أخبار وتقارير

مجلة يونانية تحارب الصور النمطية عن اللاجئين

قبل بضع سنوات، وعندما تدفق أكثر من مليون لاجئ من السوريين وغيرهم على جنوب أوروبا، رفض العديد من اليونانيين ذلك، ورحبوا بأفكار السياسيين القوميين المناهضين للهجرة أو صفقوا للمسؤولين الذين سيقودون القادمين الجدد نحو ألمانيا ودول أخرى.

لكن فانيس كولياس وأصدقاؤه قاموا بتأسيس مجلة.

يدرس كولياس (27 عاما)، ومدير الاتصالات السابق في منظمة السلام الأخضر (غرينبيس)، حاليا إدارة الأعمال في جامعة أثينا للاقتصاد والأعمال. في عام 2016، أطلق كولياس مجلة سالمون بمساعدة اثنين من المواطنين اليونانيين ولاجئين من أفغانستان وروسيا البيضاء وروسيا والصومال.

تصدر مجلة سالمون، وهي مؤسسة غير ربحية، عبر الإنترنت باللغتين اليونانية والإنجليزية. وجاءت التسمية على اسم الفيل الرحّالة في رواية جوزيه ساراماغو التي ينظر الناس إليها بشكل مختلف بحسب ثقافتهم. وخلص فانيس إلى أن هذا المفهوم ذاته لوجهات النظر المتعددة ينطبق على أي شيء يختبره الناس المختلفون.

قال “هناك الكثير من الجوانب المختلفة لفكرة واحدة. لقد كان شيئًا مثيرًا للاهتمام بالنسبة لي.”

تغطي المجلة في كثير من الأحيان الثقافة والفنون، لكنها تحتوي أيضًا على مقالات تتعلق باللاجئين مثل تأملات مهاجر مجهول حول الفرق بين اللاجئين والمهاجرين. والمصطلح الأخير هو ما يستخدمه اليونانيون الناقدون للمهاجرين واللاجئين لتبرير إجراءات منع السوريين والأفغان وغيرهم من النزول على شواطئهم.

يتساءل الكاتب “هل هذا عادل؟ أن تصنف موظف يعمل لمدة 12-14 ساعة في اليوم في مصنع للكيماويات (ولا يزال غير قادر على تلبية احتياجاته الفسيولوجية) ويتوجب عليه ترك بلده والمجيء إلى أوروبا (من أجل كسب العيش بكرامة – أمن العدل أن نطلق على هذا الشخص بأنه مهاجر، أو ما هو أسوأ من ذلك بكونه مهاجر غير شرعي؟”

يعتقد كولياس بأن قصصًا مثل تلك قد اكتسبت الكثير من الكلام المحرض على الكراهية في أيام المجلة الأولى. ولكن في الآونة الأخيرة تلاشى هذا النوع من ردود الفعل حيث أصبحت مجلة سالمون أكثر شهرة بصفتها مراقب ثقافي.

تقدم المجلة قصصًا ومقاطع فيديو ومقالات مصورة عن مواضيع مثل مهرجان فخر المثليين في أثينا وفناني الشوارع والسكان العشوائيين الذين يحولون المباني الفارغة إلى مساكن للفنانين مع استمرار كفاح الاقتصاد اليوناني للتعافي بعد سنوات من إجراءات التقشف.

كتبت المجلة في قصة عن الشيوعية Communitism، وهي حركة لخلق مجتمعات للفنانين والعمال المبدعين الآخرين في المباني المُعاد تعميرها، “تحدثنا عن قضية ظل الأثينيون يناقشونها طوال سنوات، وهي استخدام جميع المباني المهجورة والمُدرجة في قوائم [الحفظ] في أثينا وكيف نجحوا في تطبيق النظرية.”

يقوم اللاجئون بمراسلة مجلة سالمون وكتابة قصصها، أو قد يكتبها اليونانيون. وتتكلم المقالات عن القضايا التي تؤثر على الهجرة، وقد لا تكون كذلك. يقول نصر الدين نظامي، وهو مهاجر أفغاني يعيش في اليونان منذ العام 2010 ويعمل كمسؤول للعلاقات العامة في مجلة سالمون، إن هوية الكُتاب ليست مهمة للغاية بالنسبة لرؤية سالمون التحريرية.

قال “نحن لا نركز على استخدام مصطلحات “اللاجئين” و”المهاجرين” مثل وسائل الإعلام الأخرى. كما إننا لسنا مثل وسائل الإعلام الأخرى التي تركز على بيع اللاجئين لأجسادهم أو بيعهم للمخدرات. نحن نأخذ كاميراتنا ونكتب عن الاندماج.”

فانيس كولياس، مؤسس ومدير مجلة سالمون.

ليست سالمون المشروع الإعلامي الجديد الوحيد في أوروبا الذي يعطي صوتًا للسكان غير الأصليين، ويواجه الصور النمطية السلبية عنهم ويساعدهم على الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة. فمن المشاريع الأخرى أمل برلين!، وهي صحيفة رقمية تصدر باللغات العربية والفارسية والألمانية في ألمانيا، ومشاريع إذاعية مجتمعية مثل ميكرو كامب، في فرنسا، وإذاعة غيتو، وإذاعة أصوات حرة Voci Libere في إيطاليا.

لكن نهج سالمون جديد في اليونان، بحسب ما تقول مارينا ريغو، أستاذة الصحافة في جامعة أثينا.

قالت “مجلة سالمون مشروع مثير للاهتمام للغاية. ففي فترة ينتشر فيها خطاب كراهية الأجانب بسرعة، في اليونان والعالم، تختار سالمون القيام بنشر قصص عن الناس دون أي تمييز أو صور نمطية، لكنها، عوضًا عن ذلك، تركز عليهم بصفتهم أعضاء في ذات المجتمع.”

بالطبع، فإن الحفاظ على بقاء المجلة في مهب الاقتصاد اليوناني المحتضر صراعاً. حاول الفريق جني الأموال من الاشتراكات وغيرها من الحيل لجمع المال ولكنهم تخلوا عن تلك الأفكار. يقول كولياس إن ما يقرُب من 500 شخص يقرأون قصصاً فردية تنشرها المجلة وهو عدد آخذ في الارتفاع.

تلقت المجلة بعض المنح لشراء كاميرات فيديو وإجراء تدريب إعلامي. كما قاموا بتطوير وحدة منفصلة، تدعى Cue، حيث يقوم موظفو سالمون بإنشاء مواقع الكترونية أو أحداث فيديو أو أداء أعمال إبداعية أخرى لصالح عملاء يدفعون المال، وقد حقق ذلك مبلغ قدره حوالي 14,000 دولار.

بعد ذلك، في حزيران/ يونيو، فاز الفريق بمنحة قدرها حوالي 140,000 دولار من مؤسسة المجتمع المفتوح، بحسب فانيس. سمح لهم ذلك باستئجار مكان للمكاتب ودفع أجور تسعة موظفين كانوا يعملون في السابق كمتطوعين.

رأى كولياس في المنحة وسيلة لصقل الرؤية التي تعمل سالمون على تقديمها. وأشار إلى أن العديد من قصص المجلة تركز أو تساعد في ترويج النشاطات أو العروض الفنية أو الأحداث. وهذا حسب ما هو مخطط، فالمجلة تقوم على أساس توثيق المجتمع وبناءه.

قال “أدركت القوة الكامنة التي يمكن لمجموعة متنوعة من الناس الحصول عليها. لم أفعل هذا بسبب أزمة اللاجئين. لقد دهشت بقوة مجموعة متنوعة من الناس فحسب.”

المزيد من تغطية قضايا الهجرة

بينما تباطأ تدفق المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا في السنوات الأخيرة، يواصل آلاف الأشخاص القيام بهذه الرحلة. ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الآونة الأخيرة بأن أكثر من 70,000 مهاجر ولاجئ وصلوا إلى أوروبا عن طريق البحر حتى أوائل أيلول/ سبتمبر، وأن أكثر من 1,500 شخص قد لقوا حتفهم وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا.

كما تعرض الملايين من الأشخاص للتهجير القسري بسبب النزاع داخل أوطانهم أو فروا إلى البلدان المجاورة في الشرق الأوسط وأفريقيا.

تشمل تغطية “الفنار للإعلام” لقضايا المهاجرين والنازحين سلسلة من المقالات حول الكتب التي كتبت من قبل اللاجئين أو تتحدث عنهم، حيث يمكن التعرف على المزيد عن وجهات نظرهم ورؤاهم في هذه المقالات:

كيف يندمج اللاجئون اليافعون في الصفوف الأميركية

عالم جغرافيا يطالب بإزالة الحدود

منظمة غير حكومية تنشر روايات مصورة حول حياة اللاجئين

المنبوذون: قصص الفارين إلى أوروبا

نظرة على داداب: أكبر مخيم للاجئين في العالم

أزمة اللاجئين في أوروبا بعيون صحافي بريطاني

سوريا بأصوات أهلها الحقيقيين

قصة مصورة تحمل شهادة قاتمة عن مخيم كاليه

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى