أخبار وتقارير

ما وراء الدعم الروسي لقطاع التعليم العالي السوري

تقدم روسيا 500 منحة دراسية للطلاب السوريين في برامج الدكتوراه والماجستير للعام الدراسي 2019، من بين تدابير أخرى لدعم مؤسسات التعليم العالي في سوريا، بحسب وكالة الأنباء الحكومية السورية (سانا).

ووصفت وكالة الأنباء الدعم بإعتباره جزء من المساهمة الروسية في إعادة إعمار سوريا في أعقاب الحرب.

يواجه الطلاب السوريون صعوبة كبيرة في الوصول إلى المنح الدراسية البريطانية والأوروبية والأميركية نتيجة العقوبات المفروضة على البلاد وحظر السفر الذي فرضته الولايات المتحدة على حاملي جوازات السفر السورية. تمكن بعض الطلاب السوريين من السفر إلى أوروبا لفصل دراسي في إطار برامج “التنقل الائتماني الدولي” International Credit Mobility، بحسب أساتذة الجامعات السورية الخاصة، لكن روسيا وإيران هما الدولتان الوحيدتان اللتان يتمكن الكثير من الطلاب السوريين من السفر إليهما في السنوات الأخيرة للحصول على شهادات أكاديمية.

في الأسابيع الأخيرة، أعلنت وكالة الأنباء السورية عن خطط لإنشاء مركز أبحاث سوري روسي في جامعة البعث بحمص، بالشراكة مع جامعة موسكو الحكومية للتكنولوجيا؛ كما ستقدم جامعة دمشق مساق جديد في اللغة الروسية؛ فضلا عن توقيع سوريا لاتفاقية مع روسيا لإقامة مشاريع تعليمية مشتركة وبرامج للتبادل الطلابي.

قال عمر عمادي، الزميل الأقدم في مركز الدراسات السورية بجامعة سانت أندروز، “العلاقة بين روسيا وسوريا في التعليم العالي ليست جديدة. لقد درس الكثير من الطلاب السوريين في الاتحاد السوفيتي”، عندما كانت سوريا متحالفة مع الكتلة السوفيتية في فترة الحرب الباردة.

ذكرت وكالة الأنباء السورية أن المنح تشمل الرسوم الدراسية المجانية، ونفقات المعيشة والإقامة، بالإضافة إلى تحمل تكاليف سنة كاملة لتعليم اللغة الروسية. تم تشجيع المتقدمين لدراسة مجالات “الطيران والملاحة وصناعة السيارات والمعلوماتية واللغات والكيمياء والفيزياء والرياضيات والطب”، بحسب الوكالة. تشارك 14 جامعة روسية في البرنامج، وتقدم 1,400 طالب بطلب للحصول على 500 منحة. يقول فاديم زايخكوف، مدير المركز الثقافي الروسي في دمشق، في تقرير وكالة الأنباء إن الهدف من المنح يكمُن في “مساعدة الشعب السوري في إعداد كوادر لإعادة الإعمار في الفترة المقبلة.”

يرى الأكاديميون ذوو الخبرة في سوريا أسبابًا مختلفة للدعم الروسي الآن.

فبعد أن دعمت الحكومة السورية عسكريا خلال الحرب، تريد روسيا الآن تعزيز بقاء الحكومة السورية من خلال تعزيز المؤسسات التي تسيطر عليها الدولة بما في ذلك الجامعات بهدف تأسيس وجود روسي دائم.

يدفع الروس بإتجاه تطبيع العلاقات. قال عمرو العظم، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط والأنثروبولوجيا بجامعة شاوني ستيت بولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأميركية، “إنهم يريدون أن تعود الحياة في سوريا إلى شيء يشبه العمل كالمعتاد.” كان العظم مديرًا للمديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا منذ العام 1999 وحتى العام 2004، قبل أن يقوم بالتدريس في جامعة دمشق حتى العام 2006، وهو عضو في مجلس إدارة منظمة “اليوم التالي“، وهي منظمة مجتمع مدني سوري مقرها في اسطنبول وتصف نفسها بأنها تدعم الانتقال الديمقراطي في سوريا.

قال العظم “من الجيد تقديم دورات في اللغة الروسية. سيتواجد الروس لفترة من الوقت في سوريا [في عملية إعادة إعمار ما بعد الحرب]، لذلك إذا كان الشاب يتحدث الروسية فإنه قد يحسّن من فرص الحصول على عمل.”

استشهد العظم بمشاركة متحف الأرميتاج الروسي في ترميم موقع تدمر القديم – الذي لحق به ضرر كبير بسبب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية – كمثال على ما يرى أنه التزام روسي بالثقافة والمجتمع السوريين.

مع ذلك، يبدو العظم متشككًا حيال قيمة المنح الدراسية الروسية. قال “تجربة الطلاب السوريين الذين درسوا في روسيا تقول بأن جودة التعليم الذي يتلقونه هناك سيئ للغاية. لن يرى الطلاب الحاليون في الذهاب للدراسة في روسيا آفاقًا جذابة. من ناحية أخرى، ستكون قدرتك على الذهاب إلى جامعة في المملكة المتحدة بمثابة انقلاب.”

لكن المنح الدراسية للطلاب السوريين للدراسة في روسيا يمكن أن تملأ الفجوة التي خلفها انخفاض فرص الدراسة في أوروبا. قال حيان دخان، الزميل المدرس في العلاقات الدولية بجامعة ليستر، “فقد الكثير من السوريين الذين كانوا يأملون في الدراسة في دول أوروبية منحهم الدراسية أثناء الحرب.”

وأضاف “بالنسبة للطلاب السوريين الذين فقدوا الفرصة للدراسة في أوروبا، يجب أن تكون فرصة الدراسة في روسيا أمرًا جيدًا، وأفضل من البقاء في سوريا.”

من وجهة نظر الحكومة السورية، بحسب دخان، تكمُن ميزة الطلاب الذين يدرسون في روسيا في أنهم “لن يطلبوا اللجوء في روسيا، كما قد يفعلون في فرنسا.”

يعتقد العظم، نقلاً عن خطة إصلاح نُشرت في عام 2001 ولم تُنفذ في الغالب، أن التدخل الروسي في التعليم العالي السوري لا ينبغي اعتباره دليلاً على تصميم الحكومة السورية على إصلاح التعليم العالي في البلاد.

بدوره، يعتقد عمادي “أن الطلاب سيذهبون إلى روسيا إذا لم يكن لديهم أي خيار آخر. هذه الإجراءات سياسية أكثر منها أكاديمية.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى