يُظهر الملصق ذي اللون الأصفر الفاتح الذي يمثل معرض “متحف العاطفة” المُقام لإسترجاع أعمال الفنان قادر عطية في هايوارد غاليري في مركز ساوث بانك بلندن تلميحًا سخيفًا، إذ تبرز الصورة فهدًا محنطًا يطل على المشاهد بفضول، وقد وضِع بجوار قناع خشبي منقوش بشكل بدائي.
يحمل الملصق إشارة دقيقة إلى عادة المستعمرين في جمع عينات من الحياة البرية ومقتنيات من مختلف الثقافات، بما في ذلك الملابس، والأدوات الدينية، والأدوات المنزلية لوضعها في متاحف الإثنوغرافيا. يسخر الملصق، والنحت الذي يشير إليه، من التاريخ الممتد للقوى الاستعمارية التي عرضت ذات مرة الثقافات الأجنبية باعتبارها عناصر مثيرة للفضول وليست أشياء ذات أهمية دينية وثقافية.
بدأ عطية، المولود في فرنسا والذي يعتبر كلاً من الجزائر وبرلين الآن وطنًا له، مساحة فنية في باريس عام 2016 ركزت على “إنهاء الاستعمار ليس على الشعوب فحسب، وإنما على المعرفة والمواقف والممارسات أيضًا”. وقد حصل عمله، الذي يركز أيضًا على إصلاح الأضرار الثقافية والنفسية للتاريخ الاستعماري في الواقع، على أرفع جائزة فنية فرنسية، جائزة مارسيل دوشامب Prix Marcel Duchamp، في عام 2016.
يعتقد عطية أن آلاف القطع الموجودة في المتاحف اليوم قد تم اخراجها من سياقها بوحشية مّما جعلها مجردة من أيّ معنى، حيث يجعل جلال الفهد من وضع القناع الخشبي معه أمرًا ساذجًا. تعكس هذه القطعة الأفعال السطحية بصريًا وفكريًا المتمثلة في وضع حيوانات محنطة وأقنعة، دون أي سياق، في متاحف الإثنوغرافيا. إذ يتساءل عطية: ما هي الفائدة أو المعرفة المكتسبة من وراء ذلك؟
تجربة شخصية مع التاريخ الاستعماري
ولد عطية عام 1970 لأبوين جزائريين، وكان يمضي الأجازات الصيفية في العاصمة الجزائر وجبال أوراس. وكان قد ذكر في كتيب المعرض أن السفر والتنقل المستمرين هما اللذان ساهما في تشكيل حساسيته تجاه الفجوات “المادية والجغرافية والفكرية” بين الأماكن التي زارها وعاش فيها بانتظام.
يُبرز متحف العاطفة العديد من هذه الموضوعات من خلال إعادة تقييم التمثيل الرديء للأقليات والأجانب في متاحف الإثنوغرافيا وقانون تاريخ الفن الغربي حيث يتم تصنيف الأشياء علمياً ووضعها في خزائن زجاجية. كمثال على ذلك، هناك الأقنعة القبلية الإفريقية التي جمعتها القوات الاستعمارية الفرنسية والمعروضة في متاحف باريس ليس بصفتها فنًا بل مجرد أشياء، وبذلك تكون نظرة عطية المراجعة للأمر بمثابة إصلاح لهذا التاريخ المخجل. وبمزيج من الطرافة والعبقرية، وضع الفنان طبقات من التصريحات فوق بعضها البعض في عمله. حيث كانت مثل هذه الأقنعة الإفريقية، التي كانت تهدف في السابق لعرض الطبيعة “البدائية” للسكان الأصليين، الدافع الذي حرّك بيكاسو إلى إعادة النظر في فن التصوير واقتراح أسلوب الرسم التكعيبي، مما أحدث ثورة في الفن.