أخبار وتقارير

المخاطر الصحية للسهر تزداد في بيروت

بيروت – تنبض بعض المدن في العالم العربي بالحياة ليلاً، وقد لا تتفوق أيٌ منها على بيروت. لكن أحد خبراء النوم في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت يحذر من أن قضاء ليالي لبنان في السهر يصاحبه مخاطر صحية كبيرة.

تشير الإحصائيات الإقليمية، على الرغم من محدوديتها، إلى وجود ذات المشكلة في الدول العربية الأخرى.

تظهر الأبحاث على الدوام بأن النوم لمدة سبع أو ثماني ساعات في الليلة الواحدة تعتبر الحالة المثالية، لكن نوم الكثيرين في بيروت يقل عن ذلك. قال حسن شامي، الأستاذ المشارك في الطب السريري في المركز الطبي التابع للجامعة الأميركية في بيروت، والمتخصص في طب النوم، “لديّ أدلة جيدة تستند إلى دراسات مسحية أجريتها تظهر بأن حوالي 40 في المئة من سكان بيروت ينامون أقل من ست ساعات، وهو رقم مروع.”

يتفق خبراء آخرون مع ذلك. قال نيل ستانلي، أخصائي النوم والاستشاري والباحث في المملكة المتحدة، إن نسبة الأشخاص الذين يعانون من نقص في النوم “مرتفعة وتعتبر مشكلة”. يسافر ستانلي بانتظام إلى منطقة الخليج بهدف إلقاء محاضرات حول أهمية النوم المنتظم وعالي الجودة.

قال “في الماضي، كان الناس يأخذون قيلولة في الخليج، الأمر الذي كان يسمح لهم بالبقاء مستيقظين في الليل، لكن هذا لم يعد ممكناً الآن. لا يزال الناس يعيشون على هذا النحو، لكنهم فقدوا قيلولة بعد الظهر.”

يرتفع الرقم الذي وجده شامي عن نقص النوم في بيروت بمقدار الثلث تقريبًا عن المعدل في الولايات المتحدة، بحسب أرقام مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها المذكورة في دراسة نشرت عام 2015 – على الرغم من أن المعدلات الأميركية لنقص النوم آخذة في الارتفاع. ارتفع عدد الأميركيين الذين لا يحصلون على ما يكفي من ساعات النوم بما يزيد عن 30 في المئة منذ العام 1985.

قال شامي “تسهم وجبات المساء المتأخرة والتلوث بالضوضاء ومشاكل الصحة النفسية المزمنة والقلق جميعها في ساعات نوم أقل في بيروت.”

وأثبت الباحثون بأن الحصول على قسط كافٍ من النوم – من سبع إلى ثماني ساعات في فترة 24 ساعة – يقلل من خطر الإصابة بالعديد من المشاكل الصحية. جمعت دراسة أجريت في عام 2011، والمنشورة في مجلة القلب الأوروبية European Heart Journal، نتائج العديد من الأبحاث المنشورة سابقاً. حيث أظهرت بأن أولئك الذين لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم (أقل من ست ساعات في اليوم) والذين ينامون أكثر من اللازم (أكثر من ثماني ساعات في الليلة) هم أكثر عرضة للمعاناة من أمراض القلب والأوعية الدموية مثل قصور القلب والسكتة الدماغية.

أظهرت ورقة بحثية مماثلة من العام 2013، نشرت في دورية “طب النوم” (Sleep Medicine)، وجود ذات الارتباط بين النوم غير المثالي وارتفاع ضغط الدم.

قال شامي “لا يدرك الناس أهمية النوم من أجل رفاههم العام وصحتهم على المدى الطويل.”

أجرى شامي دراسة استقصائية شملت 500 مشارك في لبنان، من خلال أخذ ملاحظات عن سلوكياتهم في النوم وميلهم لأخذ غفوة وتاريخهم الطبي.

يقول شامي إن عينته تشبه إلى حد كبير المجتمع اللبناني الأكبر من حيث مستويات التعليم والدخل، حيث أن حوالي 65 في المئة من مجموعته قد حصلوا على تعليم ثانوي أو أقل، فيما حصل 25 في المئة منهم على شهادة ثانوية ويحمل 10 في المئة منهم شهادة جامعية. وللغالبية دخل أقل من 1,000 دولار أميركي شهرياً.

لكن، وبمتوسط عمر يبلغ 45 عامًا، يعتبر المشاركون في دراسة شامي أكبر بنحو 15 عامًا عن متوسط العمر الحالي في لبنان. كما أن التكوين الجنساني غير دقيق قليلاً: فقد شكلت الإناث 60 في المئة من المشاركين فيما شكل الذكور 40 في المئة.

بالإضافة إلى الارتفاع الشديد في فترة النوم القصيرة، وجد شامي بأن العديد من سكان بيروت يعانون من التعب خلال النهار. قال “يشير هذا إلى أن أنماط نومنا ليست وراثية. لسنا مبرمجين للنوم بهذا الشكل. نحن بحاجة إلى النوم أكثر، لكننا لا نفعل ذلك. لو كان الأمر وراثيًا، لما شعر الناس بالنعاس.”

لتجنب الإجهاد أثناء النهار والمخاطر الصحية التي ترافق نظام النوم السيئ، يوصي ستانلي ببعض الإجراءات الأساسية. قال “لا تأكل في وقت متأخر من الليل، اجعل غرفتك هادئة ومظلمة قدر الإمكان. أنت بحاجة للحصول على ليلة نوم جيدة في كل ليلة. لا يمكنك حفظها ولا يمكنك استعارتها ولا يمكنك تعويض كل ما فاتك.”

أجريت الدراسة الأخرى الوحيدة في العالم العربي، والتي تماثل الدراسة التي أجراها شامي، في المملكة العربية السعودية ونشرت العام الماضي في المجلة الطبية السعودية. شملت الدراسة 20895 مشاركاً وخلصت إلى أن ثلث السعوديين لا يحصلون على قسط كاف من النوم. وكان ذلك النمط أكثر وضوحاً بين النساء السعوديات بنسبة 37.3 في المئة.

من الصعب تحديد إذا ما كان ارتفاع حالات نقص النوم مشكلة على مستوى المنطقة بالاعتماد على دراستين فقط، لكن المعدلات العالية المماثلة صادمة.

يرحب شامي بإجراء مزيد من الدراسات في الدول العربية الأخرى لوصف النمط الإقليمي بشكل أكثر دقة – وهو أمر يأمل في أن يزيد الوعي حتى يصبح في الإمكان مواجهة هذه الممارسات السيئة.

قال “ليس من المقبول اصطحاب الأطفال خارجاً لتناول العشاء في الساعة 11 مساءً، ومن ثم جعلهم يستعدون للذهاب إلى المدرسة. يمكنك رؤية ذلك في كثير من الأحيان في العالم العربي، وهذا يحتاج إلى التغيير كبداية.”

يتفق ستانلي مع ذلك. قال، “يحتاج الطفل في العاشرة من عمره إلى 10 ساعات من النوم، لذلك فإنه أمر مثير للقلق عندما تراهم خارج المنزل في وقت متأخر من الليل، وهي مسألة ثقافية. لا يبدو وكأن النوم على جدول الأعمال في الشرق الأوسط والخليج.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى