كشفت دراستان جديدتان أن شهادات الوفاة في الشرق الأوسط غير دقيقة في كثير من الأحيان، مما يجعل من الصعوبة بمكان تحديد أسباب الوفاة التي يتوجب على الباحثين وأخصائيي الصحة العامة تركيز جهودهم عليها.
جمعت الدراسة الأولى، المنشورة في مجلة الطب الشرعي والطب العدلي، نتائج خمس أوراق بحثية منفردة سجلت أو ذكرت أخطاء في شهادات الوفاة في جميع أنحاء المنطقة.
يعتبر تحديد مدى دقة شهادات الوفاة في الشرق الأوسط صعبّا بحد ذاته. بحسب مؤلفي الدراسة، تتفاوت معدلات الخطأ في الدول العربية المختلفة، لكن ليست هناك بيانات كافية لتعيين نسبة محددة لكل بلد بشكل موثوق. ويقدر الباحثون أن لمعظم دول الشرق الأوسط معدل خطأ يتراوح بين 15 و40 في المئة. حتى معدلات الخطأ في الحد الأدنى من السلّم كبيرة بما يكفي لتقويض دقة البحوث العلمية التي تعتمد على شهادات الوفاة.
قال محمد مدَدين، الأستاذ المشارك في الطب الشرعي بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل في المملكة العربية السعودية وأحد مؤلفي الدراسة، “تجاوزتُ مرحلة الذعر والصدمة. أحاول الآن جمع المزيد من الأدلة والمعلومات لوصف المشكلة حتى نتمكن من البدء بحلها.”
أخطاء متكررة
تضمنت الأخطاء الأكثر شيوعًا التي لاحظها مدَدين وزملاؤه في شهادات الوفاة الفشل في تفصيل الفاصل الزمني بين بداية سبب الوفاة والموت نفسه، واستخدام لغة الشخص العادي بدلاً من المصطلحات الطبية الدقيقة، وعدم وجود توقيع الطبيب، وحتى الفشل في ذكر سبب الوفاة نفسه.
ويشك أيضًا في سبب الوفاة المسجل في العديد من الحالات. على سبيل المثال، يقول إنه من الشائع جدًا كتابة “السكتة القلبية” كسبب للوفاة دون أي أدلة داعمة. ويوضّح إن السكتة القلبية تعني توقّف تدفق الدم لأن القلب قد توقف عن الخفقان، لكن يجب أن يدرج ذلك كآلية للوفاة وليس كسبب أولي لها.
تدعم دراسة ثانية، نُشرت مؤخرًا في المجلة الصحية لشرق المتوسط التابعة لمنظمة الصحة العالمية، نتائج مدَدين على نطاق أكثر محلية في العراق. إذ استخدم الباحثون في جامعة هولير الطبية في أربيل شهادات الوفاة لإجراء مراجعة لمعدل الوفيات في المدينة العراقية الشمالية بين عامي 2007 و2011. وبينما تمكنوا من تحديد معدل الوفيات في المدينة، وجدوا أيضًا عددًا مثيرًا للقلق من الحالات الغريبة في شهادات الوفاة التي قاموا بفحصها.
إذ اكتشفوا أن ما يقرب من 28 في المئة من شهادات الوفاة الصادرة في أربيل خلال الإطار الزمني المذكور لم تتضمّن أية بيانات عن سبب الوفاة، مما قادهم إلى استنتاج أن “الاستخدام الوحيد لشهادة الوفاة في أربيل هو لغرض الدفن والقضايا القانونية،” وليس بهدف تسجيل سبب الوفاة بشكل صحيح.