أخبار وتقارير

إعادة بناء غامبيا: هدف الطلاب العائدين إلى البلاد

فريتاون، سيراليون، وبانجول، غامبيا – مضى أكثر من عام على ترك رئيس غامبيا السابق، يحيى جامع، منصبه بعد 23 عاماً في السلطة.

منح سقوط جامع الطلاب الذين فروا من النظام إلى البلدان المجاورة أملاً جديداً بخصوص مسيرتهم التعليمية.

فللمرة الأولى، يرى الشباب، الذين علقوا لسنوات في دائرة من القمع والفقر كلاجئين، الآن فرصة لمستقبلهم. إذ يعتزم البعض العودة للدراسة في غامبيا وإكمال شهادات عليا والحصول على وظائف، في حين يأمل آخرون ممّن تلقوا تعليمهم في السنغال المجاورة، حيث فر العديد منهم، في أن يقبل أصحاب العمل شهاداتهم أو أن فرصاً جديدة ستفتح أمامهم.

في عام 2015، هرب باكاري جاداما، 29 عاماً، إلى السنغال بعد أن شاهد حملة القمع التي شنتها الحكومة على احتجاجات الشباب.

قال جاداما، الذي عاد إلى غامبيا العام الماضي، “رأيت رجال الأمن يعاملون الطلاب كالحيوانات، ويطلقون الرصاص الحي ويضربون المحتجين بالعصي. لقد هربت لإنقاذ حياتي مع عدد قليل من الأصدقاء عبر الحدود إلى السنغال. اعتقدت أن تلك كانت نهاية لدراستي لأن الحياة في ذلك الوقت كانت أكثر أهمية. كنت أرغب في أن أتعلم، لكن ذلك كان مجرد حلم لأن الحياة كانت صعبة لشخص لاجئ. قمت بالعديد من الوظائف الغريبة من أجل البقاء على قيد الحياة وكسب الرزق.”

اليوم، جاداما طالب دراسات عليا في كلية إدارة الأعمال بجامعة غامبيا في ذات الوقت الذي يقوم فيه بتشغيل شركة تنظيف في سيريكوندا، وهي منطقة ساحلية بالقرب من بانجول. ويأمل في أن تساعده دراسته على توسيع نشاطه التجاري.

جاداما واحد من بين العديد من الغامبيين الذين يعتمدون على التعليم العالي عند عودتهم بعد أن قالت الحكومة الحالية إنها ستضمن سلامتهم إذا ما عادوا إلى الوطن بهدف إعادة بناء بلادهم.

تعتبر جامعة غامبيا، في بانجول، مؤسسة التعليم العالي الوحيدة في البلاد التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة. واليوم، تعج قاعاتها وممراتها بالشباب.

يعتبر هذا تغيُّراً ملحوظاً عن السنوات القليلة الماضية، حيث فر آلاف الطلاب في السنوات الأخيرة من حكم جامع عندما بدأ في قمع التظاهرات ضد نظامه.

وصلت الأزمة السياسية في البلاد إلى الذروة عندما قال جامع إنه سيستقيل في كانون الأول/ ديسمبر 2016، لكنه غير رأيه بعد ذلك. وتحت ضغط من الدول المجاورة لغامبيا – بما في ذلك تهديد بالتدخل العسكري من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا – غادر جامع منصبه أخيراً في كانون الثاني/ يناير 2017.

في تلك الأيام، كان ضباط الشرطة يعتقلون ويضايقون الطلاب بشكل منتظم وكل من تجرأ على الاحتجاج على النظام. وقد اختفى عدد غير معروف من المحتجين والمعارضين ويُفترض أن معظمهم في عداد القتلى.

تعهد آداما بارو، رئيس غامبيا الجديد، بالتحقيق لمعرفة مصيرهم. كما وعد أيضاً بإجراء تحقيق حول مقتل 14 طالباً في نيسان/ أبريل عام 2000 على أيدي ضباط شرطة مكافحة الشغب بعد أن احتجوا على مقتل أحد زملائهم من الطلاب وورود تقارير عن اغتصاب طالبة.

وتدخل المجتمع الدولي أيضاً لمساعدة البلاد.

كيمو بوجانغ طالب في السنة الثانية للعلوم السياسية بجامعة غامبيا في العاصمة بانجول. يعتقد أن تغيير النظام قد فتح المجال للنقاش السياسي. (تصوير:كاديجاتو جاو)

في أواخر شباط/ فبراير، قدمت الحكومة الصينية 23 منحة للطلاب الجامعيين وطلاب الدراسات العليا من غامبيا للدراسة في الصين.

لكن بعض الغامبيين يعتقدون بأن البلاد بحاجة إلى التركيز على تطوير قدرتها التعليمية المحلية.

يأمل إبراهيم سيساي، مدرس اللغة الإنجليزية في مدرسة كاثوليكية في بانجول والبالغ من العمر 40 عاماً، في تمكين المعلمين من تحسين مدارس غامبيا في عهد الرئيس بارو.

غادر سيساي البلاد أيضاً لفترة قصيرة مع زوجته في عام 2015 بعد أن عطلت السلطات اجتماعاً في مدرسته. وعاد إلى غامبيا العام الماضي.

قال “في ظل النظام السابق، ورغم كوننا غير راضين عن أوضاع الخدمة، لم يكن يُسمح لنا بالتعبير عن مخاوفنا. وقد تم تفريق اجتماعات نقابتنا عدة مرات من قبل الشرطة وكنا نشعر بالخوف على الدوام من إثارة القضايا المتعلقة برفاهنا. الآن، يمكننا أن نطالب ونناقش مع الحكومة ما هو الأفضل لتطوير هذا القطاع. وهذا في حد ذاته خطوة إلى الأمام.”

يردد كيمو بوجانغ، الطالب في الصف الثاني في كلية العلوم السياسية بجامعة غامبيا، أفكار سيساي، مشيراً إلى أن معظم الأساتذة في الجامعة كانوا من الأجانب.

قال بوجانج، الذي هرب لفترة وجيزة إلى غينيا هربا من العنف في بلاده، “معظم المعلمين والمحاضرين في غامبيا من سيراليون وغانا ونيجيريا. ويرجع السبب في هذا إلى حد كبير إلى أن نظام جامع لم يهتم بالتعليم على مدى أكثر من عقدين من الزمن. كما اضطر اضطهاد العديد من المهنيين الآخرين معظمهم إلى الفرار إلى بلدان أخرى. ومن هنا تراجع المستوى وتم تعيين معلمين أجانب من البلدان المجاورة الناطقة باللغة الإنجليزية.”

يرغب بوجانغ في المساعدة على تحسين إمكانيات الجامعة من خلال المعرفة الغامبية. قال “بعد التخرج، آمل أن أكون قادراً على التأثير على المجتمع بشكل إيجابي وأن أشارك في مناقشات الحكم دون أن أتعرض للاضطهاد.”

كما يرغب آخرون في توسيع التعليم العالي في غامبيا.

يرغب عثمان دياتا، البالغ من العمر 28 عاماً والطالب في الصف الثاني من كلية الاتصالات، في إيجاد مجموعة واسعة من المساقات التدريبية. كان دياتا في فريتاون بسيراليون عندما أخذ بعض الدورات في اللغة الإنجليزية خلال فترة تواجده هناك في عام 2014.

قال “إن وجود جامعة واحدة في غامبيا بأكملها ليس بالأمر الكافي. يجب أن تكون هناك منافسة بوجود مساقات متخصصة وحديثة في مجال تكنولوجيا المعلومات والتنمية. إذا ما حدث ذلك، فإننا سنرى المزيد من الإمكانات الشبابية القادمة من غامبيا.”

*كتب مراسلنا ألفا كامارا من فريتاون فيما كتب المراسل كاديجاتو جاو من بانجول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى