تسببت عقود من الحرب والعزلة الدولية في تأخر العلماء العراقيين عن نظرائهم في البلدان الأخرى في نشر مقالات أكاديمية عالية الجودة، لا سيما في العلوم الاجتماعية والإنسانية التي غالبًا ما تتعرض للتجاهل.
هذا العام، بدأ مشروع بريطاني عراقي تعاوني في محاولة حل هذه المشكلة، من خلال تقديم سلسلة من ورش العمل في جامعات في جميع أنحاء العراق يتعلم من خلالها العلماء الحاصلين على درجة الماجستير والدكتوراه كيفية نشر أعمالهم في المجلات الصادرة باللغة الإنجليزية. تكشف ورش العمل عن بعض المشكلات الهيكلية الموجودة في النشر الأكاديمي في العديد من الدول العربية، فضلاً عن إتاحة الفرصة لنقل أبحاث مهمة جديدة ذات صلة بالعالم العربي إلى الصعيد الدولي.
تم إطلاق ورش عمل النشر العراقية من قبل مهيار كاظم، وهو مؤرخ عراقي تابع لشبكة نهرين في كلية لندن الجامعية. تدعم شبكة نهرين تقديم منح دراسية في التراث الثقافي والإنساني في العراق وشمال سوريا.
قالت سارة كاماتشو فيليكس، المتخصصة في التعليم الدولي في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، والتي تساعد في تنظيم هذه الندوات، “يعرف العلماء العراقيون المنطقة بشكل أفضل من أي عالم أجنبي. تتمحور هذه الورش حول قدرة العراقيين على امتلاك النتائج التي تخرج من العراق، وتوجيه كيفية كتابة تاريخه وتقديم صورة عن وضعه.”
تعتقد فيليكس أن ورش العمل تهدف للإجابة على أسئلة مثل “كيف يكتب المرء للمجلات الأكاديمية الدولية؟ ما الذي يريدونه، وكيف تكتب لهم بطريقة تسهّل الاستماع إليك ونشر أعمالك؟”
قالت ” أخبرنا المشاركين في ورش العمل عن القواعد غير المعلنة التي تتبعها المجلات في الولايات المتحدة وأوروبا. إنهم يبحثون عن حجة أكاديمية واضحة المعالم، مكتوبة وفقًا لبنية معينة.”
وأضافت “قد تتوفّر لديك الحجة، لكن إذا لم تذكرها على الفور، فلن يرى محرر المجلة الأميركية أو البريطانية أو المراجع الأكاديمي ذلك.”
عقدت الورشة الأولى في جامعة السليمانية التقنية في شمال العراق في أيار/ مايو، بحضور حوالي 100 باحث عراقي في تخصصات مثل الإعلام والاتصالات والتاريخ وتعليم اللغة والقانون والتراث الثقافي.
قالت “كان رد الفعل مذهلاً. لقد كانوا توّاقين للمعرفة. كان هناك اهتمام عميق، وكانوا منتبهين وطرحوا أسئلة جيدة بشكل مثير للدهشة. كان هناك الكثير من العمل الجماعي، وكانوا يساعدون بعضهم البعض. كان هناك على الدوام ضوضاء في الغرفة.”
وأضافت فيليكس إن بعض المشاركين يعتقدون أنهم مُنعوا من النشر في المجلات الدولية بسبب أوجه القصور في إجادتهم للغة الإنجليزية. قالت لهم “لا يتعلق الأمر بلغتك الإنجليزية. ليست اللغة الإنجليزية الأكاديمية اللغة الأم لأيّ شخص.”