أخبار وتقارير

برنامج لتدريب المعلمين في مخيمات اللاجئين

مخيم اللاجئين في كاكوما، كينيا – منذ ست سنوات، لم يكن أوشوور أوناك أوكوير متأكداً أنه يدرّس تلاميذه بشكل صحيح في مخيم اللاجئين المكتظ في شمال غرب كينيا. أما اليوم، بعد مرور سنتين على إنهائه برنامج تدريب المعلمين، أصبح أكثر ثقة بنفسه.

قال أوكوير، الذي هرب من أثيوبيا في العام 2004، “أعلم أن تلامذتي سيفهمون ما أدرسهم. أعرف كيف أحضّر خطط عمل وكيف أتفاعل مع تلامذتي. ويمكنني أن أرى النتائج. فقد أصبحت نتائج تلامذتنا جيدة في الامتحانات الوطنية.”

ينتمي أوكوير، البالغ من العمر 37 عاماً، إلى جيل جديد من اللاجئين الذين يستفيدون من برامج تدريب تهدف إلى مساعدة اللاجئين على تعليم جيرانهم في مدارس المخيمات. على الرغم من أن البرامج ليست كاملة – إذ يقول الخبراء إنه يجب القيام بالكثير لتحسين تعليم اللاجئين -، لكنها تعطي أملاً لأولئك الذين كبروا، في غالب الأحيان، بعيداً عن وطنهم.

قال أوكوير، الأب لخمسة أولاد بينهم أربعة ولدوا كلاجئين في كينيا، “أنا الآن معلم جيد.”

تلقى أوكوير تدريبه من معلّمون للمعلّمين، وهي مجموعة أنشأتها كلية المعلمين في جامعة كولومبيا في نيويورك في العام 2016 بالاشتراك مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمجموعة الإنسانية “المعونة الكنسية الفنلندية”، والاتحاد اللوثري العالمي.

ساعدت المجموعة على تدريب نحو 550 معلم لمدارس اللاجئين الابتدائية في مخيم كاكوما وتوجيههم. ويقدم البرنامج تدريباً للمتدرّبين وتوجيهاً متنقّلاً من قبل معلمين عالميين عبر تطبيق واتساب وتطبيقات محمول أخرى.

قالت ماري مندنهال، وهي أستاذة مساعدة متمرّسة في كلية المعلمين ومديرة مشروع مبادرة معلمون لمعلمين في كاكوما، “يساعد البرنامج معلمين كانوا معزولين على البقاء متصلين بالعالم. فيشعرون أنهم مُقدّرون كمعلمين، وأنهم موضع ثقة أكثر، وأقل عفوية وأقل بدائية.”

يعلم أوشور أوناك أوكوير، 37عاماً، طلابه في مدرسة ابتدائية في كاكوما التي تستضيف أكثر من 8000 طالب لاجئ. (تصوير: طوني أونيولو)

يأتي البرنامج كثمرة لمجموعة عمل “سياقات معلمين في أزمة” أسستها مندنهال وآخرون في العام 2014 لإنتاج مواد تعليمية لمساعدة اللاجئين في كاكوما على الحصول على حقهم الإنساني بالتعلّم. يأوي المخيم ومستوطنة قريبة منه أكثر من 185.000 لاجئ مسجل وطالب حق اللجوء، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. يرتاد حوالى 86.000 تلميذ مدارس المخيّم أو ثانويات كينية.

قالت مندنهال “إنه لمن المضحك، لا بل إنه لأمر غير أخلاقي وغير مسؤول أن يكون المخيم موجوداً هناك منذ 20 عاماً وبالكاد حصل فيه أي تدريب لا بل لم يحصل فيه أي تدريب إطلاقاً لهؤلاء المعلمين.”

وأضافت أن مساعدة لاجئين مؤهلين ليصبحوا معلمين – يجب أن يكون عادةً بحوزتهم شهادة الثانوية العامة على الأقل – كانت أيضاً سبيلاً جيداً ليس لتطوير المهارات بين اللاجئين فحسب بل كذلك لخلق بيئة يمكن فيها للأولاد اللاجئين أن يتعلموا.

قالت “العديد من هؤلاء المعلمين محفَّزين، لا سيما أولئك الذين ترعرعوا في المخيم ويعرفون أن التعليم هو الشيء الوحيد الذي يمكن لهؤلاء الأولاد أن يأخذوه من هذه التجربة.”

يوافقها أوكوير الرأي. قال “الحياة كلاجئ صعبة جداً. ليس لديك وسيلة للوصول إلى أي شيء، ولكن يجب أن تعيش كأي شخص آخر. كمعلم للاجئين، إننا الأشخاص الوحيدون الذين بإمكانهم أن يفهموا التحديات التي يواجهها هؤلاء التلاميذ وما يمرون به كلاجئين.”

وقالت مندنهال إن اللاجئين يشكلون اليوم حوالي 85 بالمئة من المدرسين في مدارس كاكوما، والباقون هم مواطنون كينيون.

قال أحمد شاليه، وهو اختصاصي تعليم من المعونة الكنسية الفنلندية إن حوالى 73 بالمئة من أطفال كاكوما يحضرون الدروس. وهذه نسبة أعلى من معدل الـ50 بالمئة العالمي. (اقرأ أيضاً: تقرير: نصف الأطفال اللاجئين خارج المدارس)

يتحدث اللاجئون في كاكوما عدة لغات، من بينها الإنكليزية والفرنسية والعربية والسواحلية ولغات محلية أخرى. ومن المدهش أنهم يتعلمون أيضاً الشينغ – وهي لغة حديثة تدمج بين الإنكليزية والسواحلية وتنتشر بين شباب المخيمات.

لكن يواجه المعلمون اللاجئون بالطبع العديد من التحديات، كما أكد كل من مندنهال وشاليه.

إذ قال شاليه إن أقل من ثلث المعلمين اللاجئين قد خضع لتدريب. وقد تعرض العديد من التلاميذ لصدمة تعيق تعلّمهم. يتغيّر المعلمون بكثرة، وغالباً ما لا يملك التلاميذ والمعلّمون أي إثبات عن سجلهم الأكاديمي، والمال مشكلة دائمة.

قال شاليه “كان هناك العديد من التحديات مثل عدم وجود الوثائق والاستمرارية والتمويل.”

والأهم من ذلك أن نسبة المعلمين إلى التلاميذ تبلغ 1 إلى 103. وقالت مندنهال التي رأت صفوفاً فيها 300 تلميذ “إنها سابقة. هناك أذرع وأرجل تتدلّى بكل معنى الكلمة من الشبابيك والأبواب.”

تشهد الصفوف الدراسية في مخيم كاكوما للاجئين ازدحاماً كبيراً حيث يجلس الأطفال على الأرض ممسكين كتبهم بأيديهم.
(تصوير: طوني أونيولو)

في معظم الصفوف عبر المخيم، يتشاجر الأولاد على الأماكن الشاغرة، وقد يصل عدد الأولاد الذين يتشاركون المكتب الواحد إلى ستة. يجلس البعض على الأرض، ويقف آخرون في آخر الصف وفي الممرات. لدى أوكوير 200 تلميذ في صفه في مدرسة الأصدقاء الابتدائية، على سبيل المثال.

المشكلة الأخرى هي أنه في حين أن تلاميذ كاكوما بإمكانهم أن يخضعوا للامتحانات الكينية – حيث أنّ مدارس المخيم تابعة عملياً للحكومة الكينية -، إلا أنهم ممنوعون من العمل بشكل قانوني في كينيا. فيذهب العديد إلى نيروبي ومومباسا ومدن أخرى للعمل بطريقة غير قانونية.

https://www.bue.edu.eg/

في الوقت نفسه، إذا عاد اللاجئون إلى وطنهم، هم غالباً لا يملكون وثائق اعتماد للعمل في بلادهم الأم.

تسعى مندنهال وزملاءها يفكرون بطريقة لحل هذه المشكلة.

قالت “هناك الكثير من المناقشات على الصعيد الدولي أو حتى على صعيد المنطقة لمعرفة كيفية الحصول على اتفاقيات عبر الحدود أو اتفاقيات عبر المناطق… مناقشات ناشئة حول ما يمكن أن يتضمنه منهاج عالمي للاجئين.” وأضافت “من من جواب على هذا السؤال، ولكن بدأ الناس بالتفكير بالأمر بطريقة أكثر شمولية.”

في تلك الأثناء، قال مايكل كواث، 24 عاماً، الذي أنهى الامتحانات الوطنية للمرحلة الثانوية العام الماضي، إنه يفكر باحتمال واحد متاح لخريجي الثانوية. هو يريد أن يتدرّب كمعلم لاجئ ليتمكن من الردّ لمجتمعه.

قال كواث، والذي هرب مع والده من الحرب الأهلية في جنوب السودان في العام 2009، “أريد أيضاً أن أتدرّب كمدرّب لأدرّس وأحسّن حياة اللاجئين مثلي.” وكانت قُتلت والدته على يد الميليشيات وهم في طريقهم إلى المخيم.

قال “أنا أنتظر الالتحاق المقبل لكي أتمكن من الانضمام والتدريب كمعلم. أريد أن أرى هؤلاء الأولاد يتلقون تعليماً جيداً.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى