أخبار وتقارير

فئران نادرة تساعد العلماء على فهم أسباب ارتفاع ضغط الدم

مسقط – يُظهر عمار بودقة مزيجًا من الفخر والإحراج وهو يصطحبني في جولة في منشأة للحيوانات داخل الحرم الجامعي بجامعة السلطان قابوس. قال، ونحن نرتدي ملابسنا الواقية في منطقة الاستقبال، “أعتذر عن الرائحة، سيكون الأمر سيئًا للغاية.”

تولّد المنشأة – وهي واحدة من بين عدد قليل من المنشآت المماثلة في الشرق الأوسط – مجموعة من الفئران والجرذان المتنوعة وراثياً. تعدّ الفئران واحدة من أكثر النماذج المستخدمة شيوعًا للإصابة بالأمراض البشرية لأنها، وعلى الرغم من الاختلافات الرئيسية في المظهر بين النوعين، إلا أنها تشبه البشر جدًا من الناحية البيولوجية. يسمح وجود القوارض في الموقع للعلماء في الجامعة بإجراء مجموعة من التجارب الطبية المختلفة. إذ يستخدم بودقة، على سبيل المثال، القوارض المصابة بارتفاع ضغط الدم لدراسة هذه الحالة.

أظهرت الدراسات أن ارتفاع ضغط الدم هو السبب الرئيسي للسكتات الدماغية والنوبات القلبية والفشل الكلوي. وتشهد كل هذه الأمراض ارتفاعاً في العالم العربي – بالإضافة إلى ذلك، تعد أمراض القلب الناجمة عن ارتفاع ضغط الدم تاسع أعلى سبب للوفاة في المنطقة، وفقاً لبيانات عام 2010 الصادرة عن معهد القياسات الصحية والتقييم.

أثناء دخولنا إلى منشأة الحيوانات، اكتشفت أن بودقة لم يكن مخطئًا بخصوص الرائحة. فما أن يفتح الباب المؤدي من مكتب الاستقبال إلى غرف التكاثر، حتى تنبعث الرائحة، وهي عبارة عن مزيج قوي من العلف الحيواني، ونشارة الخشب، ورائحة تشبه رائحة المزارع، بالإضافة إلى روائح سوائل تنظيف العيادات.

لكن، ومع تقدمنا من غرفة إلى أخرى بينما يعرض بودقة السلالات الوراثية المختلفة للفئران والجرذان التي يمكن أن تتكاثر؛ لم يبدُ وكأن الرائحة تعيق حماسه.

قال “من شأن وسيلة كهذه أن تعني بأننا قادرون على إجراء أبحاث جادة وفق المعايير الدولية.”

فئران نادرة وضغط الدم

درس بودقة، الليبي الأصل، لنيل درجة الدكتوراه في جامعة جيفو في اليابان، وهو يعمل أستاذًا مساعدًا في قسم علم وظائف الأعضاء بجامعة السلطان قابوس منذ العام 2012. وقبل بضع سنوات، وبمساعدة زملائه السابقين في جيفو، تمكن من استيراد بعض الفئران النادرة من اليابان والتي ساعدته على خلق رؤى بيولوجية جديدة.

https://www.bue.edu.eg/

تم تغيير الفئران اليابانية وراثياً بحيث لم تعد أغشية خلاياها تحمل المستقبلات المعروفة باسم TRPV4. استخدم بودقة هذه الفئران لاكتشاف غرض جديد للمُستقبل — إذ كشف عن امتلاكه دورًا في هضم الطعام.

عندما يأكل الحيوان شيئًا ما، تتمتد أجزاء من المريء ما أن يضغط الطعام عليه. يستجيب المُستقبِل لهذا الضغط ويرسل إشارات إلى الجهاز العصبي المركزي لبدء الانقباضات العضلية التي تدفع الطعام من خلال الجهاز الهضمي وأعضاء الهضم.

فئران في مركز التربية داخل الحرم الجامعي بجامعة السلطان قابوس. (الصورة: بنجامين بلاكيت)

في وقت لاحق، وضع بودقة نظرية تفيد بأنه، ومنذ استجابة المستقبلات للضغط المادي للطعام، قد يستجيب لذلك ضغط الدم أيضًا، وهو المرض المعروف باسم ارتفاع ضغط الدم.

أوضح قائلا “لقد اعتقدت أن المستقبلات قد يتم تنشيطها بمستويات أعلى من ضغط الدم قبل أن تبدأ عملية التغذية المرتدة للجسم لتصحيح ذلك.”

يبدو أن حدسه صحيح.

ففي ورقة بحثية نُشرت مؤخرًا، أوضح بودقة أن الفئران التي تعاني من ارتفاع ضغط الدم تلقائيًا – وهذا يعني أنها لم تولد بشكل خاص يعرضها للإصابة بارتفاع ضغط الدم – لديها عدد أقل بكثير من مستقبلات TRPV4 من الفئران التي تتمتع بضغط دم طبيعي. وخلُص بذلك إلى أن الفئران التي تمتلك عدد أقل من TRPV4 أقل قدرة على تنظيم ضغط الدم لديها لأن لديها عددًا أقل من المستقبلات للرد على ذلك.

فرص للعلاج

قال موريس براون، أستاذ ضغط الدم الثانوي المرتبط بالغدد الصماء بجامعة كوين ماري بلندن، “إنه مرض نموذجي معقد وهناك العديد من الأسباب – الوراثية والمرتبطة بنمط الحياة. من المفيد دائمًا معرفة المزيد عنها على المستوى الجزيئي. يمكن للقيام بذلك أن يفتح إمكانيات علاجية جديدة، لكننا نمتلك بالفعل أدوية رائعة رخيصة الثمن.”

https://www.bue.edu.eg/

على مستوى العالم، يعاني نحو 40 في المئة من البالغين الأكبر من 25 عامًا من ارتفاع ضغط الدم، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. مع ذلك، ليس هناك سبب بيولوجي واحد لارتفاع ضغط الدم – وتضيف نتائج بودقة إلى أسباب معروفة أخرى. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2012 أن هناك نوعًا آخر من المستقبلات الخلوية يرتبط بارتفاع ضغط الدم.

لكن من المهم تحديد أكبر عدد ممكن من الأسباب المحتملة لارتفاع ضغط الدم، بحسب بودقة، لأنه ومع كل تفسير بيولوجي جديد للمشكلة، ستكون هناك وسيلة جديدة محتملة لمطوري الأدوية ليقوموا باستكشافها.

قال “آمل أن يتم استخدام مثل هذا العمل لتطوير خيارات علاجية مبتكرة”.

وبينما يعترف براون بأن لمثل هذه الأبحاث تلك الإمكانات، إلا أنه يقول إن سوق أدوية ضغط الدم تنافسي للغاية بالفعل. قال “لن تشعر أي من الشركات الكبرى بحماسة شديدة تجاه برنامج أدوية جديدة لأنها غير متأكدة من قدرتها التنافسية.”

على الرغم من أن منشأة الحيوانات في جامعة السلطان قابوس تسمح لباحثيها بإجراء تجارب معقدة، وعلى الرغم من أن الفئران والجرذان في المختبر تمثل نماذج دراسية جيدة، إلا إنها أيضًا ليست آلية نظرًا لأن النتائج بحاجة لإختبارها على البشر.

في الواقع ، تتمثل الخطوة التالية لبودقة في تكرار تجاربه على الأنسجة البشرية، على الرغم من أن الأوراق المطلوبة للحصول على إذن من الحكومة ستستغرق الكثير من الوقت. لكن هذا لا يمنع بودقة من متابعة أبحاثه حول مرض سيصبح أكثر شيوعًا في المنطقة في السنوات القادمة.

Countries

تعليق واحد

  1. نتمنى لهذا الباحث التوفيق في ايجاد الدواء الشافي لهذا المرض الذي يعاني منه الكثير من الناس ونجاحه في هذا الموضوع فخر لنا لكونه عربي واسال المولى ان ييسر له سبل البحث والامكانيات الخاصة لذلك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى