أخبار وتقارير

اليونيسف تدعم شركات تكنولوجيا ناشئة في المنطقة العربية

القاهرة – يشتهر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بالدفاع عن حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم. لكن المنظمة لا توفر الخدمات الصحية والتعليمية بشكل مباشر فحسب، بل تستثمر أيضاً في الشركات الخاصة التي تقوم بتطوير تكنولوجيات مفتوحة المصدر يمكن أن تساعد على تحسين حياة النساء والأطفال المعرضين للخطر.

مؤخراً، أعلن صندوق الابتكار التابع لليونيسف، الذي تمكن من جمع 14.4 مليون دولار أميركي حتى الآن، عن ست منح مالية جديدة للشركات الناشئة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك شركتين في الشرق الأوسط تقومان بتوظيف خريجي الجامعات في تركيا والضفة الغربية.

في أوائل كانون الأول/ ديسمبر، حضر ممثلون عن الصندوق قمة Rise Up في القاهرة، أكبر تجمع سنوي للمبتكرين ورجال الأعمال في العالم العربي، لمناقشة برنامج الاستثمار وتحديد الشركات الناشئة الجاهزة لتقديم طلبات للحصول على منح المرحلة المبكرة.

قالت سيسيليا تشابيرو، منسقة المشروع للتكنولوجيات الناشئة في مكتب الابتكار التابع لليونيسف، إنها التقت برجال أعمال مصريين خلال القمة كانوا يعملون على تطوير أنظمة الدفع باستخدام “بلوك شين“، وهي التكنولوجيا التي تدعم استخدام العملات الرقمية مثل البيتكوين. وقد دأب الصندوق على استكشاف إمكانات استخدام تقنية الـ “بلوك شين” في عمله الإنساني وجمع الأموال.

وكانت الشركات الناشئة التي تعمل على تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزّز والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي من بين المجالات الناشئة التي كانت تشابيرو وفريقها يتطلعون إلى تعزيزها في مصر والأردن وفلسطين والإمارات العربية المتحدة.

قالت “نحن نركز على التكنولوجيا التي بدأت للتو. تكمن الفكرة في استكشاف وتجربة ورؤية ما سيقودنا اليه ذلك من أجل تحسين حياة الأطفال ودعم المجتمع.”

يجمع صندوق الابتكار الأموال من القطاعين العام والخاص، حيث تلقى مساهمات كبيرة من حكومتي فنلندا والدنمارك وشركة والت ديزني وغيرهم. يتوجب على المستفيدين من المنح أن يعملوا في مجالات برامج الشباب والبنى التحتية والمعلومات الآنية، و أن يوافقوا على استخدام برمجيات مفتوحة المصدر تسمح لليونيسف بمشاركة حلول فعالة مع الشركاء العالميين.

تستخدم شركة التكنولوجيا الفلسطينية آلة لترتيب مصداقية التقارير من وسائل الإعلام ووسائل الإعلام الاجتماعية.

تشمل الشركات الناشئة الست التي تلقت استثمارات من الصندوق في كانون الأول/ ديسمبر شركة إيداسيس Ideasis، وهي شركة واقع افتراضي تتخذ من أنقرة في تركيا مقراً لها، وشركة ريدكرو إنتليجانس Red Crow Intelligence، وهي شركة مقرها رام الله في الضفة الغربية متخصصة في تطبيقات أمن البيانات والسلامة الشخصية للأشخاص العاملين في المناطق غير المستقرة.

تعمل شركة إيداسيس على تطوير التكنولوجيا للمساعدة في حل مشكلة الرُهاب ومشاكل التكيف الاجتماعي الشائعة بين الأطفال اللاجئين. وكانت الشركة تعمل بالفعل على سيناريوهات الواقع الافتراضي للتدريب على الصحة والسلامة المهنية، والتخطيط لإدارة الكوارث، والأبحاث الأكاديمية في علم النفس عندما تقدمت بطلب للحصول على منحة اليونيسف.

قال أوغوزخان كوكسال، الشريك المؤسس في الشركة، “هناك مشكلة لاجئين خطيرة جداً في تركيا والمنطقة. والغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين هم من الاطفال والشباب الذين يعانون من صدمات بسبب آثار النزاع المسلح والتشرد وصعوبات الاندماج الاجتماعي ومخاوف الطفولة الشائعة.”

وقد دخل كل من كوكسال والشريك المؤسس الآخر للشركة، إيلكر دوروبال، مجال التكنولوجيا بعد الحصول على شهادتي البكالوريوس في العلوم السياسية. قال دوروبال “بينما كان تركيزنا يتمحور حول الواقع الافتراضي والواقع المعزز، فقد درسنا العلوم الاجتماعية في الكلية، وهذا يشمل علم النفس وعلم الاجتماع، بطبيعة الحال.”

وبينما تركز شركات الواقع الافتراضي الأخرى على التطبيقات المربحة مثل الألعاب والعقارات وتصوير المباني، عمل فريق أيديسيس مع شركاء في أقسام علم النفس والطب النفسي في الجامعات التركية على أبحاث لتطوير سيناريوهات العلاج بالتعرض للمرضى الذين يعانون من تحديات عاطفية واجتماعية.

يقوم العلاج بالتعرض على أساس العرض التدريجي للسيناريوهات التي تثير الخوف أو القلق لدى المرضى من أجل تعزيز مقاومة الرهاب الخاص بهم، وهي أداة شائعة في علاج اضطراب ما بعد الصدمة.

قال دوروبال “لدينا جميعا أشخاص في أسرنا ممّن يعانون من الرُهاب أو مشاكل التكيف الاجتماعي. ابنتي، على سبيل المثال، تخشى الكلاب. وقد فكرنا في الكيفية التي يمكننا من خلالها دمج الواقع الافتراضي بأساليب التعرض.”

يعتمد فريق شركة إيداسيس على أساتذة ومعارف آخرين في أكاديمية غولهانة الطبية العسكرية وجامعة حجة تبة وجامعة غازي للحصول على الخبرة المتخصصة وتوظيف وتدريب الموظفين.

يعتقد كوكسال بأن العديد من العمال هم طلاب سابقون لهؤلاء الاساتذة وأن الأساتذة “يعرفون أي جزء من المشهد التكنولوجي يتقنه اولئك الطلاب ويتحمسون للعمل فيه.”

وعلى غرار شركة ناشئة على الطراز الكلاسيكي، يقول كوكسال إنه يعمل وزملاؤه بجد من أجل تهيئة بيئة مرحة حيث يمكن للموظفين تجربة التكنولوجيا الجديدة والاستمتاع بها.

يعمل خريجون جدد من الجامعات التركية على تطوير سيناريوهات الواقع الافتراضي لمكافحة الرهاب من الكلاب وغيره في إيداسيس.

قال كوكسال “ليس هناك مهرب من حقيقة أن الألعاب تشكل جذور الواقع الافتراضي. نحن نشجع فريقنا على تجربة الأجهزة الجديدة والتقنيات الجديدة. حتى لو فشلت محاولة تجريب شيء ما، فنحن لا نزال جدد في هذا المجال بما فيه الكفاية للسماح بارتكاب الأخطاء والتعلم من تلك الأخطاء.”

على النقيض من ذلك، فإن الجو المتوتر في الضفة الغربية، مع تكرر الاشتباكات بين الفلسطينيين والجنود والمستوطنين الإسرائيليين، لم يترك مجالا كبيراً لجو المرح في شركة ريدكرو إنتليجانس في رام الله والتي تلقت أيضاً منحة من صندوق الابتكار في كانون الأول/ ديسمبر.

قال حسين ناصر الدين، الرئيس التنفيذي لشركة ريدكرو، “كنا نعيش في أوقات كانت فيها مستويات التهديد مرتفعة جداً بسبب اندلاع الانتفاضات الشعبية والمواجهات المسلحة مع الجيش الإسرائيلي. كان لذلك تأثير هائل على حياتك اليومية. إذ تقطّع البلد كله إلى قطع صغيرة وكانت هناك نقاط تفتيش عسكرية على كل طريق تجعل ساعات للانتقال من مكان إلى آخر يستغرق زمناً طويلاً في حين أن تستغرقها عادة نصف ساعة فقط.”

طورت شركة ريد كرو نظام أمن معلومات استخباري يقوم بإعطاء الناس معلومات آنية حول التهديدات المحتملة من حولهم، مثل الهجمات أو العمليات العسكرية في المنطقة، ويساعدهم على تجنب تلك المواقف.

يقوم النظام الآلي بجمع المعلومات بإستمرار من مصادر على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتويتر، ويحلل البيانات ويرسل التنبيهات للمستخدمين. وتقود أدوات التعلم خوارزميات ريدكرو، والتي تقوم بتصنيف موثوقية ودقة المصادر.

يقول ناصر الدين إنه اكتسب اهتمامه بالدراسات الأمنية بعد نيله درجة الماجستير في سياسة الشرق الأوسط من جامعة إكستر. وواصل الدراسة لنيل درجة أخرى في الأمن الوقائي قبل عودته إلى الضفة الغربية.

قال “عندما عدت إلى الوطن في عام 2011، كنت لا أزال صغيراً واعتقدت بقوة بأن على الأشخاص من أمثالي والذين أتيحت لهم فرصة الدراسة في الخارج أن يعودوا ويخدموا المجتمع.”

تشارك ناصر الدين مع ليلى عقل، الخبيرة في مجال التسويق عبر الإنترنت واستراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي، في تأسيس شركة ريدكرو وإيجاد أول زبائنها، بما في ذلك البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية غير الحكومية.

كان مكتب الممثلية الكندية في رام الله من أوائل عملاء ريدكرو، حيث اختبر الدبلوماسيون التطبيق مجانا. قال ناصر الدين “قدموا لنا آراء أسبوعية وشهرية وقمنا بتصميم منتجاتنا على أساس معاييرهم الأمنية. اكتسبنا الكثير من خلال عام كامل من العمل مع الكنديين.”

الآن، ستستخدم شركة ريدكرو منحة قدرها 90,000 دولار أميركي من صندوق اليونيسف لتطوير ودمج معالجة اللغة العربية الطبيعية في منصتها بحيث يتمكن النظام من فهم اللهجات العربية المختلفة ومساعدة الشركة على اختراق أسواق جديدة خارج فلسطين.

يعتقد ناصر الدين بأن التمويل سيساعد الشركة على توظيف موظفين جدد موهوبين.

قال “بالنسبة لنا، من الصعب جداً العثور على بعض الدراية والموهبة التي نبحث عنها، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمهارات التقنية. فعندما نجد الموهبة، عادة ما يكون الناس من أولئك الذين يشاركون مع مشاريع أخرى أو يطلبون مبالغ باهظة. لذلك وجدنا بأن من الأفضل أن نعمل معهم على أساس عدم التفرغ. وستساعدنا المنحة المقدمة من اليونيسف على توظيفهم.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى