أخبار وتقارير

الختان: كابوس يهدد تعليم الفتيات الصوماليات

مقديشو، الصومال – لم تذهب نصرة أحمد، 13 عاماً، إلى المدرسة هذا العام. تحب نصرة الدراسة، لكنها لم تتمكن من حضور الفصول الدراسية بعد أن خضعت خلال عطلة كانون الأول/ ديسمبر لإجراء وحشي يعرف باسم ختان الإناث أو تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

قالت “لا أستطيع الذهاب إلى المدرسة. لا يزال الألم حاداً. لا أستطيع المشي بشكل جيد. لم أرغب في أن يحدث هذا لي. فكرت في الفرار، لكنني لم أتمكن من ذلك بعد أن تم ربط يدي.”

كانت نصرة في الصف الثامن في مدرسة جابر بن حيان الابتدائية في مقديشو قبل أن تُجبر على الخضوع لإجراء تلك الممارسة. عندما زارت نصرة والديها في جمهورية أرض الصومال، وهي منطقة حكم ذاتي في شمال غرب الصومال، في فترة الإجازة، قاما بأخذها إلى سيدة تجري عملية الختان التقليدي.

قالت نصرة “لم أعرف أن هذا قد يحدث لي. كانت والدتي قد وعدتنا بأننا لن نخضع للختان لأنها تريد منا أن نتفوق في التعليم.”

الآن، تبدو نصرة غير متأكدة مما إذا كانت ستعود إلى المدرسة أو لا. حيث يُتوقع أن تتزوج معظم الفتيات في هذه الدولة الواقعة في شرق أفريقيا مباشرة بعد إجراء العملية، وعادة ما يحدث الحمل بعد ذلك بفترة وجيزة.

تقول منظمة الأمم المتحدة إن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث – والذي يشمل جميع الإجراءات التي تتعمد تغيير الأعضاء التناسلية للإناث أو التسبب في جرحها لأسباب غير طبية –يعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان على الصعيد الدولي. (اقرأ المقالة ذات الصلة البحوث: الوسيلة الأخيرة لمحاربة ختان الإناث في العالم العربي.

تتزوج الآلاف من الفتيات الصوماليات بعد وقت قصير من خضوعهن لعملية الختان.

في الصومال، خضعت 98 في المئة من النساء والفتيات لشكل من أشكال تشويه أو قطع الأعضاء التناسلية للإناث، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف). إذ تتم إزالة الشفرين أو البظر أو أجزاء أخرى من الأعضاء التناسلية للفتيات والشابات بعمل جراحي يقوم به غالباً أشخاص غير مدربين في ظل ظروف غير صحية. وعادة ما تعاني النساء من ندبات وعدوى ومشاكل طبية أخرى بعد ذلك.

نتيجة لذلك، تخلت آلاف الفتيات الصوماليات عن تعليمهن، بحسب ما يقوله الخبراء. وتشهد الصومال واحدة من أدنى معدلات الالتحاق بالمدارس في سن التعليم الابتدائي في العالم، حيث أن ما نسبته 30 في المئة من الأطفال فقط مسجلون في المدارس، وتشكل الفتيات نسبة 40 في المئة فقط من أولئك الطلاب. وعادة ما تنخفض نسبة الفتيات عند انتقالهن إلى الصفوف الاعلى بسبب خضوعهن لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث وتسربهن من المدرسة.

قالت نازلين عمر راجبوت، رئيسة المجلس الوطني الإسلامي في كينيا والمدافعة عن حقوق النساء والأقليات في جميع أنحاء شرق أفريقيا، “يعتبر تعليم الفتيات تحدياً في الصومال، ولاسيما في وسط البلاد وجنوبها. تفضل العديد من الأسر تزويج الفتيات في سن مبكرة بعد خضوعهن لعملية تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. ليس هناك مكان للفتيات من الأطفال في الصومال بسبب انتشار زواج الأطفال على نطاق واسع من خلال الثقافة والدين.”

تعتقد منى عمر، المعلمة في مدرسة اسطنبول الابتدائية في شمال غرب الصومال، بأن عدداً كبيراً من تلميذاتها اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 11 و 12 عاماً لا يرجعن الى الدراسة بعد الإجازة المدرسية لان معظمهن يخضعن لعملية الختان خلال فترة الإجازة.

قالت عمر “تتسرب معظم الفتيات هنا من المدرسة في سن 11 الى 12 عاماً. فما أن تغلق المدارس أبوابها حتى يتم أخذ الفتيات من قبل الوالدين وإجبارهن على الختان. بعد ذلك الإجراء، لن تتمكن من رؤيتهن مرة أخرى، حيث يتزوجن من كبار السن ويختفين إلى الأبد.”

وأضافت معلمة اللغة الانجليزية البالغة من العمر 28 عاما بأن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في الصومال يعتبر إيذاناً بتحول الفتاة الى امرأة. فما أن تخضع الفتاة للعملية حتى تصبح بالغة ويمكن لها بذلك أن تتزوج.

وبحسب عمر، فإن هذا الاتجاه يثير قلق الجميع فى قطاع التعليم الصومالي. إذ يتراجع عدد الفتيات في المدارس سنوياً على الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لتمكين عدد أكبر من الفتيات على الانتظام في الدراسة.

قالت “نحن بحاجة للقيام بشيء ما لضمان تمكن حصول هؤلاء الفتيات على التعليم حتى بعد أن يتزوجن ويلدن. لن يكون لدينا فتيات في الصفوف إذا ما استمرت هذه النزعة.”

تعتبر حمدة عبد الله، البالغة من العمر 15 عاماً، من ضحايا تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، حيث توقفت عن التعليم بعد خضوعها للعملية في سن التاسعة. ثم تزوجت بعد ذلك بوقت قصير من رجل يبلغ من العمر 25 عاماً.

قالت عبد الله وهي تحمل ابنها البالغ من العمر عامين، ” كنت فتاة ذكية جداً. ربما كنت سأصبح معلمة أو طبيبة أو حتى طيارة. لقد أجبرت على الخضوع لختان الإناث خلال العطلة المدرسية. ومن ثم تزوجت من رجل لم أكن أعرفه بعد أن قام بإحضار 10 أبقار.”

تعتقد عبد الله بأن شقيقتها الأكبر سناً كان في إمكانها أن تكون ناجحة أيضاً لو أنها أكملت دراستها. وأضافت بأن شقيقتها أُخضعت للختان بالقوة خلال العطلة وتم إخراجها من المدرسة قبل أن تتزوج وتصبح أماً لأربعة أطفال اليوم.

قالت عبد الله “كانت الأولى على صفها في جميع الامتحانات. لكن أحلامها توقفت بسرعة.”

يحرم تشويه الأعضاء التناسلية للإناث الملايين من الفتيات الصوماليات من الحصول على التعليم.

لا يشكل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث العقبة الوحيدة أمام تعليم البنات في الصومال. إذ أن الآباء والأمهات يميلون لإبقاء الفتيات في المنزل للمساعدة في الأعمال المنزلية، بحسب راجبوت.

قالت “تبقي الأعمال المنزلية الفتيات منشغلات عن الذهاب الى المدرسة. ويعتقد أولياء الأمور بأن على بناتهم البقاء في المنزل للمساعدة في القيام بتلك الأعمال. تعاني الفتيات من تدني احترام الذات وافتقار الاهتمام بالتعليم بسبب معايير اجتماعية تشجع تعليم الأولاد فقط.”

تعاونت الحكومة الصومالية مع المنظمات المحلية والدولية لوقف تشويه الأعضاء التناسلية للإناث وتوفير فضاءات صديقة للفتيات ونواد ما بعد المدرسة، فضلاً عن توفير مرافق صحية للفتيات من أجل زيادة التحاقهن بالمدارس. إذ لا تتواجد في العديد من المدارس الصومالية حمامات للفتيات ولا توفر المدارس المناديل الصحية وغيرها من المواد الضرورية للمراهقات.

قال عبد الرحمن طاهر عثمان، وزير التعليم الصومالي، “نحن نعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم حتى تتمكن بناتنا من الذهاب الى المدرسة مثل نظرائهن من الذكور.”

تشجّع عمر، المدرسة في المدرسة الابتدائية، الفتيات في جميع أنحاء الصومال على الالتحاق بالمدارس حتى يتمكن من التفوق في التعليم والقيام بدور نشط في القطاعات الأكاديمية والاقتصادية والسياسية في البلاد.

قالت “نريد أن نرى المرأة تتولى قيادة هذا البلد. نريد أن نرى المحاضرات الجامعيات والمحاميات والطبيبات ورائدات الأعمال.”

على الرغم من عدم ارتياحها، تتفق نصرة مع ذلك وهي تتطلع لاستكمال تعليمها.

قالت “أريد أن أُشفى لأعود إلى المدرسة. لن أقبل بالزواج وترك المدرسة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى