طرابلس، لبنان – من المحتمل أن يقضي طلاب الجامعة اللبنانية معظم أيام العطلة الصيفية في حضور محاضرات تعويضية بسبب إضراب أعضاء هيئة التدريس الذي أجبر العديد من الطلاب على عدم خوض الامتحانات وخسارة فرص التدريب والدخول في برامج نيل درجة الماجستير.
إذ صوّت الأساتذة، يوم السبت، على مواصلة توقفهم عن العمل الذي استمر لمدة تجاوزت الأسابيع الستة في إضراب بدأ في 6 أيار/ مايو بعد اقتراح حكومي بخفض الميزانيات ورواتب الموظفين في الجامعة الحكومية. وتعد هذه الخطط جزءًا من حزمة من مسودة تدابير التقشف المصممة لإطلاق 11 مليار دولار أميركي مقدمة على شكل مساعدات من المانحين، تم التعهد بتقديمها إلى لبنان في مؤتمر باريس 2018.
في وقت سابق من هذا العام، حذرت الحكومة اللبنانية المُشكّلة حديثًا من احتمالية وجود حاجة لإجراء إصلاحات “صعبة ومؤلمة” لتخفيض الدين العام الذي يشل البلاد، والذي يعد من بين أعلى المعدلات في العالم. أدى مشروع الميزانية الذي تم تقديمه في نيسان/ أبريل إلى إضرابات في القطاع العام حيث تجمع الموظفون، بمن فيهم أساتذة الجامعات، أمام البرلمان للاحتجاج على تخفيضات الرواتب المقترحة.
يقول الطلاب إنهم يشعرون بالإحباط بسبب توقف دراساتهم واستخدام مستقبلهم كورقة مساومة، لكن المضربين يصرون على أن هذا الإجراء ضروري لحماية مؤسسة التعليم العالي منخفضة التكاليف الوحيدة في لبنان، حيث لا يستطيع الكثير من الطلاب تحمل تكاليف الدراسة في الجامعات الخاصة. (يبلغ متوسط التكلفة السنوية للدراسة في جامعة لبنانية خاصة حوالي 7,000 دولار سنويًا للمرحلة الجامعية، ولكن يمكن أن تصل التكلفة إلى 25,000 دولار سنويًا في أفضل المؤسسات الخاصة في البلاد).
قال عمّار أسّوم، الذي يُدرس في كليات الهندسة والعلوم في الجامعة اللبنانية، “بشكل عام، لا ترد الحكومة ما لم نقم بإضراب وأول ضحايا الاضرابات هم الطلاب. إنه لأمر محزن بالنسبة إليهم، لكن ليس لدينا أي خيار آخر.”
في البداية، أيد الطلاب الإضرابات، وهي أمر شائع في الجامعة، لكن صبرهم تضاءل فيما بعد. قالت رانيا يوسف، وهي طالبة في منتصف الطريق لنيل درجة البكالوريوس في الأدب العربي، “الآن سيكون لدينا عمل مكثف للغاية لأنه لا يزال يتوجب علينا إكمال نصف المساق. إنها ضغوط كبيرة.”
وقد وعد الأساتذة المضربون بمساعدة الطلاب من خلال دروس تعويضية بمجرد انتهاء الإضراب.
فصول دراسية متداعية ومكتبات قديمة
يبحث بعض من ألمع الطلاب في البلد للدراسة في الجامعة اللبنانية بسبب انخفاض تكلفتها، أو بسبب قوتها الأكاديمية بالنسبة لبعض الأقسام على الأقل. وضع تصنيف جامعات لبنان لعام 2019 من قبل UniRank، وهو دليل للتعليم العالي، الجامعة اللبنانية في المرتبة الثالثة من أصل 35 مؤسسة في البلاد، بعد الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة الأميركية اللبنانية. (كما تحرز جامعة القديس يوسف في بيروت في كثير من الأحيان موضع جيد في التصنيفات الجامعية.)
قال داني عثمان، الذي يُدرّس علم الوراثة في الجامعة اللبنانية، إن كلية العلوم كلية رائدة في المنطقة، حيث ينجح الطلاب على الرغم من فقر المختبرات وغيرها من المرافق، مما يجعلهم في وضع غير مؤات. قال، “الظروف سيئة حقًا ولكن لدينا مستوى أكاديمي عالٍ لأن [الطلاب] لديهم طموحات كبيرة.”
تسببت التخفيضات في التمويل على مر السنين في نفاد ميزانية الجامعة لتصل إلى 250 مليون دولار أميركي، والتي يقول أعضاء هيئة التدريس أنها غير كافية لصيانة المباني المتهالكة، وإعادة ملء المكتبات القديمة بالكتب، وتجهيز المختبرات.
أوقف علاء شهاب، 28 عاماً، وهو طالب سوري يدرس في الجامعة اللبنانية، دراسته لمدة عام وبدأ بالعمل في أحد المطاعم على شكل مناوبات للحصول على رسوم التسجيل البالغة 1,000 دولار أميركي (تبلغ الرسوم حوالي 500 دولار للمواطنين اللبنانيين) بهدف الحصول على درجة الماجستير في العلوم السياسية. يقول شهاب إن جودة التدريس جيدة، والأساتذة متعاونون – وغالبًا ما ينصحون الطلاب في ساعات خارج العمل من خلال مجموعات على تطبيق واتساب WhatsApp. لكن البيئة ليست مواتية للتعلم على الدوام.
وأضاف بأن المراوح المكسورة وغياب أجهزة تكييف الهواء يجعل من الصعب على الطلاب التركيز داخل الفصول الدراسية الخانقة خلال فصل الصيف، وفي الشتاء “يكون الجو باردًا لدرجة أن يدي ترتجف أحيانًا أثناء الامتحانات”. كما أن الكتب المنهجية الأساسية غير متوفرة على أرفف المكتبة. قال “نحن في العام 2019 وأنا أجري بحثًا في كتب نشرت قبل 20 عامًا، هذا سخيف للغاية.”