مقالات رأي

قراءة دينية جديدة تدعم حقوق المرأة

الرباط – تقع الرابطة المحمدية للعلماء، وهي مؤسسة رسمية بارزة للدراسات الدينية في المغرب، في مبنى فخم هنا في العاصمة الرباط. تتميز مداخل المبنى البراقة وساحة الفناء الداخلي بديكور من أعمال الجص التقليدي والسيراميك والنوافذ المزودة بمشابك خشبية. تجسد الأجواء الهادئة سلطة دينية وقانونية وعلمية، هنا في المغرب وشمال إفريقيا والشرق الأوسط، يهيمن عليها الرجال بشكل كامل تقريباً.

في عام 2011، تم تعيين أسماء المرابط في الرابطة لترأس مركزاً للدراسات النسوية في الإسلام فريد من نوعه في المنطقة. تعتبر المرابط أفضل شخصية معروفة في المغرب لتمثيل ما يُشار إليه عادة باسم “النسوية الإسلامية” – وهي مدرسة فكرية تدافع عن حقوق المرأة في إطار التقاليد الدينية. تسعى المرابط لإسترداد الإسلام وإثبات بأنه لا يبرر انعدام المساواة بين الجنسين، وإظهار أن “الروحانية يمكن أن تكون عامل تحرير”، كما أخبرتني في مقابلة أجريتها معها قبل بضعة أشهر.

في كتبها العديدة وخطبها العامة، تقدم المرابط قراءة تقدمية وسياقية للقرآن. وهي تحاجج بأن الإسلام بحاجة إلى تنقية من قرون من التفاسير التي قدمها علماء دين من الذكور، والذين فرضوا تحيزاتهم المعادية للمرأة على دين كانت رسالته الروحية الأصلية تؤمن بالمساواة بشكل ملحوظ في وقته.

في كتابها الأخير “الإسلام والمرأة: الاسئلة المقلقةIslam et Femmes: Les Questions Qui Fâchent“، تتساءل المرابط عن الطريقة التي يُميّز بها الإسلام بين الرجال والنساء – كما هو الحال مع تعدد الزوجات والطلاق والميراث والإدلاء بالشهادة والالتزام بالحجاب وسلطة الزوج على الزوجة – وتفكّك الأساس الديني لكل أشكال انعدام المساواة هذه، من خلال إظهار أنها لا تستند إلى أوامر أساسية في القرآن أو المجادلة بأن أساسها النصي يحتاج إلى فهم في ضوء السياق التاريخي.

يهدف كتابها، بحسب ما كتبت في مقدمته، إلى “شجب ما رسخته الثقافة الأبوية في نفوس المسلمين من حط لقيمة المرأة”.

عملت المرابط في البداية كطبيبة. وأثناء تواجدها في أميركا الجنوبية في تسعينيات القرن العشرين، اطلعت على علم لاهوت التحرير وتأثرت به، وهو بمثابة رؤية تقدمية للمسيحية تدافع عن العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

قالت المرابط لي “عندما أكتب، فإنني أكتب لنفسي في المقام الأول. منذ البداية كان الأمر بمثابة نقاش مع نفسي، كامرأة مسلمة.”

تشكك النسويات العلمانيات أحياناً في “النسوية الإسلامية” بصفتها موضوع غير متجانس أو غير ضروري – فلماذا لا يتم الجدل على أساس حقوق الإنسان العالمية، لاسيما في الدول التي وقعت على اتفاقيات دولية تضمن ذلك؟ لكن المرابط تنطلق من أساس ديني لأنها ترى بأن الدين هو الداعم الرئيسي للنظام الأبوي في المنطقة اليوم. حيث ترغب المرابط في تزويد النساء بحجج للرد.

تسعى المرابط لإيجاد “طريق ثالث” بين النسوية الغربية – التي تعتقد بأنها ملوثة بفعل التدخل العسكري الغربي والاستعمار والمعايير المزدوجة والهجمات المقنعة على الإسلام، وبين الخطاب الديني الذي يهيمن عليه الرجال والذي يمحو كل نقاش حول حقوق المرأة بوصفه تحدٍ وإفساد للثقافة المحلية.

كتبت المرابط بأن النساء المسلمات “عالقات” بين الخطابين اللذين يستخدمانهن كأدوات. فمن ناحية، تُطالب النساء باستمرار “بالحفاظ على أسُس الهوية الإسلامية التي يفترض بأنها تتعرض لتهديد دائم”. ومن ناحية أخرى، فإنهن بمثابة “كبش فداء للاختيار، الذي يمكن من خلالهن ذم الإسلام وتعزيز فكرة تفوق القيم الغربية على ثقافة إسلامية قديمة.”

لا يزال خطاب المرابط غير مقبولاً من قبل معظم رجال الدين ولا يتم تدريسه في المؤسسات الدينية التقليدية، لكنها تمكنت من تأكيد وجودها ببطء. فقد طورت أفكارها وحججها منذ ما يقرب من عقدين الآن. قالت “في السنوات الخمس أو الست الماضية فقط، أصبح خطابي مسموعاً ويحظى باحترام كبير حتى لو لم يشاركني الكثيرون وجهات نظري.”

غالباً ما تروّج السلطات المغربية لرؤية “معتدلة” عن الإسلام في البلاد. وفي عام 2004، أصدر الملك محمد السادس قانوناً جديداً للأسرة، أو مدونة الأسرة، والذي منح المرأة مزيداً من الحقوق والحماية. وبصفته “أمير المؤمنين”، وهي أعلى سلطة دينية في البلاد، فإن الملك يمتلك شرعية للقيام بذلك على الرغم من احتجاجات الإسلاميين. وبينما تم الترحيب بالمدونة كخطوة مهمة إلى الأمام، كان تطبيقها مخيباً للآمال، حيث لا تزال النساء هنا تعاني من العنف الأسري والمضايقة والمعايير الجنسية المزدوجة وانعدام المساواة الاقتصادية.

مع ذلك، فإن بإمكان المرأة في المغرب أن تعمل كقاضية وتنخرط في سلك الشرطة؛ بل إن في إمكانهن أيضا أن يعملن كمرشدات في المساجد لتعليم النساء الأخريات عن شؤون الدين. وفي الآونة الأخيرة، أتيحت للنساء فرصة العمل ككاتبات عدل لتوثيق عقود الزواج والطلاق والميراث. وتعتبر هذه خطوة صغيرة في العملية الجارية لـ “تفكيك النظام الأبوي الديني”، بحسب المرابط.

تقول المرابط إن “النظام الأبوي يتمثل في رفض سلطة المرأة على النصوص الدينية”. وترى بأنه حتى النساء اللواتي يحصلن على شهادة في الدراسات الإسلامية، “سيفسرن النصوص بذات الطريقة الأبوية التي يقوم بها الرجال، وإلا فسيتم تهميشهن. ومن بين مطالبنا القبول بقراءات المرأة للنصوص الدينية والسماح للنساء بأن يصبحن سلطة دينية. في تاريخنا، كان هذا قائماً، لكن تلك النسوة تعرضن للتهميش.”

تحاول المرابط إعادة النساء إلى المركز – ولا تتبع في ذلك الطريقة المعتادة – باعتبار النساء موضوعات للمناقشة، بل بصفتهن متحدثات بأنفسهن.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى