أخبار وتقارير

خريجو التعليم المهني في مصر يعملون في ظروف سيئة

بعد تسع سنوات على تخرج سميحة عبد الغفار من دبلوم الثانوي التجاري قسم سكرتارية بمدينة أسيوط جنوب القاهرة “350 كم”، ما زالت تتقاضى 700 جنيه “أقل من 42 دولار” شهريا نظير عملها كسكرتيرة بأحد مكاتب المحاماة. فعلى خلاف ما توقعته، لم تجد فرصة عمل بشهادتها أفضل من ذلك.

قالت “اخترت التعليم الفني لإعتقادي أن فرصه في سوق العمل أكبر، لكنني لم أتمكن من الحصول على وظيفة في القطاع الحكومي ورواتب القطاع الخاص هزيلة.”

تصل أعداد خريجي التعليم الثانوي الفني في مصر إلى حوالي 450 ألف طالب وطالبة سنويا، بنسبة 57 في المئة للذكور و43 في المئة للإناث، موزعين بنسبة 48 في المئة على الشعبة الصناعية و37 في المئة على التعليم التجاري و12 في المئة للشعبة الزراعية وثلاثة في المئة للفندقة، بحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2017 . وعادة ما يمثل التعليم الثانوي الفني نهاية المسار الدراسي للطالب، حيث من المتوقع أن يلتحق بعدة مباشرة بسوق العمل.

مع ذلك، لا يبدو  أن حظوظ الخريجين كبيرة في سوق العمل المصري. إذ يشكو الخريجون من ضعف الأجور وظروف العمل السيئة، التي تدفعهم نحو  البطالة لتصل نسبتهم إلى 49,7 في المئة لعام 2018 وفقا لدراسة نشرها المجلس الدولي للسكان كانون الأول/ ديسمبر الماضي. (اقرأ التقرير ذو الصلة: التعليم المهني المصري: أمال كثيرة وخيبات كبيرة).

قالت نهلة عبد التواب، ممثل المجلس الدولي للسكان ومدير الفريق الذي أعد الدراسة، “معظم من حصل على فرص وظيفية من خريجي التعليم الفني يعملون في القطاع غير الرسمي، وفي ظروف عمل غير لائقة.”

تكشف الدراسة، التي تحمل عنوان “نظرة متعمقة على مخرجات التوظيف بين خريجي التعليم الثانوي الفني في مصر“، عن التفاوت الكبير في الأجور بين العاملين في القطاع الرسمي والقطاع غير الرسمي، حيث يصل متوسط أجر العاملات في القطاع الأخير إلى 453 جنيها ” 27 دولار أميركي” شهريا، وهو ما يعادل نصف أجر العاملين في القطاع الرسمي.

قالت “تكشف دراستنا أن 1 من بين 3 خريجين يعانون من ضعف المرتب، وضغط العمل الشديد، وصعوبة الحصول على إجازة بأجر.”

اتفق معظم المشاركين في الدراسة أيضاً على عدم معرفتهم بالفرص المتاحة داخل سوق العمل. إذ تبين أن 42.5 في المئة من الخريجين العاملين وجدوا وظائفهم الأولى عن طريق الأقارب والمعارف، الأمر الذي ساهم في تعثر بعض الخريجين لإفتقارهم الصلات والعلاقات اللازمة.

فقد أحمد أشرف يده بعد إصابة عمل في محلج للقطن في الإسكندرية. لم يكن لديه تأمين صحي وفقد وظيفته بعد الحادث. (تصوير: طارق عبد الجليل)
فقد أحمد أشرف يده بعد إصابة عمل في محلج للقطن في الإسكندرية. لم يكن لديه تأمين صحي وفقد وظيفته بعد الحادث. (تصوير: طارق عبد الجليل)

غياب القانون، المشكلة الأبرز:

بعد تخرجه من الثانوية الصناعية، عمل  أحمد أشرف – 19 عاماً – في أحد ورش حلج القطن في مدينة الإسكندرية، لكنه تعرض لحادث خلال العمل وفقد يده.

قال “تسببت الماكينة في قطع يدي، وفوجئت أثناء رحلة علاجي أن صاحب العمل جعلني أوقع على أوراق تعييني وإستقالتي في نفس الوقت، حتى لا يقوم بدفع التأمينات لي. وقمت بسداد نفقات علاجي بنفسي ثم طردت من العمل، ولم أتقاضى راتبي وأنا عاجز حالياً عن العمل.”

تقر عبد التواب بمشكلة غياب عقود العمل وعدم وجود حماية قانونية أو القدرة على إلزام أصحاب المشاريع المهنية باتباع تدابير السلامة في مكان العمل. قالت “تتوافر لدينا قوانين العمل المنظمة، لكن الواقع يقول أنها لا تطبق أو يتم إساءة تطبيقها.”

بعض الخبراء يعتقدون بوجود مشاكل أخرى تزيد من مشاكل خريجي التعليم المهني وأبرزها عدم ملائمة التخصصات الحالية لاحتياجات سوق العمل,

قالت مشيرة الجزيري، المسؤولة السابقة عن برنامج التعليم في مؤسسة فورد مكتب مصر، مؤسسة أميركية غير ربحية تهتم بدعم التعليم، “لا تتلاءم نوعية التعليم المهني أحيانا مع متطلبات سوق العمل، لذلك فإن نسبة البطالة في صفوف خريجي التعليم الفني في مصر هي الأعلى.”

وتعتقد الجزيري أنه على الرغم من وجود محاولات لتحسين التعليم والتوظيف المهني، لكنها تواجه فقدان هذه الشريحة للعدالة الاجتماعية ما يؤدي إلى إعادة إنتاج الفقر، وغلق الباب أمام فرص الشباب للعثور على عمل ملائم.

توصي الدراسة بضرورة تحسين ظروف العمل لخريجي التعليم الفني في القطاع الخاص وتحديدا الصغير والناشئ من خلال تكوين إئتلافات بين العمال وأصحاب العمل والحكومة وبما يكفل للعمال حقوقهم القانونية كالأجور المناسبة، وساعات العمل، والتأمينات والأجازات.

قالت عبد التواب “من شأن هذه التحالفات تحسين ظروف العمل وتطويره.”

لكن عبد الغفار لا تعتقد أن حدوث ذلك ممكن في الواقع.

قالت “لا توجد رقابة أو متابعة، لا يمكننا الشعور بالأمان دون ذلك. أتمنى لو تتم معاملتنا كموظفي الحكومة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى