أخبار وتقارير

اليمنيّات: طريق الجامعة ليس مفروشاً بالورود

لا تزال الحرب المدمرة في اليمن تلقي بظلال ثقيلة على التعليم بمختلف مراحله، لكن معاناة الطالبات تبدو متزايدة على نحو كبير.

فعلى الرغم من تفوق الطالبات اليمنيات على الطلاب الذكور في امتحانات الثانوية العامة، بحسب إحصاءات رسمية. إلا أن عدد قليل منهن فقط يلتحق بالجامعات مقارنة بالطلاب الذكور.

ففي عام 2017، بلغت نسبة الحاصلات على المراكز العشر الأولى في امتحان الثانوية العامة نحو 66 في المئة بالقسم العلمي، و80 في المئة بالقسم الأدبي. لكن أقل من 8 بالمئة  منهن فقط التحقن بالجامعة بحسب تقارير وزارة التربية والتعليم.

تقول حليمة جحاف، مديرة مركز النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء “مع الأسف، يتسبب استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الأمنية في ارتفاع نسبة الطالبات غير الملتحقات بالجامعة رغم تفوقهن.” مشيرة إلى أن الانفلات الأمني في بعض المحافظات وما شهدته من اختطافات واغتيالات واستهداف الجامعات لا يشجع الأسرعلى إرسال بناتهن للمدارس أو الجامعات.

يعاني اليمن، كعدد من الدول العربية الأخرى، من ظاهرة عدم المساواة بين الجنسين في مجال التعليم. إذ كلما تقدم المستوى التعليمي يزداد التراجع في عدد الإناث. ففي الوقت، الذي تبلغ فيه نسبة التحاق الفتيات بالمرحلة الأساسية 86 في المئة وبالمرحلة الثانوية 43 في المئة فإن نسبة من يتمكن منهن من الالتحاق بالجامعة لا تزيد عن 7.5 في المئة بحسب إحصائيات لمنظمة اليونسكو. تبلغ نسبة التحاق الذكور بالمدارس الإبتدائية 99 في المئة و 59 في المئة في المرحلة الثانوية.

لا توجد إحصائيات محدثة تخص المرحلة الجامعية، لكن خبراء يقولون إن نسب الالتحاق بالجامعة تنخفض كثيرا مؤخراً بحيب لا تزيد عن 15 في المئة للذكور و 7 في المئة للإناث.

 يعود ذلك إلى قلة عدد مدارس الفتيات في الريف على نحوٍ خاص، فضلاً عن  الظروف المادية للأسر والتي عادة ما تفضل إرسال الذكور للمدارس بينما يتم تزويج الفتيات بسن صغيرة بحسب العادات الاجتماعية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: المرأة اليمنية ونضال مستمر من أجل التعليم).

التعليم أولوية للذكور

لايبدو الالتحاق بالجامعة خياراً ممكناً للكثير من الشابات اليمنيات وإن كن متفوقات في دراستهن الثانوية. إذ لم تتمكن هناء فؤاد من الالتحاق بالجامعة رغم نجاحها بالثانوية العامة بسبب بُعد الجامعة عن قريتها. قالت “الطريق ليس أمناً، والجامعة بعيدة لذا قرر والدي عدم إرسالي للجامعة والإكتفاء بدراستي الثانوية.”

في المقابل، اضطرت وفاء محمد، طالبة سابقة في كلية التجارة في جامعة تعز، إلى إيقاف دراستها الجامعية بعد أن تنصّل زوجها عن تعهده لأسرتها بالسماح لها باستكمال تعليمها الجامعي، كشرط فرضته أسرتها لإتمام عملية الزواج . قالت “كل مُحاولات الأهل لإقناعه بالعدول عن قراره فشلت، ليتم تخييري بين الجامعة أو الطلاق. وطبعا اختارت أسرتي استمرارية زواجي عن تعليمي.”

أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

female students at Hadhramout University
امتحان القبول للطالبات اليمنيات في جامعة حضرموت. (الصورة: جامعة حضرموت)

وبحسب إحصائيات اليونيسف، فإن أكثر من ثلثي الفتيات تم تزويجهن قبل بلوغ سن 18 سنة، مما يعني حرمانهن من استكمال تعليمهن فضلاً عن تعرضهم لانتهاكات جسدية وعنف منزلي. (اقرأ التقرير ذو الصلة: الزواج المبكر للفتيات يعود إلى الواجهة مجدداً).

أما كريمة يوسف عبدالله فتتمنى تحسن ظروف والدها المالية لتتمكن من استكمال تعليمها الجامعي. إذ أنها لم تتمكن من الالتحاق بالجامعة العام الماضي رغم تفوقها بالثانوية العامة نظراً لالتحاق شقيقيها بالجامعة العام الحالي.

قالت “لا يستطيع والدي تحمل تكاليف تعليمنا جميعا، وحيث أن شقيقي تمكنا من النجاح بالثانوية العامة هذا العام فالأولوية لهما لأنهما سيعملان لاحقا ويساعدان في إعالة الأسرة.”

يؤكد علي اليزيدي الحاوري، أستاذ الإذاعة والتلفزيون بجامعة الحديدة، أن استمرار الحرب وانتشار الفقر مع محدودية المقاعد في الجامعات الحكومية؛ “جعل أولويات الأسرة اليمنية في تعليم الذكور. مما يزيد من تأثير الحرب السلبي على الإناث،” على حد قوله.

انعكاسات الحرب

بسبب الحرب، يعيش نحو 78 في المئة من اليمنيين في فقر. ويحتاج 80 في المئة منهم إلى نوع من الحماية الاجتماعية مثل المساعدات النقدية. بينما ارتفع عدد المحتاجين إلى المساعدة الطبية لأكثر من ثلاث مرات، ليصبح 16 مليون شخص بعد أن كان 5 ملايين قبل الحرب.

كما كان للحرب نتائج كارثية على التعليم في البلاد. ففي تقرير صدر العام الماضي، وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) التعليم في اليمن كأحد أكبر ضحايا الحرب الدائرة في البلاد منذُ أكثر من أربع سنوات. وقدر عدد الأطفال خارج المدرسة في اليمن بمليوني طفل في مختلف المحافظات مقارنة بـ 1.6 مليون طفل قبل النزاع، وفقاً لبيانات وزارة التربية والتعليم. كما يعاني التعليم الجامعي من تراجع حاد في جودته ونقص في كوادره وأعداد طلابه. (اقرأ التقرير ذو الصلة:  التعليم العالي في اليمن: فوضى ويأس بسبب الحرب).

وتقود السعودية تحالفاً عربياً عسكرياً ينفذ، منذ 26 أذار/ مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، دعماً لقوات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لإعادته إلى الحكم في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ ايلول/ سبتمبر 2014.

تعتقد بشرى المحطوري، وكيل وزارة التربية والتعليم بحكومة صنعاء أن القصف الجوي المستمر يؤثر سلباً على التعليم بشكل عام وتعليم الفتيات بشكل خاص .

قالت “يتسبب القصف في تدمير المنشآت الاقتصادية وقطع مصادر دخل الأسرة وإيقاف تسديد الأجور، مما يضطر آلاف الأسر للتوقف عن إرسال بناتهن للمدارس والجامعات لحمايتهن وأيضاً لتوفير نفقات تعليمهن.”

مع ذلك، لا يبدو أن رغبة اليمنيات باستكمال تعليمهن في تراجع. إذ تشير دراسة للجنة الوطنية للمرأة بصنعاء؛ استهدفت 898 طالبة في المرحلة الثانوية، وشملت ست محافظات؛ إلى أن 78 في المئة من المبحوثات يرغبن بالالتحاق بالجامعة.

قالت أحلام صالح بن بريك، رئيسة مركز دراسات المرأة بجامعة حضرموت، “هذا مؤشر إيجابي جدا لابد من الإستفادة منه لتشجيع وتوعية ودعم الفتيات وذويهم لاستكمال تعليمهن الجامعي فإعادة بناء اليمن بحاجة لمشاركة كل مواطنيه ذكوراً وإناثاً.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى