أخبار وتقارير

البيروقراطية تعرقل البحوث على الأنسجة البشرية في العالم العربي

يمكن أن يواجه الباحثون الراغبون في إجراء تجارب على البشر أو الفيروسات والبكتيريا، التي تصيب البشر، عقبات هائلة في المنطقة العربية من أجل المضي قدما في خططهم. لكن بعض العلماء وجدوا طرقًا مبتكرة لمواجهة ذلك.

لجذور تنظيم البحوث على البشر حلقات مظلمة في التاريخ الطبي مثل: التجارب النازية على الأسرى والأبحاث التي دعمتها الحكومة الأميركية والتي أفضت إلى إجراء دراسات على الرجال الأمريكيين من أصل أفريقي المصابين بمرض الزهري وتركتهم متعمدة دون علاج. في عام 1964، وضعت الجمعية الطبية العالمية مبادئ توجيهية، والمعروفة باسم ميثاق هلسنكي، لتنظيم كيفية إجراء التجارب الطبية على الإنسان والذي يتم تحديثه بانتظام.

بموجب هذه الإرشادات والقواعد الأخلاقية الأخرى حول العمل على عينات من الأنسجة البشرية، يتعين على الحكومات وضع إجراءات من شأنها أن تحول دون إصابة الجمهور بالفيروسات والبكتيريا، فضلاً عن التأكد من موافقة المشاركين ومعرفتهم بشأن استخدام أنسجتهم في مثل هذه التجارب.

لكن الباحثين في بعض الدول العربية يقولون بأن الحصول على إذن أمر صعب بشكل غير معقول، ويستغرق أكثر مما يجب من الوقت، وأن إجراءات الموافقة غير واضحة بشكل خاص. ومن شأن كل هذا أن يجعل من الصعب على الباحثين تخطيط عملهم واستخدام تمويلهم الذي يحصلون عليه بصعوبة.

تجنب العمل على الأنسجة البشرية

تسعى ماريه الهنداوي، الكيميائية بجامعة نيويورك في أبو ظبي، لإنتاج لقاحات مقاومة للحرارة لا تحتاج إلى التبريد، مما يسمح لإمدادات التطعيم بالوصول إلى أكثر الأماكن عزلة على وجه الأرض. (اقرأ المقال ذو الصلة: باحثة إماراتية تعمل على إنتاج لقاحات مقاومة للحرارة).

في المراحل الأولى من بحثها، قررت الهنداوي عدم دراسة الميكروبات التي يمكن أن تصيب البشر. عوضًا عن ذلك، اختارت دراسة ما إذا كانت ستتمكن من إنتاج لقاح مضاد للفيروسات النباتية يمكنه تحمل درجات الحرارة العالية. وقد قامت بذلك بالفعل لأن ذلك يعني أنها لن تحتاج إلى عناء الحصول على الأوراق اللازمة للعمل على مسببات الأمراض البشرية. قالت “كان الأمر يتعلق بإثبات هذا المفهوم فقط. وكان اختيار فيروس نباتي يعني أن في إمكاننا البدء بالعمل على الفور.”

الآن بعد أن أثبتت نجاح أساليب عملها، تسعى الهنداوي للمضي قدمًا في بحثها لمعرفة ما إذا كان سينجح مع فيروس يصيب البشر أيضًا. قالت، “نريد أن نحاول تثبيت لقاح حقيقي. لكننا نعتقد أنها ستكون عملية طويلة وستكون هناك حاجة إلى موافقات للسماح بذلك.”

لكنها تخشى من تلك العملية لدرجة أنها لن تبدأ بها حتى يتم الانتهاء من الجوانب الأخرى للمشروع. قالت، “بمجرد الحصول على التمويل، سنمضي قدماً لاكتشاف ما سيحصل.”

حتى ذلك الحين، فإنها تؤجل العمل البيروقراطي للحصول على الموافقات.

الحصول على عينات دم

لا تنطبق الحاجة للحصول على موافقة الحكومة على جميع أنواع التجارب العلمية التي تتضمن البشر. إلى جانب التجارب السريرية للعلاجات، فإن من الواجب أيضًا مراجعة الأبحاث التي تتضمن جمع أجزاء معينة من الأنسجة البشرية أو تجارب تتضمن الكائنات الحية الدقيقة المعدية.

عادة ما يكون إجراء دراسات المراقبة أسهل بكثير، وهي الدراسات التي تتم خارج جسد الإنسان.

يعتبر عمل جمانة صالح أحد الأمثلة على ذلك. تسعى صالح، الأستاذة في قسم الكيمياء الحيوية بجامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان، لمعرفة سبب وفاة نسبة عالية من النساء بأمراض القلب. إذ قامت بتحليل دماء المريضات بحثًا عن إشارات كيميائية لعوامل خطر الإصابة بأمراض القلب. (اقرأ التقرير ذو الصلة: باحثة عُمانية تدرس أسباب زيادة إصابة النساء بأمراض القلب).

بالنسبة لمثل هذا النوع من الأبحاث، تقول صالح إنها لا تحتاج إلى الحصول على موافقة من الحكومة، وأن الأمر يقتصر على الحصول على إذن عادي من الجامعة. (وعادة ما تشكل الجامعات لجان لمراجعة أخلاقيات البحث). وتضيف بأن الجزء الأصعب من البدء في البحث هو إقناع المرضى في المستشفيات والجمهور العام بالموافقة على أن يكونوا جزءًا من البحث.

قالت “هذه هي مشكلتي، كيف أجعل الناس يفهمون أن من شأن هذا أن يساعدهم.”

مع ذلك، تقول إن كونها امرأة يساعدها في بعض الأحيان. “كامرأة، أجد أنه من الأسهل الانخراط في الدراسات التي تشارك فيها النساء. أجد سهولة في الوصول إليهن في هذه الحالة.”

من ناحية أخرى، قد يجد الرجال صعوبة أكبر في إدراج المريضات من النساء في دراساتهم بسبب القيود الثقافية. (بعض المريضات في دول الخليج، على سبيل المثال، يرفضن التداوي عند الأطباء الرجال).

لعبة الانتظار

لكن بعض الأبحاث، ولاسيما التجارب التي تسعى إلى اختبار منتج جديد على البشر، تتطلب الحصول على موافقات من السلطة الحكومية ذات الصلة – إلى جانب الموافقة الأخلاقية من الجامعات – ولن يتم ذلك بسرعة.

على سبيل المثال، طورت زينب البلوشي، طالبة الكيمياء في جامعة الشرقية في عُمان، رقعة جلدية لتوصيل المواد الغذائية الضرورية بشدة لمرضى فقدان الشهية في حالات الطوارئ. (اقرأ التقرير ذو الصلة: فقدان الشهية في الشرق الأوسط مشكلة منسية).

تم إنشاء هذا النموذج الأولي من خلال تجارب أجريت على جلد الفئران، لكن البلوشي تسعى الآن للمضي بمنتجها قُدما إلى المرحلة التالية.

قالت “لقد تم ذلك في المختبر، ونحن ننتظر حاليًا الموافقة على الاستخدام السريري على البشر.”

تم تقديم الطلب منذ أكثر من أربعة أشهر، لكنها لا تزال تنتظر الرد.

غالبا ما يشكو الباحثون من نقص التمويل وقد يكون من الصعب توفير دعم مالي للأبحاث في جميع أنحاء المنطقة، لكن يعتقد الباحثون أنهم وبمجرد حصولهم على التمويل، فبإمكان الحكومات تبسيط الموافقة التنظيمية مع الاستمرار في حماية الأشخاص الذين سيخضعون للتجارب وعامة الناس على حدٍ سواء.

Countries

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى