أخبار وتقارير

التونسيات يحققن مكاسب جديدة في القضاء

تونس- يشهد سلك القضاء إقبالاً واضحاً من قبل التونسيات، إذ ارتفع عدد القاضيات بنسبة 40 في المئة في عام 2016 عما كان عليه في عام 2008. وتعد زيادة عدد الطالبات الملتحقات بكلية القانون والعلوم السياسية سبباً رئيسياً وراء هذه الزيادة، بحسب بحث جديد.

قالت سميرة عياد، أخصائية في علم اجتماع الجندر في جامعة ابن شرف، التابعة لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، “ليس من السهل على المرأة العمل في مجال القضاء في العديد من الدول العربية والإسلامية لأسباب اجتماعية ومعتقدات دينية تعطي الولاية في الحكم والتحكيم للرجال. لكن التجربة في تونس تثبت عكس ذلك.”

يأتي بحث “مهنيات العدالة الواقع والآفاق” ضمن برنامج تمكين المرأة الاجتماعي والاقتصادي وتعزيز استقلاليتها ودعم التغيير في الصور النمطية للمرأة.

قالت سكينة بوراوي، المديرة التنفيذية لمركز المرأة العربية للتدريب والبحوث (كوثر) والذي قام بإجراء البحث بالتعاون مع المنظمة الدولية لقانون التنمية (ديلو)، “يشكل تعزيز مشاركة المرأة في قطاع العدالة وتعزيز إمكانية عملها فيه شرطاً ضرورياً لضمان تحقيق المساواة والإنصاف للنساء في البلدان العربية.”

يربط البحث أسباب تطور عمل النساء في مهن القضاء بتطور عدد الطالبات في الجامعات التي تدرس الحقوق، إذ بلغ عددهن نحو 75 في المئة من إجمالي الطلاب سنة 2016. كما بلغت نسبة النساء اللاتي يدرسن في المعهد الأعلى للقضاء 38 في المئة من طلاب المعهد في عام2016. بينما بلغ عدد خريجات الجامعات في اختصاصات الحقوق والعلوم الاجتماعية نحو 67 في المئة من إجمالي مجموع الطلاب.

قالت جويدة جيجة، أول قاضية تونسية مارست المهنة سنة 1972 وتشغل حالياً منصب رئيسة جمعية المرأة والريادة، جمعية مستقلة تهتم بالبحوث الخاصة بالمرأة والمواطنة، “لم يكن من السهل أن أثبت نفسي في مهنة ذكورية بامتياز في مجتمع عربي مسلم. عملت أنا وزميلاتي بجدية كبيرة لنثبت كفاءتنا وليصبح المتقاضي اليوم يثق بالقاضيات ونزاهتهن.”

قبل جيجة، كانت آمنة شاتيوس أول من نالت لقب قاضية تونسية في عام 1968، إلا أنها قبل أن تحكم في أي قضية، انتقلت للعمل في السلك الدبلوماسي نتيجة لرفض الكثيرين من زملائها لتولّي المرأة السلطة القضائِيّة في ذلك الوقت. ويعد العراق أول دولة عربية شغلت بها المرأة منصب قاضية في عام 1956، في حين أنه تم تعيين أول قاضية في مصر عام 2003، بينما عينت الإمارات أول قاضية في عام 2008. وفي موريتانيا وصلت المحامية أمامه بنت الشيخ سيديا إلى سدة القضاء كأول قاضية في البلاد سنة 2014.

فضيلة ناجح، باحثة تعمل في المعهد الوطني التونسي للإحصاء.

وبينما يزداد عدد النساء العاملات في مجال القضاء، يهيمن الرجال على مهنة المحاماة، كما تعتقد عياد. قالت “تفضل المرأة القضاء نظراً لوجود أجر ثابت ونظام عمل محدد الساعات بينما تتطلب مهن المحاماة العمل وفق ساعات مختلفة بدون وجود أجر ثابت في الشهر.”

مع ذلك، تنخفض نسبة الإناث كلما تطور السلم الوظيفي والرتب العليا في القضاء. إذ لا تتجاوز نسبتهن في الدرجة الثالثة، الدرجة الأرفع في العمل القضائي، 28 في المئة في مقابل 56 في المئة في الدرجة الأولى، أولى درجات العمل القضائي.

تعتقد فضيلة ناجح، باحثة تعمل في المعهد الوطني التونسي للإحصاء وتعاونت مع كوثر ضمن فريق البحث، أن السبب وراء ذلك اجتماعي خاصة وأن المرأة التونسية – كحال أغلب النساء العربيات – تتحمل كافة مهام المنزل والاعتناء بالأسرة والأطفال. قالت “لذا غالباً ما تتراجع خطواتها المهنية بعد الزواج ويبطؤ تطورها المهني وقد يتوقف نهائياً.”

من جهة أخرى، يلعب غياب الخدمات المساندة لعمل المرأة كوجود حضانات خاصة للأطفال ووسائل نقل مريحة وأمنة دوراً في إضعاف تطورها الوظيفي في مجال القضاء خصوصاً وفي كافة مجالات العمل عموماً، بحسب ناجح.

ما تقوله ناجح يؤكده البحث، الذي شمل 69 قاضية. إذ تعتقد 50 في المئة منهن أن العناية بالأطفال هي العائق الأول لتطور المرأة في السلم المهني خاصة في بداية انخراطها في عملها.

قالت إحدى القاضيات، والتي طلبت عدم الكشف عن اسمها، ” كثيرات منا يضطررن لإخفاء الحمل لتجنب أي اتهامات بالتقصير بسبب وضعنا الصحي. نحن نبذل جهود مضاعفة لإثبات كفاءتنا ونسعى لإخفاء أي مظاهر أنثوية كي لا نتعرض لأي انتقاد.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى