أخبار وتقارير

الأونروا تناضل لإبقاء المدارس الفلسطينية مفتوحة

غزة – يبدو مستقبل 252 مدرسة تابعة للأمم المتحدة هنا، تخدم أكثر من 240,000 طالب وطالبة، غامضاً. إذ تواجه الوكالة التي تدير المدارس نقصاً خطيراً في الأموال.

على مدى أسابيع، شعر الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين في غزة بقلق شديد حيال عدم إمكانية افتتاح المدارس في وقتها المحدد الشهر. لم يختلف الحال في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية، حيث تواجه 450 مدرسة خطراً مشابهاً.

هذا الأسبوع، قال مسؤولو وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، والمعروفة باسم الأونروا، إن لديهم الأموال اللازمة لفتح المدارس في الوقت المحدد، لكنها تكفي فقط لتشغيلها حتى نهاية أيلول/ سبتمبر. في حين يبقى مصير باقي العام الدراسي غير مؤكد.

بالنسبة للطلاب من أمثال شهد الشبراوي، البالغة من العمر 14 عامًا، يُعتبر الموضوع مصدر قلق كبير.

قالت شهد، التي ترغب في أن تكون قيادية وتعمل على تحسين الاقتصاد والمجتمع المدني في فلسطين، “المدرسة هي المكان الذي أحسّن فيه شخصيتي ومستواي الأكاديمي لتحقيق أحلامي.”

وأضافت، في وقت سابق من الشهر الجاري، “تبدأ أحلام الجميع بالتعليم. إن عدم البدء بالمدارس بعد العطلة الصيفية يعني أن الجهل سينتشر بين الأطفال في غزة.”

في تموز/ يوليو، أعلنت الأونروا عدم تمكنها من تجديد 1,000 عقد في المستشفيات والمدارس التي تخدم الصفوف الدراسية من المرحلة الأولى وحتى التاسعة بسبب تخفيض التمويل. إذ تم تسريح حوالي 430 مستشار صحة نفسية في المدارس على الفور.

وجاءت التخفيضات، إلى حد كبير، نتيجة لإعلان الحكومة الأميركية في كانون الثاني/ يناير بأنها ستحجب أكثر من نصف تمويلها للأونروا، وأنها ستقدم 60 مليون دولار أميركي فقط. وجاء هذا القرار بعد أسابيع فقط من شكوى الرئيس دونالد ترامب في تغريدة بأن الفلسطينيين لم يكونوا شاكرين للمساعدات الأميركية وغير راغبين في الانضمام إلى محادثات السلام.

وقال رؤساء الأونروا في نيسان/أبريل إن إدارة ترامب قد حجبت في الواقع أكثر من 300 مليون دولار من التمويل للمساعدات الفلسطينية، وفي تموز/ يوليو، وقالت الوكالة إنها ستضطر إلى اتخاذ “إجراءات تخفيفية“، بما في ذلك تخفيض في البرامج وتسريح للعمال.

وكان إسماعيل الطعمة، 39 عاماً، المستشار في برنامج الأونروا للخدمات الصحية والصحة النفسية المجتمعية، من بين الذين خسروا وظائفهم.

قال الطعمة، الذي يعمل مع الأطفال الذين يعانون من الصدمات المرتبطة بحرب 2014 في غزة وغيرها من أعمال العنف، “قيل لي فجأة ومن دون سابق إنذار بأنه قد تم طردي بعد 14 عامًا من العمل. أنا أتساءل فقط عن الكيفية التي سيبقى فيها الطلاب بخير لمواصلة دراستهم دون الحصول على الدعم النفسي.”

يعتقد سامي مشعشع، المتحدث باسم الأونروا، أنه ليس أمام الوكالة خيار سوى خفض عدد الموظفين. قال “يعتبر فصل الموظفين الخيار الثابت الوحيد” لضمان استمرار الوكالة في تقديم الدعم الأساسي والخدمات الأخرى للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

خلال العام الدراسي 2017 – 2018، وظفت المدارس حوالي 8,700 معلم و530 مديراً وموظفاً إدارياً في غزة، بحسب الأونروا.

مع ذلك، أغضب المبرر المنطقي للتخفيضات الفلسطينيين.

قال علي معتر، 37 عاماً، وهو مدرس مفصول من برنامج الخدمات الصحية والصحة النفسية المجتمعية، “تحاول الأونروا تبرير الأسباب الكامنة وراء ذلك بالقول إنها تواجه أزمة مالية. إنها أزمة سياسية محضة تحاول فيها الولايات المتحدة إنهاء وضع اللاجئين ونشر الجهل بين الفلسطينيين.”

وأضاف “التعليم هو الطريق لتعليم أطفالنا عن تاريخهم وأرضهم وحقوقهم الإنسانية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إن خفض التمويل وإغلاق المدارس هو ما تريده الولايات المتحدة وإسرائيل.”

من احتجاج فلسطينيات ضد قرار تخفيض تمويل الأونروا. (تصوير: محمد عطالله)

يتفق سلمان قرناوي، 43 عاماً، وهو معلم آخر في برنامج الخدمات الصحية والصحة النفسية المجتمعية تم فصله بعد 17 عاما من العمل، مع هذا الرأي.

قال “لا تتعلق القضية بتسريح 1000 موظف. يتعلق الأمر بإيجاد مكان للطلاب من دون الحصول على الدعم النفسي. كما أنه يخلق حالة من عدم الاستقرار في وضع العمال لأنهم قد يُفصلون أيضا. إنها بداية لشيء أكبر.”

ويخشى العديد من الفلسطينيين الآن من حدوث المزيد من التخفيضات. حيث ترى آمال البطش، نائبة رئيس اتحاد الموظفين في الأونروا، بأن فقد المعلمين والموظفين لوظائفهم قد يعقبه حدوث الإضرابات وغيرها من الاضطرابات المدنية.

قالت البطش “إذا ما تم الإعلان عن إضراب، فإنه سيكون إضراباً في جميع أنحاء فلسطين، وليس في غزة وحدها. لن يكون هناك استقرار في المدارس وموظفيها عن طريق خفض عدد الموظفين. ستؤثر زيادة عدد الطلاب في الصفوف على جودة التعليم.”

يتمتع موظفو المدرسة الذين خسروا وظائفهم بفرص ضئيلة في العثور على عمل آخر في المنطقة. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن معدل البطالة في قطاع غزة يبلغ حوالي 44 في المئة.

قال الطعمة “لستُ أدري أين يمكنني إيجاد وظيفة في غزة، وهي منطقة لا وظائف فيها.”

يشعر الطالب مالك الشرافي، 13 عاماً، بالقلق من عواقب تخفيض الميزانية أو حدوث إضراب. قال “تعني الأيام أو الأشهر المفقودة بدون تعليم بأن الطلاب سيثقلون بمقدار ما سيدرسونه والحصص التعويضية لإنهاء المناهج.”

وقال مدير مدرسة ثانوية في مدينة غزة، طلب عدم الكشف عن هويته، إن التخفيضات لن تؤثر على الطلاب في العام الدراسي الجديد ولكنها ستؤثر مع ذلك على النظام التعليمي الفلسطيني “سيكون لذلك تأثير على المعلمين والزملاء، حيث يمكن استبعادهم في كل مرة تدعي فيها الأونروا بأنها تعاني من أزمة مالية.”

في الوقت الراهن، سيعود 526,000 طالب وطالبة إلى مدارس الأونروا البالغ عددها 711 مدرسة في 29 آب/ أغسطس مع آمال في الحصول على أموال إضافية للحفاظ على الخدمات المقدمة للفلسطينين في فلسطين وخارجها.

يذكر أن الأونروا، واسمها الرسمي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، تاسست في عام 1949 لمساعدة الفلسطينيين الذين شردهم الصراع الدائر حول تأسيس دولة إسرائيل. وتقدم الوكالة الخدمات للاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى