أخبار وتقارير

بحث قطري يحذر من الآثار البيئية للبتكوين

يتسبب صعود عملة بتكوين، وهي عملة دولية إلكترونية مجهولة، في حدوث ضرر بيئي كبير من خلال الطاقة اللازمة لتشغيل أنظمة الكمبيوتر الأساسية، وفقًا لبحث جديد.

قال جون تروبي، الأستاذ المشارك للقانون في جامعة قطر، “إذا ما قمت بإرسال عملة بتكوين واحدة إليك، فإن ذلك يستخدم قدرًا كبيرًا من الطاقة يعادل ما تحتاجه لتشغيل منزلك لمدة شهر. هذا أمر غير مستدام.”

في ورقة بحثية نُشرت مؤخرًا في مجلة بحوث الطاقة والعلوم الاجتماعية، سلط تروبي الضوء على التأثير البيئي للبتكوين واقترح طرقًا لتقليل الانبعاثات الناتجة عن المخازن الضخمة للمكائن اللازمة للاكتتاب باستخدام العملة. لكن خبراء آخرين يختلفون معه ويقولون إن نظام البتكوين الحالي قابل للتطبيق وأقل ضرراً بيئيا من سك العملات الحقيقية مثل الدولار والجنيه الإسترليني واليورو.

تعتبر البتكوين طريقة افتراضية للدفع، فليس هناك أي شكل مادي لها ولا يتطلب التعامل بها وجود بنك. تم اختراعها في عام 2009 وهناك عدد محدود من البتكوين في العالم، وتتقلب قيمتها بحسب الطلب. ففي عام 2010، كان سعر البتكوين يعادل 0.06 دولار أميركي فقط، ولكن، وعند أعلى قيمة لها في عام 2017، كان سعر البتكوين الواحد أكثر من 17,500 دولار أميركي. في وقت كتابة هذا التقرير كان سعر الصرف حوالي 6,630 دولار لكل بتكوين.

قالت أسماء سلمان، الأستاذة المشاركة في قسم المحاسبة والمالية والاقتصاد بالجامعة الأميركية في الإمارات، “إنها تشبه العملات الأخرى، لكنها متاحة عبر الإنترنت فقط.”

نظراً للطبيعة المجهولة للبتكوين، فقد تم ربطها بأنشطة غير مشروعة مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وبيع المخدرات. كما قدرت دراسة حديثة أن 44 في المئة من المعاملات بالبتكوين مرتبطة بإجراءات غير قانونية. قاد ذلك بعض الحكومات إلى إصدار تشريعات ضد البتكوين. على سبيل المثال، منعت الصين مواطنيها من التداول بالبتكوين وغيرها من العملات المشفرة.

لكن التعامل بالبتكوين لا يزال قانونيًا في معظم البلدان في العالم العربي والغرب، ويشهد زيادة في شعبيته. ففي العام 2013، أصبحت جامعة نيقوسيا في قبرص أول جامعة في العالم تقبل بالبتكوين لدفع رسوم الطلاب، لتتبعها جامعات أخرى في ذلك.

لاستخدام البتكوين، يقوم المستخدمون أولاً بتنزيل “محفظة” من موقع بتكوين على الانترنت لتبادل المال الحقيقي مقابل البتكوين، أو تنزيل المنجم البديل للبتكوين عبر الإنترنت من خلال حل تسلسلات معقدة من الأرقام.

يقول تروبي إن التعدين هو الذي يتحمل بعض الآثار البيئية. حيث تكتمل الخوارزميات التي يحتاجها عمال مناجم البتكوين لحلها من خلال مراكز معالجة هائلة، والتي تستخدم الكثير من الكهرباء وتولد الكثير من الحرارة.

قال “لديك مستودعات ضخمة حول العالم تسمى مزارع البتكوين. تقع أغلبها في روسيا وأماكن باردة أخرى، لذلك لن تحتاج إلى تكييف الهواء. لكن، حتى في هذه الحالة، لا تزال العملية تستهلك الكثير من الكهرباء.”

بالإضافة إلى ذلك، عندما يتم نقل البتكوين من المحفظة الإلكترونية لشخص ما إلى آخر، فإنها تمر عبر سبعة من عمال مناجم بتكوين مختلفين ليقوموا بالتحقق من المعاملة. وهذا ما يجعلها آمنة ومجهولة المصدر، ولكن ذلك يزيد أيضاً من استهلاك الطاقة.

 يقول تروبي إن “البتكوين نظام جيد نظرياً، لكن الطريقة التي تم تصميمه وفقاً لها تستخدم الكثير من الكهرباء. لا يمكننا الاستمرار بهذا الشكل. نحن بحاجة إلى إقناع المصممين للقيام بشيء مختلف.”

مع ذلك، لا يتفق الجميع مع تروبي.

قالت سلمان “التكلفة البيئية أقل بكثير من صك العملة الورقية.”

وأضافت بأن تعدين البتكوين يمكن أن يتسبب في أضرار بيئية أقل من تعدين الذهب وسك العملة، مستشهدة بالأرقام الواردة في مراجعة للأدبيات عام 2014 والتي نشرها أحد مؤيدي شركة بتكوين. وقدرت تلك الورقة أن تعدين البتكوين ينتج 0.6 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون، مقارنة بـ 6.7 ملايين طن متري تنتجها صناعة العملات الحقيقية.

مع ذلك، فإن هذا يمثل التكاليف البيئية المقدرة للعديد من العملات مجتمعة (اليورو والدولار الأميركي والدولار الكندي والدولار الأسترالي) وليس تأثير “عملة حقيقية” متوسطة. بالإضافة إلى ذلك، فإنه ليس من العدل المقارنة بين تعدين بتكوين مقابل عملة مصكوكة، بحسب تروبي.

وبدلاً من ذلك، فإنه من الأفضل مقارنة البتكوين بطرق دفع إلكترونية أو افتراضية أخرى، بحسب تروبي. قال “تعادل معاملة بعملة بتكوين واحدة ما يحتاجه اجراء 400,000 معاملة ببطاقة الفيزا.”

هناك عدة طرق يمكن للبتكوين من خلالها أن تصبح أقل ضرراً بيئياً. الأكثر وضوحاً من بينها يتمثل في تقليص عدد المراجعات التحقيقية لكل معاملة. في الوقت الحالي، يتم تداول البتكوين من خلال سبع غرف مقاصة، مقارنة بواحدة فقط بالنسبة لبطاقات الائتمان. ومن شأن تقليل عدد غرف المقاصة أن يقلل من أمن النظام، لكنه سيظل أكثر أمانًا من عمليات بطاقات الفيزا.

بالإضافة إلى ذلك، هناك طرق أخرى أقل استهلاكًا للطاقة للتحقق من المعاملات لا تتطلب وجود مستودعات ضخمة من أجهزة الكمبيوتر لحل المعادلات المعقدة. قال تروبي “هناك الكثير من الأدلة التقنية المتاحة. ومعظمها آمنة وفعالة وتقدم ذات الفوائد من دون استهلاك الطاقة.”

والأهم من ذلك، بحسب تروبي، أن يتم تصميم العملات المشفرة في المستقبل مع أخذ آثارها البيئية في الاعتبار.

قال “نحن بحاجة إلى إقناع المصممين للقيام بشيء مختلف. من الممكن أن تغير بتكوين تصميمها ولكنني متشائم. أول شيء يتعين علينا القيام به هو إيقاف قيام العملات المشفرة المستقبلية من استنساخ تصميم بتكوين.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى