أخبار وتقارير

جامعات الجزائر تهجر الفرنسية وتعتمد الإنجليزية

يواجه اقتراح وزير التعليم العالي الجزائري لتعزيز اللغة الإنجليزية كلغة رسمية للتدريس والإدارة في جامعات البلاد ردود فعل متباينة من قبل الطلاب والأساتذة.

ففي نيسان/ أبريل الماضي، نشر طيب بوزيد، الذي تم تعيينه وزيرًا للتعليم العالي، اقتراحه على صفحته على موقع فيسبوك في 20 آب/ أغسطس، في ختام ندوة وطنية للجامعات الجزائرية.

كتب بوزيد “من أجل زيادة مرئية النشاط التعليمي والبحثي لمؤسسات التعليم العالي، وكذا تفتحها على المحيط الدولي … فقد تقرر تنصيب فوج تفكير قطاعي، يضم مختصين في الميدان ومسؤولين بالإدارة لتقديم مقترحات عملية لتعزيز استخدام اللغة الإنجليزية في التدريس والبحث.”

كان بوزيد مدافعاً قوياً عن اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة تدريس رئيسية في التعليم العالي الجزائري، والاعتماد بدرجة أقل على الفرنسية، لغة القوة الاستعمارية السابقة. في منصبه السابق كرئيس لجامعة باتنة 2، من 2015 إلى 2019، دعا بوزيد إلى استبدال اللغة الفرنسية تدريجياً باللغة الإنجليزية، وفقًا لموقع الوطن الأخباري الجزائري.

في رسالة إلى رؤساء الجامعات في البلاد في تموز/ يوليو، طلب الوزير كتابة المراسلات الرسمية باللغتين العربية والإنجليزية. وفي حديثه في جامعة منتوري في قسنطينة في 8 تموز/ يوليو، ذكرت صحيفة الوطن أن بوزيد قال: “الفرنسية لا تأخذك إلى أي مكان!”

 استطلاع جوجل يرجح كفّة الانجليزية

في آب/ أغسطس، نشرت وزارة التعليم العالي استطلاعًا عبر محرك البحث جوجل Google على موقعها على الإنترنت، وتم سؤال المشاركين عما إذا كانوا يدعمون استخدام اللغة الإنجليزية كلغة للتدريس. من بين 94,060 شخصًا شاركوا في الاستطلاع، ذكرت الوزارة أن  94.3في المئة صوتوا لصالح الاقتراح. (لا تعتبر مثل هذه الاستطلاعات عبر الإنترنت، بالطبع، موثوقة مقارنة بالاستطلاعات التي تأخذ عينة تمثيلية من السكان.)

قال عز الدين العياشي، المتخصص في السياسة والاقتصاد في شمال أفريقيا وأستاذ العلوم السياسية بجامعة سان جون في نيويورك، “المشكلة الأكبر في هذا الاقتراح تتمثل في أنه يأتي في وقتٍ غير مناسب.”

منذ شهر شباط/ فبراير، شاركت أعداد كبيرة من الجزائريين في حركة شعبية لتغيير حكومة البلاد وإحداث إصلاح أساسي. وقد كان حضور الطلاب بارزًا في المظاهرات الأسبوعية التي شارك فيها الآلاف. (اقرأ التقرير ذو الصلة: طلاب الجزائر يقوضون أحلام بوتفليقة بولاية خامسة).

قال العياشي “لا يعتبر المتظاهرون هذه الحكومة شرعية. إنهم يعتقدون أن من الواجب أن تكون هناك حكومة انتقالية، وأن النظام الحالي يجب ألا يقوم بتغيير السياسات. يريد الجمهور التخلص من هؤلاء الأوغاد.”

ومع ذلك، يأخذ العديد من الطلاب هذا الاقتراح على محمل الجد. وينظر إليه البعض بدعم حذر، فيما ينتاب البعض الآخر شعور بالقلق.

على سبيل المثال، أيّد عنتر بن ساري، الطالب في معهد البصريات الدقيقة في جامعة فرحات عباس في سطيف، شرق الجزائر، اقتراح الوزير، ووصفه بأنه “مهم للغاية”. وقال إن أحدث وأفضل الأبحاث في مجال البصريات الدقيقة تنشر باللغة الإنجليزية، في حين تتأخر المصادر الفرنسية لمدة شهور أو حتى سنوات.

لكن بن ساري أشار إلى أن الانتقال من الفرنسية إلى الإنجليزية سيكون صعبًا على العديد من الطلاب والأساتذة، لأن معظم الجزائريين تلقوا تعليمهم باللغة الفرنسية منذ الدراسة الابتدائية صعودًا.

قال “أعترف أن مستواي في اللغة الإنجليزية متوسط، لكنني أرحب بفكرة تعميم اللغة الإنجليزية، وسأعمل جاهدًا لتحسين أدائي في هذه اللغة. آمل أن يكون بحثي في الدراسات العليا العام المقبل باللغة الإنجليزية. وأعتقد أن اللغة الإنجليزية هي المستقبل في الجزائر.”أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

 ردود فعل متباينة في سوق العمل

من ناحية أخرى، عبرت فريال عيمور، طالبة اللغة الفرنسية في الصف الثاني بمعهد اللغات بجامعة بوزريعة بالجزائر العاصمة، عن قلقها من زيادة الاستخدام الأكاديمي للغة الإنجليزية.

https://www.bue.edu.eg/

قالت “اخترت التخصص في اللغة الفرنسية لأنها اللغة الرئيسية لسوق العمل.

تتطلب معظم المناصب المفتوحة إجادة اللغة الفرنسية، ولاسيما في مجال التعليم.” على الصعيد الدولي، يشير العديد من المدافعين عن اللغة الفرنسية إلى أنها لغة التخاطب في خمس قارات، بما في ذلك إفريقيا وأميركا الشمالية (ولا سيما إقليم كيبك)؛ وأن عدد المتحدثين باللغة الفرنسية ينمو، وأنها لغة شعبية في الدبلوماسية وعلى الإنترنت.

لكن عيمور تخشى أن تتناقص فرص العمل المتاحة للناطقين بالفرنسية. الموقف السلبي للوزير تجاه الفرنسية جعلها تفكر في التوقف عن دراسة الفرنسية ودراسة تخصص آخر.

قال العديد من الطلاب إن هناك عقبات عملية أمام الانتقال من الفرنسية إلى الإنجليزية. إذ عبّر رضوان جابر، الطالب في الصف الخامس في كلية الطب بجامعة الجزائر، عن شكوكه حيال إمكانية التطبيق العملي لاستبدال اللغة الفرنسية بالإنجليزية عند تدريس الطب.

قال “لا يتقن تسعون بالمائة من الأساتذة الذين يدرّسوننا اللغة الإنجليزية. إنهم وطلابهم جميعًا يفكرون بالفرنسية. يتم تدريس الطب في الجزائر بالكامل باللغة الفرنسية.”

وأضاف “أنا شخصياً لست مستعدًا لمواصلة دراستي الطبية باللغة الإنجليزية. قد أعتمد على اللغة الإنجليزية للبحث، أو لتحسين أدائي التعليمي وحالتي الوظيفية المستقبلية، ولكن تغيير كل شيء إلى اللغة الإنجليزية سيكون أمرًا صعبًا، إن لم يكن مستحيلًا.”

من ناحية أخرى، أضاف جابر بأن “تدريب الطلاب الجدد في كليات الطب وباللغة الإنجليزية من البداية، سيكون له تأثير كبير على تخصص الطب، لأن معظم الأبحاث العلمية والاكتشافات والدوريات الطبية، في العالم باللغة الإنجليزية، وبالتالي فإن تعزيز التدريب في مجال الطب مضمون في هذه الخطة، والتي يجب أن تُدرس بعمق.”

 لفتة سياسية

يفضل عبد الرؤوف مزغاش، أستاذ الإدارة في كلية العلوم الاقتصادية بجامعة عنابة، شرق الجزائر، استخدام اللغة الإنجليزية في التعليم العالي، لكنه اعتقد أن اقتراح طيب بوزيد يمثل خطوة سياسية، الهدف منها جذب الدعم لحكومة غير مُرحب بها.

قال “إنها تأتي استجابة للحركة الشعبية المستمرة، وهي محاولة لإرضاء الأشخاص الذين يكرهون اللغة الفرنسية بسبب الخلفية التاريخية للفترة الاستعمارية التي استمرت لأكثر من 130 عامًا.”

من ناحية أخرى، أضاف مزغاش، “لم تعد اللغة الفرنسية لغة العلم. لقد أضحى دورها العالمي أقل مما كان عليه في السابق، وسوق العمل الدولي يتطلب الآن الإنجليزية بدلاً من الفرنسية.”

يعتقد نصر الدين معمري، أستاذ القانون بجامعة محمد لمين دباغين في سطيف، شرق الجزائر، يمثل اقتراح الوزير خطوة جدية، وليس مجرد لفتة شعبوية. قال “ربع سكان العالم يتحدثون الانجليزية ويفهمونها. كما أن أكثر من 95 في المئة من البحوث العلمية تنشر باللغة الإنجليزية، فضلاً عن كون التجارة والسينما والاتصالات تتم جميعها باللغة الإنجليزية، وبالتالي فإن هذه الخطوة قد تكون إيجابية للغاية.”

Countries

تعليق واحد

  1. اللغة الإنجليزية أفضل في جميع النواحي بالمقارنة مع اللغة الفرنسية, فقط خد بعين الإعتبار كون العالم بأسره يستخدم اللغة الإنجليزية كلغة للتواصل, في السياسة, التجارة, الإنترنت.., و دلك لكونها أكثر بساطة, نطقها جميل و محايد و ليس مخنث كالغة الفرنسية, و تحتوي على مصطلحات أكثر, جميع البحوث المنشورة حاليا تكون باللغة الإنجليزية, حتى في فرنسا عليهم أن ينشروا البحوث باللغة الفرنسية و إلا فلن يزعج أي أحد نفسه بقرائتها. بمعنى آخر إن كان بحثا جيدا و ذا مصداقية فهو بالإنجليزية, السبب الوحيد الذي يجعل بعض الدول الإفريقية تستخدم الفرنسية هو الإستعمار السابق فقط. كمثال المغرب لديه عدد لا بأس به من المتحدثين بالفرنسية, و لكن كدلك الإنجليزية لو لم يستعمر المغرب لكان هناك المتحدثين بالإنجليزية فقط, و هدا لكونها أثبتت نجاعتها, وفرضت نفسها لكونها لغة عملية و تعود بنفعة على المتحدثين بها. هناك من يقول أنه بسبب الإستعمار أغلبية الشركات الأجنبية في دول شمال إفريقيا هي فرنسية إذن علينا أن نتعلمها لكونها مطلوبة في سوق الشغل و لكن ما لا يعرفونه هو أن لغة التجارة العالمية و الأعمال هي الإنجليزية بإمتياز, إذن ليس من المعقول أن نتعلم لغة ميتة فقط لممارسة التجارة مع الدولة المتحدثة بتلك اللغة, بنظرك أتعتقد أن الفرنسيين يحدثون الشركات الأمريكية بالفرنسية عندما يريدون التعامل معهم أم باللغة العالمية؟ و بالإضافة إلى هذا فإن تعلم اللغة الفرنسية للتجارة يفرض علينا أن نفضل الشركات الفرنسية, و ننغلق على العديد من الخيارات الأخرى, شركات عالمية أخرى ستنفع دول شمال إفريقيا أكثر من الشركات الفرنسية و التي هي باقية في المستعمرات السابقة بسبب إتفاقيات تم توقيعها عند خروج فرنسا من المستعمرات في محاولة أثبتت نجاحها للأسف للإبقاء على الإستعمار و لكن بطريقة إقتصادية. هناك أيضا من يقول أن التعليم في دول شمال إفريقيا باللغة الفرنسية, و لكن إختيار اللغة الفرنسية للتعليم كان خطأ فادحا منذ البداية. و تصحيح الخطأ أفضل من الإستمرار في إضاعة الوقت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى