أخبار وتقارير

مركز جميل للفنون: انطلاقة جديدة للفن في دبي

يمثل افتتاح مركز جميل للفنون في دبي هذا الشهر إضافة رئيسية للأهمية المتزايدة لدولة الإمارات العربية المتحدة بصفتها وجهة ثقافية ويعزّز من بروز نوع جديد من المؤسسات الفنية في البلاد التي لا تتلقى الدعم أو تُدار من قبل الحكومة.

تقوم مؤسسة الفن جميل بتمويل المتحف، وهي مؤسسة خاصة يرأسها أفراد من عائلة جميل من المملكة العربية السعودية والتي تُعرف بدعم وتشجيع الفنون والتعليم والتراث في الشرق الأوسط وأماكن أخرى. ومن بين الشراكات العالمية لمؤسسة الفن جميل شراكتها مع متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، حيث تمنح جائزة جميل للفنانين والمصممين المعاصرين. (اقرأ المقال ذات الصلة، “معرض للاحتفاء بالفن الإسلامي المعاصرفي لندن.”)

شددت أنطونيا كارفر، مديرة مؤسسة الفن جميل، على الدعم الخاص للمركز الجديد في كلمتها الافتتاحية خلال جولة العرض الذي يسبق الافتتاح، “نحن، في الواقع، المؤسسة الأولى من نوعها في الخليج، بصفتنا مؤسسة غير تجارية وغير حكومية خاصة وتابعة لجهة مدنية.”

على مدار العقد الماضي، أصبحت الإمارات العربية المتحدة واحدة من أهم بلدان الشرق الأوسط بالنسبة للفن الإقليمي. (اقرأ المقال ذات الصلة، “الفن العربي المعاصر: نافذة مغايرة على المنطقة العربية.”)

برزت دبي، الإمارة الأكثر كثافة بالسكان في دولة الإمارات، بصفتها موقع تجاري لافتتاح المعارض الفنية لتطوّر بذلك سمعة دولية بإدخالها الفنانين الإقليميين إلى حيز اهتمام جامعي التحف ومتاحف أوروبا وأميركا الشمالية. وتستضيف الإمارة أيضا آرت دبي، وهو معرض فني سنوي يحضره عدد كبير من المشاركين، ومن المقرر إطلاق النسخة الثالثة عشرة منه في شهر آذار/ مارس القادم. وباجتذابه لزوار من أستراليا وأذربيجان ونيويورك، لا يعتبر المهرجان مكانًا لعرض أعمال الفنانين الإقليميين لمقتني التحف الدوليين فحسب، بل نقطة تجمع تُمكّن العاملين في مجالات الثقافة والقيمين الفنيين والكُتاب من التجمع وتبادل الأفكار.

أثارت أبو ظبي، عاصمة الإمارات ، إعجاب عالم الفن من خلال دعمها ورعايتها للمتاحف ذات الأسماء الكبيرة. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وبالتعاون مع الحكومة الفرنسية ومتحف اللوفر في باريس، افتتحت مركزًا للمتحف الفرنسي الشهير في الإمارة، وسط ضجة “زوبعة اعلامية” كبيرة. تضم مجموعة متحف اللوفر أبوظبي مقتنيات مقترضة من متاحف فرنسية ومقتنيات يملكها قيّمون محليون.

في الشارقة، الإمارة الثالثة من حيث عدد السكان، تطور بينالي الشارقة ليصبح واحدًا من أكثر المعارض الفنية المتكررة شمولية في العالم. حيث تعين مؤسسة الشارقة للفنون، عند كل تكرار للبينالي، منسق يختار المشاركين من بين مجموعة واسعة من الفنانين الإقليميين والدوليين القادرين على التفاعل مع بعضهم البعض على الأقل بصريًا وموضوعيًا، إن لم يكن بشكل مباشر.

التركيز على الفن المعاصر

لا يعتبر مركز جميل للفنون الإضافة الجديدة الوحيدة لمشهد دبي الفني، فقد أثبتت مجموعة من المؤسسات تواجدًا لها في الإمارة مؤخرًا. لكن مركز جميل يتميز في عرضه للفن المعاصر.

مع حرية الاستفادة من الأعمال الموجودة في المجموعة الواسعة لمؤسسة الفن جميل، وباستعارة أعمال من الخارج، سيكون مركز جميل للفنون قادرًا على تقديم عروض ذات موضوعات أكثر جدية وأعمق من ناحية المفاهيم من الرؤى التاريخية السابقة التي تهيمن على العديد من المعارض الفنية في المنطقة.

ستكون “السلاسل الموضوعية” بمثابة التقاء لكيفية دمج الأفكار والأعمال الفنية معًا، بحسب كارفر، التي استخدمت استعارة تشير إلى موقع المتحف على خور دبي، وهو نقطة للتجارة والتبادل في تاريخ دبي الطويل بصفتها مدينة ساحلية.

تقول كارفر بأن أساليب الإنتاج الفني والتنسيق والتعاون بين الفنانين تشكل موضوعا رئيسيا آخر للمتحف. فعلى الرغم من كونه مساحة للفن الدولي المعاصر، إلا أن المتحف متجذر في السياق الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي والممارسات والحياة اليومية للفنانين من مواطني هذه الدول.

يحاكي الفضاء الأساسي لمركز جميل للفنون، والذي صممته شركة Serie Architects الدولية، أسلوب “البيوت الشعبية”، البارزة في الإمارات منذ السبعينيات، والتي تتميز بفناءات مغلقة والمبنية ضمن مجموعات متداخلة.

تحيط أعمدة مسقوفة المتحف بأكمله، مع باحات داخلية مزروعة بالصبّار والنباتات الأصلية في الإمارات وغيرها من المناطق الصحراوية في جميع أنحاء المتحف، مما يخلق فواصل خضراء في مساحات المعرض المُقامة على شكل مكعبات بيضاء. يتم الحفاظ على استمرارية التواصل بين المُشاهد والعمل الفني والمبنى، حيث تنتشر المعارض العشرة للمبنى على مساحة 10,000 متر مربع.

تعرض حديقة المنحوتات في مدخل المتحف، والتي تم تصميمها من قبل إبداع للتصميم، وهو استوديو محلي للهندسة المعمارية، أعمالًا ترتبط بالمواقع بشكل خاص من قبل فنانين إقليميين وعالميين من أجل العرض الافتتاحي.

مركز جميل للفنون، دبي (تصوير: محمد سومجي)

في صالات العرض، يضم المعرض الافتتاحي للمتحف معرضًا جماعيًا بعنوان خام أو Crude يركز على صناعة النفط وتاريخه في الشرق الأوسط. وبإقامته تحت رعاية مرتضى فالي، الكاتب والمقيّم الفني الذي نشأ في الشارقة ويقيم في نيويورك الآن، يستكشف المعرض الموسع النفط بصفته محفز على الاضطرابات الجيوسياسية والتحول الكبير في المنطقة.

تشمل المعارض الخاصة “الفردية” في المتحف عروض متزامنة لأعمال الفنانة الباكستانية لاله روخ والفنانة السعودية مها ملّوح، فضلا عن قطعة كبيرة من أعمال الفنان الياباني تشيارو شيوتا ومفروشات وقطع قماش من أعمال الفنانة اللبنانية منيرة الصلح.

يقدم معرض مخصص للأفلام وأعمال الفيديو حاليًا أعمال فيديو للفنانة جمانة منّاع المولودة في الولايات المتحدة الأميركية.

تساهم المكتبة الكائنة في الطابق الأرضي في ترسيخ كون المتحف مكانًا للتعلم. تضم المكتبة أكثر من 3,000 كتاب واشياء أخرى، وقد تم تصميمها لتكون بمثابة مكان للبحث الفردي والتجمعات الفكرية.

ومن شأن المساحات الخارجية أن تكون بمثابة تراس لتوفير مواقع لإنجاز الأعمال التي يتم طلب تنفيذها.

فازت الفنانتان العالميتان المقيمتان في الكويت علياء فريد وأسيل اليعقوب بأول تكليف من قبل مركز جميل للفنون في المتحف عن عملهما الذي يحمل اسم “الحياة المعاكسة: حديقة نباتية من الضوء مخصصة للأشجار“. ويعمل عملهما الفائز بمثابة حديقة مجتمعية اصطناعية من النوع الذي يبعث خيالاتٍ بهيجة عندما تتم إضاءتها ليلا.

من المفترض أن يعمل مركز جميل الفنون بمثابة مهد لرعاية الفن والتبادل مع برنامج من شأنه أن يقوم بتكليفات لتنفيذ الأعمال الفنية والتعاون مع الفنانين من المنطقة وخارجها. وبوجود هذا النوع من الطموح يمكن أن تستمر بيئة الإنتاج الفني والتبادل في الشرق الأوسط في التطور والنمو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى