسع سنوات وأكثر، ليست هناك مشكلة … يمكنك فعل ما تريد.”
في مشهد آخر، يسأل المراسل رجل الدين عما إذا كان يجب أن يكون قلقًا بشأن استغلال فتاة صغيرة. “ماذا لو تعرضت للأذى؟” يزيل رجل الدين مخاوفه قائلاً، “هذا بينك وبينها.”
في وقت لاحق، يتم تسليط الكاميرا على مشهد يديه السمينتين وهما تعدّان مبلغ قدره 200 دولار أميركي مقابل عقد زواج متعة مع فتاة يُعتقد أنها في الثالثة عشرة، في مراسم أقيمت عبر الهاتف. قال “أنت الآن متزوج ويمكنك ممارسة الجنس.”
يلقي الفيلم أيضًا الضوء على الوضع الذي تواجهه الفتيات اللاتي يتعرضن للضغوط من أجل زيجات المتعة. كانت منى (اسم مستعار) في الرابعة عشرة من عمرها فقط عندما تعرضت للترهيب بهدف الزواج من رجل أكبر سنًا منها في ترتيب بقي سرًا عن والديها. عندما حاولت منى التوقف عن رؤيته، أخبرها أنه قد صورها برفقته وهدد بعرض الفيديو على الناس. شعرت منى بالرعب في أعقاب ذلك. قالت “لذلك فعلت أي شيء يطلبه.”
تعيش منى الآن في خوف من أن تكتشف أسرتها أنها لم تعد عذراء. قُتلت ابنة عمها على يد عمها واخوانها بسبب وجود صديق لها وهي الآن تفكر في الانتحار قبل أن يعرفوا الحقيقة. قالت للمغافي “إذا شعرت بمزيد من الضغط، فسأفعل ذلك.”
يُظهر هذا الفيلم الوثائقي الذي يستغرق عرضه ساعة واحدة والذي تم بثه لأول مرة في مطلع شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وهو متاح حاليًا عبر الإنترنت، قدرة الصحافة الإذاعية الاستقصائية على كشف الانتهاكات التي لم يتم التحقق منها.
تضع ينار محمد، الناشطة التي تدير ملاجئ نسائية في العراق، ممارسة زواج المتعة في سياق التراجع في حقوق المرأة بعد 15 عامًا من الحرب في العراق وتنامي نفوذ رجال الدين. وتقول إن بعض هؤلاء النساء والفتيات يجدن طريقهن إلى الملاجئ، لكن الكثير منهن ينتهي بهن الحال في بيوت الدعارة حيث يعشن حياة قصيرة وغير سعيدة. قالت “دائمًا ما تدفع الفتيات والنساء الثمن.”