أخبار وتقارير

“مسار آمن” لدعم تعليم ذوي الإعاقة في الجامعة الأردنية

عمان- على مسافة 1500 متر تمتد أرضية طولية ذات نتوئات وخطوط بارزة بلون أصفر فاقع من البوابة الرئيسية للجامعة الأردنية لعدة أماكن رئيسية داخلها كالمكتبة، ومكتب شؤون الطلبة، والبنك تم تخصيصها لمساعدة الطلاب المكفوفين وضعاف البصر للتحرك داخل الجامعة باستقلالية وسهولة دون الاعتماد على مرافق.

قال عمر أبو هنيّة، أحد المشرفين على تنفيذ المشروع والأستاذ في كلية التربيّة من ذوي الإعاقة البصرية، “يستطيع فاقد البصر استخدام المسار للتعرف على معالم الطريق من أدراج وطرق منحدرة بشكلٍ آمن، بعيدًا عن الشوارع وحركة السيارات وبعيدًا كذلك عن المقاعد الجانبية والأشجار على الرصيف.”

تحمل الأرضية الجديدة اسم “المسار الأمن“، وبدأت فكرة إنشائها من قبل مجموعة من الناشطين في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في الجامعة قبل سنوات، الذين توصلّوا إلى اتفاق مع الوكالة الأمريكيّة للتنمية الدوليّة(USAID ) وبالمشاركة مع الجامعة الأردنيّة لتوفير أوّل مسار آمن يستخدمه المكفوفون. تم اختيار اتجاهات المسار بناءً على عدة اقتراحات طلاب من ذوي الإعاقة البصرية لتحديد الطريق الأكثر استخداماً من قبلهم كنموذج تجريبي أولي على مستوى الجامعة حالياً، على أن يتم توسيع المسار لاحقاً ليبلغ طوله كيلو متر ومن ثم تعميم التجربة على باقي الجامعات لاحقاً.

لا تتوافر إحصائيّة رسمية لعدد الطلاب ذوي الإعاقة في الجامعات الأردنيّة، والذين سيوفر لهم هذا المسار طريقًا آمنة، لكن تقديرًا أوليًا من قبل أحد طلاب الجامعة، يؤكد أنَّ عددهم يصل لنحو 200 طالبٍ وطالبة في الجامعة الأردنيّة وحدها. فيما يبلغ عددهم  بشكل عام قرابة مليون من كامل إحصاء سكان الأردن البالغ 9 مليون نسمة. بحسب الأرقام التي ذكرها المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. يعتبر ضعف البصر أكثر أنواع الإعاقة شيوعًا في المملكة، تعقبه في ذلك الإعاقات الحركية والسمعية. (تشير أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية إلى وجود 39 مليون شخص مصاب بالعمى في العالم و 246مليون شخص يعانون من ضعف البصر).

وكحال الطلاب ذوي الإعاقة في غالبية الدول العربية، يواجه الطلاب الأردنيون منهم صعوبات عديدة تحد من مواصلة الكثيرين من تعليمهم الجامعي كغياب البنية التحتية الداعمة في الجامعات وعدم توفر التمويل الكافي لإجراء تعديلات تناسب احتياجاتهم من بناء دورات مياه ومنحدرات وتهيئة قاعات المحاضرات والمختبرات بما يلائم الطلاب ذوي الإعاقة الحركية، وتوفير المواد الدراسية بأساليب خاصة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية وعدم توفر إشارات وشواخص إرشادية بلغة الإشارة والصور لتمكين الأشخاص ذوي الاعاقة السمعية من التنقل والوصول إلى مرافق الجامعة ومبانيها المختلفة. (اقرأ القصة ذات الصلة: الجانب المظلم للتعليم العربي: الطلاب ذوو الإعاقة).

يلزم قانون اعتماد الجامعات الجديد الجامعات في المملكة بتوفير مرافق ملائمة وتسهيلات للطلاب من ذوي الإعاقة. قال زياد العنبر، مساعد رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، “توفير المرافق الملائمة والخدمات الداعمة أمر أساسي لاعتماد الجامعات ومنحها شهادة الجودة.”

إذ تقوم لجنة مختصّة بزيارة الجامعة، ومعاينة المرافق بشكل سنويّ للتأكد من توفير مرافق لذوي الاحتياجات الخاصة، كما تقوم بإجراء لقاءات مع طلاب للتعرف على أرائهم حول الخدمات المقدمة إليهم.

لكن العديد من الجامعات مازالت بعيدة عن الالتزام الفعلي بتقديم هذه الخدمات.

قال مهند العزّة، أمين عام المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين، وهي أعلى هيئةٍ حكومية  في الأردن تُعنى بشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، “زرت بعض الجامعات، وهناك نقص كبير في المرافق والخدمات.”

يعتقد العزّة أن جذور المشكلة تبدأ من التعليم المدرسي، والذي يعاني أيضاً من نقص واضح في الخدمات التي يقدمها للطلاب بما ينعكس على تقدمهم الدراسي. قال “من النادر العثور على طالب يدرس في تخصص علمي رغم أنه لا يوجد قانون يمنع ذلك.”

وبحسب قانون الأشخاص ذوي الإعاقة المادة (21) فإنه “لا يجوز استبعاد الشخص على أساس الإعاقة أو بسببها من مؤسسات التعليم العالي، أو حرمانه من دراسة أي التخصصات المتاحة فيها». وهو ما يجري تطبيقه بالفعل، بحسب العزة، إذ لا يُمنع أي شخصٍ من هذه الفئة دراسةَ التخصص الذي يُريده. بل وتمنح الجامعات خصمًا مقداره 90 في المئة على رسوم الدراسة لهذه الفئة، لكن المشكلة ليست في القانون.

قال أبو هنيّة “المناهج مثل الحاسوب والرياضيات والكيمياء والفيزياء غير مُهيئة ليدرسها الكفيف في المراحل الدراسيّة الأولى، الطلاب في مرحلة الدراسة الأولى بحاجة إلى كادر تدريسيّ مؤهل لهذه الفئة، بالإضافة إلى توفرّ أدوات مساندة مثل المكعبات ليتحسس الطالب بعض الأشكال المجهزة مسبقًا ليتعرّف الكفيف على طبيعة الأشياء.”

وكحال فاقدي البصر، ينسحب الأمر على ذوي الاحتياجات الخاصّة من الصمّ والبكم، إذ بالعادة لا ينجح أحدٌ منهم في كثير من مدارس الثانوية العامّة بسبب “ضعف إتقان تدريس لغة الإشارة، مما يوصل المعلومات الخاطئة للطلبة ويربك فهمهم للمادة مما يدفع بالطلاب للتوجه للكليات الإنسانية بصورة شبه قسرية،” كما قال أبو هنية.

يعتقد العزة أن لا عصا سحريّة لحل مشكلة ضعف الخدمات التعليمية الداعمة للطلاب ذوي الإعاقة في المملكة، حيث يعتمد الأمر بالدرجة الأولى “على ثقافة المجتمع والمؤسسات وإدراكهم بأن هذه الخدمات ليست كماليات وإنما ضرورة وأساس لضمان حق الطلاب بالتعليم.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى