أخبار وتقارير

الحصول على عمل ليس هدفاً لتعليم النساء في الخليج

رأس الخيمة، الإمارات العربية المتحدة – تبدو النساء في دول الخليج متحمسات حيال التعليم العالي، لكنهنّ يسعين إليه من أجل تحقيق ذاتهنّ وليس بهدف الحصول على مؤهلات مهنية، وفقاً لدراسة عُرضت في مؤتمر الشهر الماضي.

أجرت الدراسة ووهيانغ كلوي سيم، طالبة دكتوراه في جامعة واسيدا في اليابان، في عام 2016. وارتكزت فيها على استطلاع قامت به على 161 امرأة تتراوح أعمارهن بين الـ15 و30 عاماً معظمهن طالبات (91 في المئة)، في حين أن باقي المستطلعات كن موظفات أو عاطلات عن العمل. واعتبرت غالبيتهن أنفسهن ميسورات أوميسورات نسبياً. عُرض البحث في مؤتمر الجمعية الخليجية للتربية المقارنة 2018، الذي تنظمه مؤسسة القاسمي لبحوث السياسة العامة وهي مؤسسة أنشأها حاكم رأس الخيمة، الشيخ سعود بن صقر القاسمي. ودعمت مؤسسة القاسمي أيضاً بحث سيم.

سألت سيم النساء اللواتي شاركن في الدراسة حول ما يقدّرون في حياتهن. بشكل عام، اعتقدت النساء أنّ “الروحانية هي هدف مهم (56 في المئة)، يليها الاعتناء بالعائلة، الحياة المستقرة، المساهمة في المجتمع وأن يكن أمهات صالحات. من ناحية أخرى، لم تبدي المستطلعات اهتماماً كبيراً بالنجاح مهنياً والتعبير عن أنفسهن في المجتمع.”

وتذكر سيم في بحثها أن النساء اللواتي قامت بمقابلتهن لا يعتبرن شهادة التعليم العالي في أي من مستوياته “أداة أو تذكرة للمساهمة في سوق العمل بشكل أكبر.” ولم تقل النساء أيضاً إنهن دخلن إلى التعليم العالي من أجل تحسين حالتهن الاجتماعية أو إظهارها. ولكن كلّما علت الشهادة، قدّرتها النساء الأصغر سناً: أكثر من نصف النساء السعوديات المستطلعات (51 في المئة) يطمحن للحصول على شهادة دكتوراه، فيما 18 في المئة فقط يطمحن للحصول على إجازة كآخر شهادة لهن و27 في المئة يطمحن للحصول على شهادة الماجستير كآخر شهادة لهن.

وكما هو الحال في العديد من الدول العربية، تمتلك النساء اللواتي أنهين دراساتهن العليا في دول الخليج حظاً أكبر في الحصول على وظيفة من النساء اللواتي لا يملكن سوى تعليم ابتدائي أو أقل، وفقاً لِسيم.

قالت معظم النساء المستطلعات – أكثر من 80 في المئة – إنهن لا يعتقدن أن شهادة في الدراسات العليا تحسّن آفاق الزواج. بالفعل، اعتُبرت شهادة الماجستير أو الدكتوراه عائقاً أمام احتمال زواج المرأة. فبحسب ما صرّحت به إحدى النساء “لا يحبّ الرجال أن تحمل النساء شهادات أعلى من شهاداتهم.”

وفي مسح منفصل لـ 1600 امرأة من دول مجلس التعاون الخليجي الست ، تقدمت النساء السعوديات على وجه الخصوص، إذ قالت  أكثر من نصفهن (51 في المئة) إنهن يطمحن للحصول على درجة الدكتوراه ، في حين أن 18في المئة فقط منهن تقدمن  للحصول على درجة البكالوريوس و 27 في المئة يطمحن للحصول على درجة الماجستير كدرجة نهائية. ارتفع بشدّة عدد الطلاب من الجنسين المسجلين في التعليم العالي في دول الخليج في السنوات الأخيرة. فمن العام 1990 وحتّى العام 2015، زاد التسجيل في التعليم العالي في السعودية بنسبة 64 في المئة، بحسب وزارة التعليم السعودية.

تتعارض القيم التي تعكسها دراسة سيم مع ما يبدو أنّه السياسات السائدة في الحكومات الخليجية، التي تميل إلى رؤية التعليم العالي كوسيلة لتحقيق النمو الاقتصادي.

رحّبت ناتاشا ريدج، مؤلفة كتاب “التعليم والانقسام المنعكس بين الجنسين في دول الخليج” والمديرة التنفيذية في مؤسسة القاسمي، بحذر بنتائج هذه الدراسة في تعليق أرسل بالبريد الالكتروني. قالت “إذا كانت النساء يتابعن دراساتهن العليا من أجل تحقيق ذاتهن، يعني ذلك أنهن سيدرسن على الأرجح مجموعة كبيرة من الاختصاصات، ما يعطيهن تربية أوسع من نظرائهن الرجال الذين يركزون على الاختصاصات التقليدية مثل الهندسة والطب وإدارة الأعمال. ويعطي ذلك أيضاً وزناً للحجة التي تفيد إنّ التعليم يتخطى مجرد الحصول على عمل، فهو بالفعل يضيف إلى الحياة الرضا بها وبالنفس.”

إلا أن ريدج قالت إن نتائج الدراسة قد تشير إلى أن النساء يعتبرن أنّ “سوق العمل لا يكافئ المزيد من التعلّم أو الشهادات الأعلى.” وأضافت “يعني هذا أيضاً أنّهن لن يخترن بالضرورة شهادات يحتاج إليها سوق العمل أو يطلبها، ما قد يضرّهم أكثر فأكثر.”

تحولات في الموقف من النساء

في المملكة العربية السعودية، يتعلّق نمو عدد النساء في التعليم العالي بشكل وطيد مع تطور حقوق النساء في المجتمع، وفقاً لعرض قدّمته إليزابيث بروس من جامعة ليهاي في الولايات المتحدة الأميركية في المؤتمر نفسه.

كانت بروس إحدى مؤلفي دراسة سُئل فيها 4400 طالب وطالبة عن توقعاتهم الحالية “عن إدراكهم للتبدّل في دور الجنسين، المواقف تجاهه واستعدادهم له.”

ونقلت الدراسة أن “النساء تهيمن بشكلٍ واضح على التعلّم في المرحلة الجامعية في السعودية، فـ37 في المئة من النساء يصلن إلى التعليم العالي مقابل 23 في المئة من الرجال.” كما وجدت أن النساء يحصلن على 79 في المئة من شهادات الدكتوراه التي تُمنح كل عام.

وبحسب الدراسة فقد “صاحب الارتفاع في تعلّم المرأة ارتفاع في متوسط سن الزواج الأول وانخفاض في تعدد الزوجات في السعودية.”

ووجدت أنه “على الرغم من أنه لا يوجد سوى قيود قليلة على الاختصاصات التي يمكن للنساء أن يدرسنها في الجامعة، غالباً ما يُتوقع من النساء أن يركزن على العلوم الاجتماعية بدلاً من العلوم الطبيعية.” وبحسب كاتبي البحث، اتضح أن 93 في المئة من المتخرجات الجامعيات الإناث تخصصن في التربية والعلوم الإنسانية. وستحد هذه الاختصاصات من جاذبية المتخرجات في القطاع الخاص.

وأشارت الدراسة إلى أنّ النساء يشكلن فقط 29 في المئة من القوة العاملة في السعودية، على الرغم من ازدياد توظيف النساء ثلاثة أضعاف بين العام 1992 والعام 2010. إلا أن الاستطلاع وجد أن الطلاب السعوديين الإناث والذكور متفائلون بشأن تحسين المساواة بين الجنسين ويعتقدون أنّه “سيكون هناك تغيرات جوهرية فيما يتعلق بحقوق المرأة في السنوات الخمس الآتية.”

وذكرت الدراسة “إنّ طموح النساء في الحصول على مؤهلات إضافية والمشاركة كلياً في المجتمع، كما تظهر نتائج الاستطلاعات، يعكس اتجاهاً جديداً حاسماً لحركة النساء في المملكة العربية السعودية. وبالرغم من أن سرعة التقدم قد تبدو أحياناً بطيئة، إلا أن النشاط والحماس موجودان.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى