مقالات رأي

كيف تطلب من أستاذك رسالة توصية؟

نُشرت هذه المقالة لأول مرة في مجلةThe Chronicle   ويعاد نشرها هنا مترجمة بموجب موافقة المجلة والمؤلف.

قد يبدو السؤال بسيطاً بما فيه الكفاية، وبطريقة ما، قد يكون، “هل يمكنك كتابة رسالة توصية لي؟”

وسيكون الرد في العادة “نعم”، قبل أن يتوجه الأستاذ وطالب الدراسات العليا إلى المسار المألوف.

لكن الرحلة ليست بهذه البساطة. فبالنسبة للمبتدئين، دعنا نفكر بمن يقود العملية. ربما أكون قد كتبت التوصية، لكنني لا أعتقد أنني المسؤول عن ذلك. لأن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتقك أنت – الطالب الذي يريد الحصول على الرسالة.

نعم، هذا صحيح، أنت من تقود هذه العملية. عندما أكتب توصية لك، فأنا أعمل من أجلك. حيث يرغب كلاً منا، وأنت على وجه الخصوص، في أن تكون رسالتي قوية ومقنعة بأقصى قدر ممكن. هذا يعني أنك بحاجة إلى الإشراف عليّ بشكل صحيح. وفيما يلي بعض الإرشادات حول كيفية القيام بذلك.

أولاً، عليك أن تزودني بكل ما أحتاج إليه. تختلف المتطلبات الكتابية حسب نوع الرسالة التي تطلب مني كتابتها، لكنني سأحتاج دائمًا إلى نسخة من خطاب التغطية (لطلب الوظيفة) أو بيان المشروع (للمنحة أو الزمالة) أو البيان الشخصي (للطلاب الجامعيين المتقدمين للدراسات العليا). ولا بأس بمشاركة مسودة تقريبية من ذلك. والهدف من ذلك هو حاجتي لأن أتعرف إلى كيفية تقديمك لنفسك، حتى أتمكن من صياغة نهج يكمل أسلوبك. (أرأيت ما أقصده بقولي عنك بأنك المسؤول؟ أنت من تقوم بإعداد المسار الخطابي.)

وبصفتك الشخص الذي يتقدم بالطلب، عليك أن تقرر بنفسك استراتيجيتك التي تعتقد بأنها الأكثر إقناعاً في تقديم الذات. بالطبع أرغب في مساعدتك إذا ما أعطيتني مسودة مترابطة لرسالة التغطية أو بيان المشروع الخاص بك، وسأنصحك بشأن كيفية جعلها أكثر إقناعا. إذا كانت المسودة مصقولة، فسوف أساعدك في تعديلها. لكنك الشخص الذي يجعل ذلك ممكناً. فيما أكون أنا بمثابة الشخص الذي يقدم المساعدة والمشورة.

لذا، عليك أن تقرر بخصوص أي الأوراق التي يجب أن تزودني بها لدعم مهمتي. إذا كنت قد تلقيت إحدى المساقات التدريبية الخاصة بي، فعليك أن ترسل لي نسخاً من أفضل الكتابات التي قمت بها في مساقي. ربما أكون قد درّستك قبل سنة أو سنتين، وربما قبل فترة أطول. وإذا كنت سأتحدث بتفصيل مفيد عن بحثك أو مشروعك، فأنا بحاجة لأن يكون أمامي مرة أخرى.

ستعتمد القوة الإقناعية لرسالتي في جذبها للاهتمام على التفاصيل. لا تفترض بأنني أتذكر ما فعلته. وحتى لو كنت أتذكر بالفعل، فإنني لن أتذكر التفاصيل. ربما لا أزال أحتفظ بعملك في ملف (لاسيما أننا نعيش الآن في عالم بلا أوراق)، لكن، لماذا يتوجب عليك أن تفترض ذلك؟ وحتى لو كان الملف لدي، يجب عليك أن تنقذني من الاضطرار للبحث عنه.

مع ذلك، لا تتوقف عند هذا الحد. ربما تكون قد قمت بعمل ذو صلة في مساق مختلف أو وظيفة تجعلك تبدو أكثر تأهيلاً. ليست هناك طريقة أستطيع من خلالها أن أعرف ذلك ما لم تخبرني به. لذلك، قم بإرسال نسخ من أعمال أخرى قمت بها إذا كنت تعتقد بأنها قد تساعد في المهمة. يمكنني دائمًا تجاهلها إذا ما رأيت بأنها غير جوهرية، لكنني لن أتمكن من جلبها إذا ما احتجت إليها، حيث أن الكثير من الأدلة المحتملة عن فطنتك أفضل من القليل جداً.

عليك إرفاق كل هذا – البيان، وعينات الكتابة، وأي شيء آخر ترغب في إدراجه – في بريد إلكتروني واحد حتى يكون كل شيء في مكان واحد. (ومن ثم تأكد من كوني قد استلمتها.) الأبسط هو الأفضل: حيث ستجعلني حزمة افتراضية واحدة محددة بشكل واضح قادراً على بذل قصارى جهدي من أجلك.

قُم بتوجيهي. نعم، عليك أن تخبرني بما يتوجب عليّ فعله – أو، لنقل ذلك بشكل ألطف، عليك أن تصف ما تحتاج مني القيام به. غالبًا ما يعتقد الطلاب بأن كتابة التوصيات عبارة عن صندوق أسود لا يمكنهم فهمه أو التأثير على أعماله الداخلية. ونشجع نحن الأساتذة هذا الاعتقاد من خلال إخفاء ما نفعله في عباءة غامضة متعمدة من “السرية”. حتى مع كل تكتمنا، فإن تصورك لفقدان القدرة مغالطة. أنت عاجز إذا ما ابتعدت فحسب.

لنفترض أنك تقدمت بطلب للقبول في برنامج يمنح شهادة الدكتوراه وكنت تطلب مني كتابة رسالة توصية. تتطلب طلبات التقديم من هذا النوع مراجع متعددة، وعادةً ما تكون ثلاثة أو أكثر.

يمكنك تقديم طلبات التوصية الخاصة بك قبل أن تنسحب بتواضع. لكن، لماذا يتوجب عليك تحديد تأثيرك بهذه الطريقة؟ عوضاً عن ذلك، تخيل الجهات التي تقوم بكتابة التوصية لك بمثابة اللجنة الخاصة بك، أو بمثابة المجموعة التي عينتها للدفاع عنك. في الواقع، لست بحاجة إلى تخيل ذلك – إنها الحقيقة في واقع الأمر. لذا عليك أن تتخيلنا كمجموعة من الموسيقيين وأنت قائد الأوركسترا. كيف يمكنك تنظيم جهودنا لصالحك بأكبر قدر ممكن؟

للإجابة عن ذلك، لنقم بمتابعة هذه التجربة الصغيرة عن كثب. ربما قمت بالكتابة بشكل جيد لكل من سيكتب توصية لك، لكنني قمت بتدريسك في فصل دراسي صغير. في هذه الحالة، يمكنك أن تذكّرني بمشاركتك النشطة وعرضك التقديمي الشفهي الممتاز لأنك تعرف أنني، ومن بين جميع من سيكتب توصية لك، الأكثر تأهيلاً لوصف هذه الصفات فيك. لذلك، عليك تقديم طلب صريح والقول ” آمل أن تتمكن في رسالتك من التأكيد على …”

نرحب، نحن المُرَشِّحون، باقتراحاتك الإرشادية لأننا نعمل من أجلك. وبغياب توجيهات محددة، قد أركز على كتاباتك وأمنح وصفاً مختصراً لشيء مهم بالنسبة لطلبك.

كُن واضحًا بشأن المواعيد النهائية، وامنحني وقتًا كافيًا للقيام بذلك. وكحال أي أستاذ آخر أعرفه، كثيراً ما أتلقى طلبات توصية في اللحظة الأخيرة. يتعامل معظمنا مع ذلك باستعجال ونفعل ما بوسعنا ليكون الأمر جيداً كذلك، لكن هذا لا يعني أننا سعداء بذلك. فالعمل لمدة 11 ساعة لا ينتج أفضل ما لدي من عمل.

لذلك عليك القيام بإدارة تقويم الطلب الخاص بك. حيث أن أحد العواقب الأقل وضوحًا للعالم التنافسي المتزايد الذي يعيش فيه طلاب الدراسات العليا يتمثل في أن موسم التوصيات يعمل الآن على مدار السنة. فلديّ طلاب دراسات عليا يتقدمون بطلبات للحصول على زمالات متعددة ويزودونني بجداول بيانات مع تواريخ متوقعة ووجهات مختلفة لكل خطاب مطلوب.

هناك شيء آخر: لا تَخَف من تذكيري إذا كان الموعد النهائي يقترب. عادة ما أدير عبء عملي بشكل جيد، لكنني أعلم بأن رسالتي مهمة بالنسبة لك، ولن أكون مستاءً إذا قمت بالتواصل معي للتأكد من أنني لم أنسَ الأمر.

البيئة الأكاديمية عبارة عن ثقافة تقييم. فذلك هو ما يربط مجتمعنا ببعضه البعض، ويأتي بأشكال متعددة – ملفات قبول الطلاب، ومسودات المقالات والكتب، وطلبات التعيين على الملاك الدائم والترقية، وزيارات الفصول الدراسية، وطلبات التقديم على المنح والزمالات، وقدر كبير من أعمال التقييم الأخرى. يمكنك القول أن التقييم هو ما نشترك فيه جميعاً.

وبالنظر إلى هذه الحقيقة، يحق لطلاب الدراسات العليا – والطلاب الجامعيين أيضًا – أن يكون لديهم أساتذة يكتبون التوصيات لهم. يتطلب النظام هذه الرسائل، وما لم تفعل شيئاً سخيفاً، مثل أن تطلب مني كتابة توصية لك عندما أعطيتك تقييم منخفض، فأنا أتوقع أن أكتب رسالتك من أجلك.

أنا أذكر هذا الموقف “بالموافقة الافتراضية” لأن الطلاب غالباً ما يطلبون كتابة التوصيات كما لو أنهم يتوسلون للحصول على خدمة خاصة. إنها ليست خدمة. في الواقع، إنه جزء من وظيفتي – وأحد أكثر الأجزاء فائدةً منها، لأنني أرى بأن التوصيات تجلب أشياء جيدة إلى حياة الطلاب. لذلك، لا تشعر بالذنب حيال طلب الحصول على رسالة.

لكن من الخطأ أيضاً افتراض كون كتابة التوصيات وظيفتي فحسب. حيث أن الجزء الأكبر يتوقف عليك – وأنت الشخص الذي يستخدمني في ذلك. قد لا تشعر بالراحة في التفكير في علاقتنا بهذا الشكل. في النهاية، يبدو صحيحاً بأنني رب عملك من خلال بعض الطرق المهمة: فأنا من يعطيك الدرجات، ويوافق على الأطروحة أو الرسالة العلمية. لكن، هناك الكثير من الكتب التي تشرح كيفية إدارة رئيسك في العمل، وإدارة مستشارك ليس استثناءً. إنها مهارة مهمة، وطريقة طلب الحصول على التوصية ما هي إلا مثال واحد على ذلك.

كثيراً ما يُقال – وأنا أقول ذلك، في واقع الأمر – بأنك الرئيس التنفيذي لتعليمك. ورسائل التوصية تقدم أفضل مثال على ذلك. والآن، عليك الاستعداد وتولي المسؤولية.

*ليونارد كاسّوتو، أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة فوردهام، ويكتب بانتظام عن تعليم الدراسات العليا في هذا المجال. يمكن التواصل معه  من خلال بريده الإلكتروني [email protected] وحسابه على موقع تويتر@LCassuto.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى