أخبار وتقارير

ريادة الأعمال: فرص غير مؤكدة للاجئين

مع تزايد صعوبات توفير فرص عمل لائقة للاجئين في المنطقة، تتجه الكثير من المنظمات الدولية لتوفير التدريب على ريادة الأعمال للاجئين ومساعدتهم على تأسيس مشاريع ناشئة خاصة بهم. لكن تحقيق هذا الهدف “الكبير” يبدو مشروطاً بالتسهيلات التي تقدمها الحكومات العربية لتنظيم العمل في هذا القطاع، خاصة مع وجود بعض القرارات التي تستثني اللاجئين كما حدث مؤخراً في الأردن. (اقرأ التقرير ذو الصلة: عمل اللاجئين في المنطقة العربية: معضلة لا تنتظر حلاً).

مع ذلك، تستمر الكثير من المنظمات غير الحكومية في تقديم برامج تدريبية وأخرى تحفيزية لدعم توجه اللاجئين الشباب لقطاع ريادة الأعمال.

إذ أطلقت منظمة جسور ومؤسسة سبارك الهولندية ومنظمة شركات ناشئة بلا حدود، منصة عالمية تربط رائدي الأعمال المهاجرين واللاجئين بالفرص والموارد لبناء أعمالهم الخاصة، منتصف الشهر الماضي  مسابقة جديدة لريادة الأعمال والتدريب ودعم رواد الأعمال السوريين واللاجئين السوريين في كل من بيروت، وعمان، وإربيل، واسطنبول، وغازي عنتاب. تهدف المسابقة إلى إلهام ودعم خلق فرص اقتصادية للشباب السوري من خلال تزويدهم بالمهارات والأدوات اللازمة للتفكير في خلق مشاريع خاصة وشركات ناشئة، بحسب دانيا إسماعيل، مديرة برنامج جسور للريادة.

قالت “نؤمن بحق الشباب السوري في الحصول على فرص أفضل لإثبات أنفسهم. نحن مهتمون بالاستثمار في الشباب للمساهمة في إعداد جيل من وكلاء التغيير ليتمكنوا من العودة إلى سوريا ولعب دور في إعادة بناء كل قطاع في المجتمع، من الرعاية الصحية إلى التعليم إلى الأعمال التجارية إلى المؤسسات الحكومية.”

تتيح المشاركة في المسابقة فرصة الحصول على التدريب والإرشاد من قبل خبراء رواد الأعمال الأكثر إلهاماً في منطقة الـشرق الأوسط و شمال أفريقيا، بالإضافة الى مجموعة من الامتيازات الداعمة كالاشتراك في Google Cloud Services، Facebook Ads، ومنصة للعمل المشترك، وتصميم مجاني للعرض التقديمي الخاص بكل مشروع. في حين سيحصل الرابحين على فرصة لعرض مشاريعهم وأفكارهم في مؤتمر IGNITE في أمستردام خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم وجائزة مالية بقيمة 8000 دولار أميركي.

لكن بعض الأكاديميين الذين درسوا ريادة الأعمال في المنطقة العربية يعتقدون أن رواد الأعمال المحتملين يواجهون العديد من التحديات.

قال جوناس فيلر، مستشار في القطاع الخاص ومتخصص في أسواق المنطقة العربية والذي كتب أطروحة عن الشركات الناشئة وريادة الأعمال في العالم العربي، “هناك ضغط هائل على الشباب في المنطقة لجني المال، أعتقد أن الخطر في تأسيس شركتك هو أكثر عمقاً في الشرق الأوسط مقارنة بأوروبا،” موضحاً أن  الأسواق العربية يمكن أن تكون صغيرة نسبياً، كما أن القدرة على السفر إقليمياً أو التعاون عبر الحدود محدودة.

https://www.bue.edu.eg/
رائدة أعمال سورية في برنامج تدريبي استعدادا لمؤتمر StartupRoadshow. (الصورة: شركات ناشئة بلا حدود)

في المقابل، يمتلك رواد الأعمال افي أوروبا – بحسب فيلر- شبكة أمان للتأمين الاجتماعي والرعاية في حال فشل مشاريعهم بل إن دولاً كفرنسا تقدم أجوراً شهرية لرواد الأعمال.

لا تعتبر مسابقة جسور وسبارك الأولى من نوعها التي تستهدف الاجئين، إذ سبق وأن أطلق منتدى MIT لريادة الأعمال في العالم العربي مسابقة عالمية بعنوان ابتكر من أجل اللاجئين في عام 2016 بهدف إيجاد حلول تعتمد على التكنولوجيا لمعالجة التحديات التي يواجهها اللاجئون. كما سبق وأن نظمت شركات نائشة بلا حدود فعالية المرأة في مسيرة التقدم، التي جمعت رائدات الأعمال المهاجرات المقيمات في مدينة القاهرة مع أهم الفاعلين في بيئة تنظيم المشاريع الناشئة بمصر بهدف رفع الوعي حول الفرص المتاحة في ميدان الشركات الناشئة، بجانب دمج رائدات الأعمال المهاجرات واللاجئات في النظام الاقتصادي المصري، بإكسابهم معرفة أساسية متينة عبر ورشات أعمال وجلسات استشارية.

قالت فالنتينا بريمو، مؤسسة منصة شركات ناشئة بلا حدود، “يتوسع حول العالم مشهد الشركات الناشئة الذي يتكون من المؤسسات الحاضنة ومسرعات أعمال لرائدي الأعمال المهاجرين واللاجئين، ونحن نود أن نضع الأسس لبيئة تنظيم مشاريع فعالة للاجئين، حيث يستطيع الأفراد الطموحون الوصول إلى موارد واسعة في متناولهم لبدء أعمالهم الخاصة، أينما تواجدوا.”

كما تقدم العديد من المؤسسات الدولية المهتمة بدعم تعليم اللاجئين كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون للاجئين ومؤسسة سبارك ومنظمة العمل الدولية العديد من البرامج التدريبية بهدف تدريب وتمكين اللاجئين والفئات الأقل حظاً في المجتمعات المضيفة على إنشاء مشاريع خاصة وإدارتها عبر مساعدتهم على تطوير أفكارهم التجارية وتدريبهم في مجالات مثل التمويل، والتسويق، والموارد البشرية بالإضافة إلى عقد شراكات مع شركات محلية يمكن أن تدعم الشركات الناشئة وتستفيد منها.

شاب سوري مشارك في المخيم التدريبي لمؤتمر StartupRoadshow. (الصورة: شركات ناشئة بلا حدود)

لا يعتقد القائمون على هذه البرامج أن تدريباتهم تقدم فرصاً أكبر للعمل من تلك التي تقدمها المنح الدراسية.

قالت إسماعيل “برامجنا ليست بديل على التعليم الجامعي، بل خدمة تكميلية للشباب. اليوم، هناك جهود وبرامج تستهدف دعم رواد الأعمال السوريين، لكنها مازالت محدودة ومتناثرة ولاتغني عن التعليم الأكاديمي.”

لكن هذه البرامج التدريبية تتيح فرصاً تبدو أكثر واقعية للاجئين السوريين للعمل وإعالة أنفسهم وأسرهم وإفادة المجتمعات المضيفة أيضاً خاصة في ظل صعوبة الحصول على تصاريح عمل. (اقرأ القصة ذات الصلة:  أبواب مواربة أمام عمل السوريين في لبنان والأردن و تركيا ترسل إشارات متباينة لطالبي العمل من السوريين).

قالت إيريكا بيجل، مديرة برنامج ريادة الأعمال في مؤسسة سبارك، “يرتكز برنامجنا بالكامل على خلق فرص عمل. عندما تبدأ الشركات في النمو أو زيادة عدد الوظائف، سنصل إلى هدفنا الرئيسي.”

تبدي بيجل أسفها من صدور قرارات تقيد إنشاء اللاجئين لمشاريعهم الخاصة، إذ تعتقد أن ذلك يحرم المجتمعات المضيفة من منافع اقتصادية كبيرة. قالت “كان من الأفضل السماح للاجئين بإنشاء مشاريعهم الخاصة بحيث تكون الحكومة قادرة على الإشراف وتنظيم الإجراءات ووضع مبادئ توجيهية داعمة.” مضيفة أن  اقتصاد الدول المضيفة كالأردن سيستفيد من أي نشاط تجاري يقوم به اللاجئين على أرضها إذ أنه سيخفف الالتزامات المالية تجاههم وأيضاً سترفد الضرائب والرسوم التي يسددها اللاجئين لقاء إنشاء أعمالهم خزينة الدولة.

مع ذلك، لا يبدو أن القوانين المحلية الحالية لتنظيم قطاع ريادة الأعمال وإنشاء الشركات الناشئة ستؤثر سلباً على البرامج التدريبية للمؤسسات الدولية. إذ تستمر مؤسسات كسبارك وجسور في عقد المزيد من الورشات التدريبية والمسابقات التشجيعية بغض النظر عن الإمكانية الفعلية للاجئين في خلق أعمالهم الخاصة.

قالت بيجل “برامجنا قائمة على مبدأ المتدرب، أي أن المشاركين لا يعملون في الواقع لكنهم يحصلون فقط على المهارات وأدوات تساعدهم في المستقبل.”

بدورها تؤكد إسماعيل أهمية تزويد اللاجئين الشباب بالمهارات والأدوات لخلق فرص مالية لأنفسهم، بغض النظر عما إذا كانوا سيعودون إلى بلادهم أم لا، وبغض النظر عن قوانين الدول المضيفة. قالت “في هذا الإطار سيكون لديهم المهارات اللازمة لخلق مستقبل لأنفسهم.”

*شارك بنجامين بلاكيت في إعداد هذا التقرير.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى