كشف فريق من الباحثين مؤخراً أن تفشي وباء الكوليرا في اليمن جاء على الأرجح عبر مهاجرين من شرق أفريقيا، وهو الأمر الذي يُتوقع له أن يُسهِم في السيطرة على موجات تفشِّي المرض في المستقبل.
أصابت الكوليرا، منذ عام 2016، نحو 1.1 مليون شخص وقتلت 2300 شخص في اليمن، وفقًا لتقديرات منشورة العام الماضي في المجلة الطبية The Lancet . هذا العام، تمّ الإبلاغ عن حوالي 109 ألف حالة إصابة بالكوليرا والاسهال المائي الحاد، فضلا عن 190 حالة وفاة مرتبطة بالمرض منذ كانون الثاني/يناير، ثلثهم أطفال دون سن الخمس سنوات، بحسب بيان مشترك لمنظمة اليونيسف في الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط.
قام باحثون، من معهدي “ويلكوم سانجر” بالمملكة المتحدة و”باستور” في فرنسا، والمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية في صنعاء NCPHL، بتحليل وتتبُّع وباء الكوليرا باليمن ودراسة التطور السلالي لنشوء المرض، ورسم خريطة لمسارات انتقاله وتتبُّع تطوره وتحديد نوعية المُضادات الحيوية التي يُمكن استخدامها لمواجهته.
قالت سمر سعيد ناشر، الباحثة بالمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة بصنعاء والمشاركة في إعداد البحث، “كانت مفاجأة حقيقية، حيث أنها كشفت عن المصدر الحقيقي للوباء وحددت نوع المضادات الحيوية التي يمكن استخدامها لعلاج الكوليرا.”
استعان الباحثون بـ 42 عينة من حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن للوصول إلى نتائج الدراسة، حيث تم أخذ عينات من مصابين موجودين في اليمن، ومن آخرين بأحد مراكز اللاجئين اليمنيين على الحدود السعودية اليمنية، بالإضافة إلى 74 عينة أخرى من جنوب آسيا والشرق الأوسط وشرق ووسط أفريقيا.
ترتبط سلالة الكوليرا المسببة لوباء اليمن بسلالة ظهرت لأول مرة عام 2012 في جنوب آسيا وانتشرت على نطاق عالمي، بحسب ناشر. لكن السلالة اليمنية لم تصل مباشرة من جنوب آسيا أو الشرق الأوسط، بل انتقلت إلى اليمن من شرق أفريقيا حيث تفشت الكوليرا في الفترة من 2013 إلى 2014، دون تحديد أي بلد في شرق أفريقيا على وجه الدقة.
قالت “يكشف تحليل الخريطة الجينية لهذا النوع اختلافًا كبيرًا عن سلالة الكوليرا التي انتشرت في الشرق الأوسط إبان الحرب على العراق، فيما تطابقت تلك السلالة مع سلالة انتشرت مؤخرًا في شرق أفريقيا في كلٍّ من كينيا وتنزانيا وأوغندا بين عامي 2015 و2016.”
وأوضحت ناشر أن سلالة الكوليرا في اليمن أظهرت مقاومة لثلاثة أنواع من المضادات الحيوية، بينما نجح 17 نوع في القضاء على البكتريا المُسببة للمرض أبرزها (البوليمكسين ب Polymyxin B)، وهو نوع من المضادات الحيوية رخيص السعر وذو فاعلية كبيرة في محاربة البكتيريا والفطريات والتهابات السحايا).
قال نيك تومسون، الأستاذ بمعهد ويلكوم سانجر وكلية لندن للصحة والطب المداري والمشرف على الدراسة في رسالة بريدية، “مكن علم الجينوم الفريق البحثي من اكتشاف السبب وراء الوباء المدمر والمستمر في اليمن مما يتيح للباحثين الفرصة للإعداد الجيد لمواجهة تفشي المرض في المستقبل، إذ يمكن أن تساعد هذه المعلومات في توجيه إستراتيجيات المواجهة إلى الحد من تأثير الأوبئة المستقبلية.”