أخبار وتقارير

ديناصور مصري يكشف الصلة بين أفريقيا وأوروبا

أسيوط – في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2013 وخلال رحلة استكشافية مع زملائها من جامعة المنصورة، عثرت ساره صابر، المدرس المساعد بكلية العلوم في جامعة أسيوط، على عظام كثيرة لديناصور في منطقة تنيدة بالواحات الداخلة، والتي تبعد نحو 700 كيلومتر إلى الجنوب الغربي من القاهرة. إلا أنها لم تكن وزملائها يمتلكون المعدات اللازمة والتمويل الكافي لاستكمال البحث. في شباط/ فبراير 2014 عاد الفريق للموقع، ونصبوا الخيام، وتمكنوا خلال ثلاثة أسابيع من استخراج الهيكل العظمي لأكمل حفرية لديناصور في مصر وإفريقيا تعود للعصر الطباشيري.

قالت صابر “هذا الديناصور هو السادس المكتشَف في مصر، لكنه الأول والأكمل في مصر وأفريقيا والذي يوثق آخر 30 مليون سنة من العصر الطباشيري.”

يساعد الاكتشاف المصري الجديد على فهم أوضح لمسار تطور الديناصورات قبل انقراضها قبل نحو 60 مليون عاماً، بحسب صابر. كما أنه يساعد على دراسة وفهم المناخ والسمات الفيزيائية للأرض.

يستخدم فريق البحث أدوات بسيطة جداً لحماية الحفريات.الصورة من جامعة المنصورة.

فعلى الرغم من توثيق هذه الفترة جيولوجيًّا في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا، إلا أن هناك فجوة زمنية في قارة أفريقيا تحديدًا، يساعد الاكتشاف المصري الحديث على سدها وفهم تفاصيلها. كما تمكن فريق البحث من التأكد من وجود الديناصور المكتشف في أوروبا، مما يعني وجود اتصال قارتي أفريقيا وأوروبا جيولوجياً في تلك الحقبة الزمنية.

قالت سناء السيد، زميلة صابر في الفريق البحثي ونائب مدير مركز دراسة الحفريات الفقارية والمدرس المساعد بكلية العلوم بجامعة المنصورة، “مازالت نقطة الاتصال مجهولة إلى الآن، فربما تكون تلك النقطة عبارة عن نتوءات متصلة في منطقة البحر المتوسط، الذي كانت شواطئه تصل في تلك الآونة إلى حدود الواحات الداخلة والخارجة.”

يضم هيكل الديناصور المكتشف: الجمجمة، والفك سفلي، وأجزاء من العمود الفقري، وأضلاع، وأجزاء من الأكتاف، وأجزاء من الأقدام والصفائح الجلدية. وقد تمت تسميته باسم “منصوراصورس شاهيني” shahina Mansourasaurus نسبة إلى الجامعة التي ينتمي إليها الفريق البحثي الذي اكتشفه واستخرجه من بين الرمال وصوَّره ونظَّف عظامه. كما تعاون الفريق مع باحثين من جامعتي أوهايو وكاليفورنيا الجنوبية الأميركيتين ومتحف كارنيجي للتاريخ الطبيعي لإجراء المراجعات العلمية وتحليل النتائج ومناقشة نوع وجنس الديناصور ليتم في النهاية الإعلان عن هذا الكشف ونشر دراسة موسعة عنه في  دورية “نيتشر إيكولوجي آند إيفولوشن” العلمية الشهيرة.

قال مات لامانا، خبير الحفريات في بيان صادر من متحف كارنيغي للتاريخ الطبيعي، “هذا الاكتشاف أشبه بالكأس المقدسة.. ديناصور محفوظ جيداً من نهاية عصر الديناصورات في أفريقيا. نحن، علماء الحفريات، نبحث عن هذه الأحافير منذ فترة طويلة.. طويلة جداً.” مضيفاً نعتقد أن العلاقة بين الديناصورات المكتشفة سابقاً في أوروبا والديناصور المصري الجديد هي نتيجة لقدرة هذه الحيوانات على التحرك ذهابا وإيابا … عبر ما يعرف اليوم بالبحر الأبيض المتوسط.”

لا تتجاوز الميزانية المخصصة للباحث للقيام برحلات استكشافية 500 جنيه مصري. الصورة من جامعة المنصورة.

لكن العثور على هذا الاكتشاف لم يكن سهلاً في مصر، التي وكحال غالبية الدول العربية، لا يتجاوز فيها التمويل المخصص للبحث العلمي 0.78 في المئة من الناتج القومي، وهو أقل من 1 في المئة النسبة المنصوص عليه بالدستور المصري، بحسب محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمي، وهي مؤسسة غير ربحية تتبع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

قال هشام سلام، الأستاذ المساعد في قسم الجيولوجيا بجامعة المنصورة، مدير مركز علوم الحفريات الفقارية بالجامعة ورئيس فريق البحث، “يعمل الفريق، الذي يترأسه سلام ويضم أربع باحثات وباحث جميعهم مصريين، منذ أكثر من تسعة أعوام على اكتشاف بقايا الديناصورات في الصحراء الغربية ضمن الكثير من التحديات والتي يأتي في مقدمتها ضعف التمويل وقلة المعدات اللازمة للعمل.

إذ لا تتجاوز الميزانية المخصصة للباحث للقيام برحلات استكشافية 500 جنيه مصري (28دولار أميركي)، يخصم منها 100 جنيه (6 دولارات أميركية) ضريبة.

قال سلام “حصلنا على دعم مادي من جامعة المنصورة لكنه لم يكن كافياً، واستمر البحث على نفقتنا الخاصة.” مشيراً إلى عدم قدرة الجامعة على توفير سيارة دفع رباعي قادرة على السير في الصحراء لمرافقة الفريق، مما اضطره لاستخدام سيارته الخاصة.

من جهة أخرى، ونظراً لأن غالبية أعضاء الفريق البحثي من السيدات فإن سفرهن لفترة طويلة للصحراء لم يكن أمراً سهلاً.

قالت إيمان الداودي، عضو الفريق من جامعة المنصورة وأول متخصصة في الديناصورات على مستوى الشرق الأوسط، “واجهنا اعتراضات من ذوينا نظراً لما يتطلبه العمل من سفر وإقامة لفترات طويلة في الصحراء، لكننا نجحنا في إقناعهم والقيام بعملنا.”

كما واجه الفريق تحديات تتعلق بجهل السكان المحليين لطبيعة عملهم في البحث وجمع الحفريات. قالت الداودي “اعتقد بعض سكان المنطقة أننا ننقب عن الآثار، ودمروا مجموعة فريدة من العينات بعد مغادرتنا للمكان في إحدى المرات. لذلك أصبحنا ننصب المخيمات بالقرب من أماكن الحفريات  لحمايتها لحين جمعها.”

مع ذلك، فإن طموحات الفريق المصري كبيرة. إذ يطمح سلام لأن يكون فريقه نواة لفرق مصرية معنية بدراسة الحفريات الفقارية. قال “أتمنى إنشاء متحف للتاريخ الطبيعي في مصر وتشكيل فرق مصرية مؤهلة للبحث والاستكشاف مع توفير تمويل لائق وكافي.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى