أخبار وتقارير

العلماء المهجرون: رقم مجهول

نُشر التقرير أولاً على twas.org ويعاد نشره هنا مترجماً بموجب موافقة الكاتب.

مر عامان على مغادرة الباحثة السورية ر. م. لبلدها برفقة أسرتها. غادرت البلاد بالطائرة من دون أن تخبر أحداً. كانت تنتظر فرصتها – فقبل حوالي ثلاث سنوات من ذلك، تم تدمير شقتها السابقة بفعل قصف جوي. وإذا ما فكرت في العودة الآن، فمن المحتمل أن تُعاقب بالسجن.

تمت إعادة توطين ر. م. في كندا بمساعدة منظمة علماء في خطر وبهدف إبقاء هويتها مجهولة، طلبت أن يتم تقديمها بالأحرف الأولى من اسمها فقط. تتذكر الباحثة قسمها في الجامعة في سوريا وتواجد 16 عضو هيئة تدريس فيه. لكنها تقول إن ستة إلى ثمانية منهم قد تركوا القسم الآن بسبب الحرب السورية، تاركين هيئة التدريس في نصف حجمها الأصلي. تعتبر ر. م. واحدة من آلاف الباحثين النازحين المتأثرين بالصراعات في المناطق المضطربة من العالم.

قالت ر. م. “بات من المستحيل الاستمرار في العيش هناك. أصبح منزلنا مشتعلاً تقريباً مثل مصفاة للنفط. كان الحريق كبيرًا. غادرت المنزل ولم يكن لدي سوى كومبيوتر محمول وأطفالي والقليل من الملابس.”

على الرغم من ندرة ما يُشار إليه في التقارير الإخبارية عن وجود المهنيين ضمن الهجرة الجماعية التي تسببت فيها الحروب الأخيرة، إلا أن المهندسين والعلماء وغيرهم من العاملين في المجالات المرتبطة بالعلوم هم من بين أولئك الذين فروا للنجاة بحياتهم. يجد هؤلاء الباحثون أنفسهم في بلدان جديدة وفي حاجة إلى دعم مسيرتهم المهنية ومساعدتهم على الاندماج مع البلدان المضيفة لهم. وتقع مسؤولية ذلك على عاتق صانعي السياسة والمجتمع العلمي لرسم مسار يساعدهم على المضي قُدما.

وبهدف القيام بذلك، يجب أن يكونوا قادرين على الإجابة عن سؤال جوهري: ما هو عدد العلماء المهجرين في العالم؟

لكن الإجابة هي أن لا أحد يعرف ذلك.

لهذا الأمر انعكاسات هامة على السياسة والعلوم، سواء في الدول المجاورة للبلدان التي تشهد صراعات أو بالنسبة لدول أوروبا وأميركا الشمالية.

يعتقد جيمس كينغ، مساعد مدير صندوق إنقاذ العلماء التابع لمعهد التعليم الدولي (IIE-SRF)، ومقره الولايات المتحدة، بأن القدرة على توضيح حجم الأزمة بشكل أكثر وضوحًا سيسمح للصندوق وغيره من المنظمات بالبحث عن مزيد من التمويل وإيجاد جامعات مضيفة إضافية. ترى المنظمة بأنه من المهم بالنسبة لوكالات الأمم المتحدة التي تتعقب اللاجئين أن تقوم بتجميع الأفراد في عمر الجامعة من تعداد اللاجئين وتعمل على تصنيف طالبي اللجوء حسب الخلفية المهنية والتعليمية.

مع ذلك، لم يتوافر بعد أي جهد لتحديد الباحثين النازحين بهذه الطريقة. أفضل ما يمكن أن تقوم به منظمات مثل صندوق إنقاذ العلماء التابع لمعهد التعليم الدولي IIE-SRF هو تجميع لتقديرات منقحة من أعداد اللاجئين الكبيرة، وبيانات الدول قبل الحرب بخصوص التعليم العالي، وطلبات المساعدة، وقصص مثل قصة ر. م.

قال كينغ “إنه شيء غير مثالي جدًا، لكنه على الأقل يمنحك شعوراً بحجم المشكلة. الأمر لا يتعلق بالمئات، بل بآلاف العلماء – وهذا بحد ذاته مفيد على ما أعتقد.”

لكن، وبالنظر إلى تأثير الحروب والصراعات الأخيرة في سوريا والعراق واليمن وأفغانستان، وإحصاء مجموعة تضم علماء ومهندسين وعاملين في المجال الطبي وطلاب دراسات عليا في هذه المجالات، فإن العدد ربما يتجاوز 10,000 شخص.

الأرقام المتوفرة حالياً

في نهاية عام 2016، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن وجود 65.6 مليون نازح حول العالم، بما في ذلك 22.5 مليون نازح مصنف كلاجئ، و10 ملايين شخص لا يحمل جنسية. وغادر ما يقرُب من 5.6 مليون شخص سوريا منذ العام 2011؛ فيما غادر أكثر من 260,000 شخص العراق منذ العام 2014، فرّ العديد منهم بسبب الصراعات مع تنظيم الدولة الإسلامية. كما غادر أكثر من 190,000 شخص اليمن. بالإضافة إلى ذلك، أصبح الملايين من الأشخاص نازحين داخل تلك البلدان أيضًا.

الآن، يتواجد العدد الأكبر ممن فروا في البلدان المجاورة، بحسب تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. على سبيل المثال، هناك مليون شخص على الأقل في لبنان و740,000 آخرين في الأردن. وتقدر المفوضية تواجد أكثر من 5.1 مليون لاجئ في أوروبا بحلول نهاية عام 2016، وبغض النظر عن مهنهم – تواجد حوالي 2.9 مليون شخص في تركيا و2.3 مليون في الدول الأوروبية الأخرى.

مع ذلك، ليس هناك إحصاء لعدد اللاجئين في المجالات المتعلقة بالعلوم. لذلك، وفي ظل غياب وجود تعداد كامل أو تخطيط على أساس علمي، كيف يمكننا تقدير العدد؟

يوضح تقرير اليونسكو للعلوم لعام 2015 عدد العلماء بين مواطني الدول. على سبيل المثال، يذكر تقرير اليونسكو تواجد 400 باحث لكل مليون شخص في العراق قبل الصراع الأخير. وفي ذروة أزمة حرب العراق في عام 2007، نزح حوالي 4 ملايين عراقي، وبذلك ربما يعني الإسقاط التقريبي وجود 1600 عالم بين المهجرين.

لا تتوفر احصاءات بأعداد العلماء في سوريا أو اليمن أو أفغانستان قبل الأزمة. ومع ذلك، يبدو أن الإسقاط التقريبي من العراق يوحي بأن عدد العلماء بين هؤلاء النازحين من تلك البلدان الأربعة مجتمعة يمكن أن يصل إلى الآلاف.

لكن في الإمكان فرز إشارات وأدلة إضافية من روايات الأخبار والبيانات الأخرى.

فبحسب تقرير السياسة الخارجية للعام 2016، كان لدى سوريا ما يقرب من 31,000 طبيب قبل الصراع – وأشار التقرير إلى تقدير من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان أن نصف أولئك الأطباء قد غادروا البلاد. ووفقاً للجمعية الطبية الألمانية، كان هناك ما يقرُب من 1,500 طبيب من بين الـ 430,000 لاجئ سوري الذين استقبلتهم ألمانيا مؤخرًا.

كما يُمثل الطلاب أيضا جزءً كبيرًا من اللاجئين. فقد وجد تقرير نشرته مجلة Chemistry World عام 2016 بأن ألمانيا استقبلت 271 من طلاب الماجستير والدكتوراه السوريين في ذلك العام، في إطار برنامج تديره الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي (DAAD). كما تلقت الهيئة أكثر من 5,000 طلب – أي حوالي خمسة أضعاف ما توقعه الهيئة.

ارتفاع كبير في طلبات التقديم

لفهم عدد العلماء النازحين هناك ثلاث منظمات مهمة تقود الطريق لإيجاد مواطن جديدة للأكاديميين الفارين من الخطر. توفر هذه المنظمات أكثر المؤشرات وضوحًا بخصوص عدد العلماء النازحين حول العالم، وتشمل: صندوق إنقاذ العلماء التابع لمعهد التعليم الدولي IIE-SRF، الذي يرتب ويشارك في تمويل المنح الدراسية للعلماء المهددين لمواصلة عملهم بأمان في المؤسسات الأكاديمية المشاركة في جميع أنحاء العالم؛ ومجلس الأكاديميين المعرضين للخطر CARA، وهي منظمة بريطانية غير حكومية توفر إقامة لمدة سنتين أو ثلاث سنوات في بلدان مختلفة للأكاديميين المهجرين؛ ومنظمة علماء في خطر، وهي شبكة دولية من المؤسسات والأفراد الذين يرتبون لإيجاد مناصب أكاديمية مؤقتة في الجامعات والكليات الأعضاء في الشبكة.

يمكن للأرقام التي جمعتها منظمات إنقاذ العلماء الرئيسية أن تعمق فهمنا لوجود العلماء ضمن الهجرة الأوسع نطاقا من مناطق الصراع.

في السنوات الأخيرة، قاموا بالإبلاغ عن ارتفاع كبير في اعداد الطلبات التي تلقوها. قال كينغ “يُعدّ هذا انعكاسًا للأوضاع في العديد من البلدان حول العالم التي تضرّر فيها التعليم العالي بسبب الحرب أو القمع المستهدف.”

شهد صندوق إنقاذ العلماء التابع لمعهد التعليم الدولي IIE-SRF زيادة في الطلبات بنسبة 50 في المئة بين عامي 2015 و2017، بفعل الأزمة السورية وأيضاً بعد محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016. ففي عام 2017، دعم الصندوق 200 باحث من 25 دولة.

وقدّر آلان إي غودمان، رئيس معهد التعليم الدولي، أن 30 إلى 40 في المئة من الباحثين الذين يدعمهم صندوق إنقاذ العلماء يعملون في مجال المهن العلمية والطبية.

شملت البلدان الثلاثة الأولى التي تلقى صندوق إنقاذ العلماء التابع لمعهد التعليم الدولي  IIF-SRF طلبات منها: العراق وسوريا وتركيا. ففي العام الماضي استأثرت هذه الدول بحوالي ثلثي الباحثين المئتيين المدعومين من قبل الصندوق. في الأشهر الأخيرة، شهد الصندوق IIE-SRF أيضًا قفزة في عدد المتقدمين اليمنيين – ليسجل زيادة بنحو 25 في المئة بين عام 2017 والأشهر الخمسة الأولى من عام 2018. وأفادت منظمة علماء في خطر بأن المخاطر الخمسة الكبرى التي يواجهها هؤلاء الباحثون تشمل: خطر الاعتقال أو السجن، انعدام الأمن أو الصراع، الفصل التعسفي؛ المضايقة والترهيب؛ أو الخوف من القتل أو الاختطاف.

قال ستيفن وردزورث، المدير التنفيذي لمؤسسة مجلس الأكاديميين المعرضين للخطر CARA، إن لدى منظمته تقدير بخصوص الأماكن التي تكون فيها مواقف العلماء أكثر خطورة. وفي السنوات الأخيرة، بلغ مستوى الاستفسارات بخصوص إعادة التوطين ذروته، ويرجع ذلك في الغالب إلى الطلبات الواردة من سوريا، بسبب الحرب الأهلية، وتركيا، بسبب الصراع السياسي هناك. قال “قبل نحو سنتين أو ثلاث سنوات، كنا نتلقى أربعة أو خمسة استفسارات أسبوعيا. لكن، في أواخر صيف 2016، كان هناك ما يقرُب من 20 طلب في الأسبوع. أما الآن فقد هبطت مرة أخرى إلى حوالي 10 طلبات، لكن ذلك لا يزال مرتفعاً مقارنة بالمستويات التاريخية.”

قالت شريا بالهارا، العضوة في برنامج خدمات الحماية في منظمة علماء في خطر، إن منظمتها شهدت اتجاهاً مماثلاً، وفي الوقت الحالي يشكل الباحثون الأتراك الجزء الأكبر من الطلبات التي تلقوها منذ تموز/يوليو 2016، حيث ارتفع العدد من 23 قبل عام 2016 إلى عدد تراكمي بلغ مجموعه 831 حتى حزيران/ يونيو 2018.

عانى العراقيون أيضًا من خسارة كبيرة في العاملين في قطاع العلوم يرجع تاريخها إلى الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003. فبعد وقت قصير من تأسيس صندوق إنقاذ العلماء التابع لمعهد التعليم الدولي  IIE-SRF في عام 2002، قام الصندوق بعمل عاجل بدعم من وزارة الخارجية الأميركية والمؤسسات الخاصة لإنقاذ العلماء العراقيين المهددين بسبب حرب العراق التي بدأت في عام 2003 والعنف الطائفي الذي أعقب ذلك.

في عام 2017، قدرت صحيفة الغارديان أن 450 أكاديميًا قد قتلوا منذ عام 2003. وقد عاد العديد من الباحثين إلى ديارهم في العراق خلال الفترة الهادئة بين عامي 2007 و2014. لكن تصاعد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014 أدى إلى أزمة لاجئين جديدة، وبدأ الأكاديميون في الاتصال بوكالات الدعم مرة أخرى. وقد أحصت منظمة علماء في خطر 35 هجومًا على العاملين في الجامعات العراقية في الفترة ما بين أيار/ مايو 2015 وأيلول/ سبتمبر 2016.

مع احتدام الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، كان التأثير عميقاً وقابلاً للقياس. فقد أفاد عالم الفيزياء أحمد الطباخ، وهو عضو شاب وزميل الأكاديمية العالمية للعلوم TWAS بجامعة النهرين ببغداد، بأن عدد أعضاء هيئة التدريس في الجامعات العراقية قد انخفض بحدود أكثر من 5,000 – من 40,993 إلى 35,362 عضو – بين الفصل الربيعي والخريفي لعام 2014. وذكر الطباخ أن أحدًا لم يتتبع المكان الذي ذهب إليه أولئك الاساتذة.

الآن، ومع هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية إلى حد كبير، بدأ أعضاء هيئة التدريس في العودة إلى ديارهم. لكن بعضهم وجد البنية التحتية البحثية متضررة أو مدمّرة، إذ تعرضت جامعة الموصل لأضرار بالغة على سبيل المثال.

قال كينغ ” عاد عدد كبير إلى حد ما من الأساتذة العراقيين إلى بلادهم. هل يعودون إلى وضع جيد؟ ليس بالضرورة. لكن، هل الوضع أكثر تفاؤلاً عمّا هو عليه قبل ثلاث سنوات مضت؟ بكل تأكيد. يتمثل التحدي بالنسبة لنا في تحديد طرق لإيجاد وسائل لدعم التعليم العالي العراقي مع تحول العراق إلى دولة تعمل بشكل أفضل.”

التحديات القادمة

توضح ضبابية الأرقام المتاحة حقيقة مهمة: فعندما يتعلق الأمر بفهم النطاق الكامل للمشكلة، يصبح توفير المزيد من الدعم والتمويل لإجراء البحوث أمر أساسي. ويعتبر مثل هذا الجهد ضروريًا اليوم، بالنسبة لبلدان مثل سوريا وأفغانستان والعراق واليمن، وكذلك بالنسبة لبلدان مثل فنزويلا، حيث تفيد التقارير بأن الآلاف من المهنيين يغادرون البلاد. من شبه المؤكد أن المستقبل سيؤدي إلى نشوب صراعات أخرى تدفع المجتمعات المرتبطة بالعلوم إلى المنافي.

ترى مجموعة شاملة من التوصيات صدرت في أيار/ مايو 2017 عن اجتماع رفيع المستوى للخبراء بتنظيم مشترك من قبل الأكاديمية العالمية للعلوم TWAS بأن على المنظمات العلمية والجامعات وصانعي السياسات بذل جهود واسعة لتحديد العاملين في مجال البحوث بين لاجئي الحرب. ودعت  إلى إيجاد قواعد بيانات جديدة للاجئين يمكن الوصول إليها تتعقب العلماء ومستواهم التعليمي، ومجالات خبرتهم وتحركهم. وحثت صانعي السياسات على إدراك أهمية هذا الجهد لأن تتبع الباحثين النازحين على وجه التحديد سيساعد على ضمان إمكانية عودتهم إلى العمل في بلدانهم الجديدة.

تقول التوصية “بإمكان مثل هؤلاء العلماء المتضررين من الحرب والذين يمتلكون تدريب مهني علمي أو طبي أو أي تدريب مهني آخر أن يكونوا مورداً قيماً إذا ما تم تحديدهم وتقديم الدعم لهم من أجل الاندماج في البيئة البحثية/ الأكاديمية في بلدانهم الجديدة. إنهم قادرون على المساهمة في خدمة المجتمع، بما في ذلك المساهمة في مخرجات البحوث، في البلد الذي يقيمون فيه. وعادةً ما يحتفظون أيضًا بروابط مع بلدانهم الأصلية، ويصبحون متصلين بأفراد متشابهين في الشتات.”

قال ديفيد ويلر، المحرر في الفنار للإعلام، وهي منفذ إخباري يغطي بانتظام محنة الباحثين النازحين، ” لا يشكل التحدي مهمة صغيرة. والسبب وراء عدم دقة الأرقام هو أن منظمات مثل صندوق إنقاذ العلماء التابع لمعهد التعليم الدولي IIE-SRF ومجلس الأكاديميين المعرضين للخطر CARA وعلماء في خطر موجودة للعثور على العلماء ومساعدة من يتوفر التمويل لهم، وليس بهدف بناء قاعدة بيانات يمكنها تقدير حجم المشكلة.”

وأضاف ويلر “لا أحد يمتلك المال الكافي لتقدير حجم المشكلة أو تجميع أي نوع من قواعد البيانات الواضحة.”

يعاني اللاجئون من الفوضى وانعدام اليقين بخصوص أوضاعهم واتخاذ قرارات كبرى في ظل ضغوط شديدة لمسألة الحياة أو الموت. لذلك، غالبا ما تُترك الوثائق التي تثبت وضعهم كباحثين، مما يجعل جمع البيانات حول وضعهم كباحثين أمرًا صعبًا.

قال ويلر “عليك أن تنظر إلى جوهر تجربة اللاجئين. إذا ما سقطت قذيفة هاون على منزلك في منتصف الليل، فإنك لن تفكر فيما إذا كانت شهادة البكالوريوس أو الدكتوراه الخاصة بك معك. ستخرج من هناك بسرعة فحسب، إذا ما استطعت، برفقة عائلتك. وبالمثل، إذا ما جاء رجال الأمن الحكوميين إلى منزلك، وأخبرتك عائلتك بأنهم يبحثون عنك، فلن تقلق بشأن ما إذا كان جهاز الكمبيوتر المحمول معك أو لا. ستهرب فحسب.”

يجعل هذا الوضع أيضاً التوظيف والقبول الجامعي صعباً، لأن الطلاب بحاجة إلى نسخ أصلية من شهاداتهم وأعضاء هيئة التدريس بحاجة إلى شهادات الدكتوراه للحصول على وظيفة في إحدى الجامعات. لذلك تحث المؤسسات والعلماء الجامعات أو الوزارات على وضع استثناءات خاصة، يمكن أن يؤدي إلى مُهل طويلة. إذ يفقد الباحثون النازحون أيضًا قائمة البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف الخاصة بمعارفهم في المهنة. وبالنسبة للطلاب، تكون النسخ الأصلية من الشهادات بمثابة جوازات سفر تعليمية، ويجب أن يكون في إمكانهم تخزين هذه السجلات والحفاظ عليها بشكل آمن.

هناك خيارات أخرى، بما في ذلك إمكانية وجود نظام عبر الإنترنت قائم على نظام التخزين السحابي لحفظ المستندات الأساسية للأكاديميين النازحين والتي قد لا تساعد الطلاب فحسب، بل في جهود حفظ السجلات الرقمية بشكل عام.

وأخيرًا، لا تسعى المؤسسات أيضًا بشكل جاد إلى البحث عن الباحثين بهدف إنقاذهم. وهم يعتمدون بشكل كامل على الأرقام المتوفرة في مجمع الطلبات الخاص بهم – المؤلّف من باحثين جاءوا لهم بأنفسهم. فيما يمضي الباحثون الذين لا يتابعون عملية التقديم هذه من دون أن تتم ملاحظتهم في الغالب، وستساعد قاعدة البيانات الشاملة هذه الوكالات في التعرف على هؤلاء العلماء النازحين الذين يتسربون من العملية.

قالت بالهارا “نحن نعرف عن أعداد أولئك الذين يتقدمون بطلبات فقط. يعتبر الوصول إلى الإنترنت مقيداً بشكل كبير في بعض الدول، لذلك قد يشعر بعض الأشخاص بالخوف من التواصل مع كيان خارجي أو لا يمكنهم الوصول إلى هذه المعلومات عبر الإنترنت.”

يمكن أن تكون دبلوماسية العلوم أداة بالغة الأهمية في بناء التعاون الدولي لمعالجة هذه القضايا.

قال داريل كوبلاند، الكاتب والدبلوماسي الكندي المخضرم الذي شارك في ورشة تريستة التي صاغت التوصيات، “تعتبر الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والشركات والجامعات في وضع جيد يؤهلها للتعاون في مساعدة العلماء اللاجئين.” مضيفاً “لكنهم يواجهون نقصًا في المعرفة والمعلومات. تقع مسؤولية مشكلة إيجاد أفضل السبل لتسخير الموارد المحتملة غير المستغلة لعلماء الشتات واللاجئين… مباشرة ضمن اختصاصات مجال دبلوماسية العلوم.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى