أخبار وتقارير

فصول دراسية لتعليم الصوماليات في داداب

هذا التقرير واحد من سلسلة قصص تركز على قضايا تعليم اللاجئين الصوماليين في كينيا.

مخيم داداب للاجئين، كينيا – “من قال إنه ليس باستطاعة الفتيات الصوماليات الذهاب إلى المدرسة وتحقيق أحلامهن؟”

طرحت هاني عبد الله، وهي طالبة في المخيم، هذا السؤال وهي تخاطب المئات من الطالبات الصوماليات الشابات حول أهمية تعليم الفتيات.

قالت عبد الله ،20 عاماً وهي الطامحة لأن تصبح محامية، في كلمة ألقتها في المخيم الذي تديره الامم المتحدة والذي يضم حوالي 240 ألف شخص، “أريد أن أكون من بين أولى الطالبات الصوماليات اللاتي سيصبحن محاميات في مخيم داداب. لدينا القدرة على أن نكون ما نريده في الحياة إذا عملنا بجد في المدرسة.”

وبصفتها طالبة في الصف العاشر في مدرسة وابيري الثانوية في المخيم الواقع في شمال كينيا، تعتبر عبد الله من بين الآلاف من الطالبات الصوماليات اللاتي يقاومن التقاليد التي تركز على الأعمال المنزلية والزواج المبكر والزواج القسري من خلال تمسكهن بالتعليم.

في الثقافة الصومالية التقليدية، تبقى الفتيات في منازلهن، ويتلقين تعليماً دينياً بدلاً من التعليم العلماني، ثم يتزوجن في وقت مبكر ليقمن بمهمات الأسرة المعيشية، حيث يعمل الرجال كمعيلين للأسرة، بحسب ما ذكره مسؤول في الاتحاد اللوثري العالمي، وهي منظمة خيرية مسؤولة عن التعليم في داداب.

قال لينارت هرناندر، ممثل الاتحاد فى كينيا، “تتسرب الفتيات من التعليم في وقت مبكر مقارنة بالبنين لأن الزواج المبكر مشكلة، كما أنه من المتوقع أن تساعد الفتيات في القيام بالأعمال المنزلية في البيت.”

لكن في المخيم، الذي كان يعتبر الأكبر من نوعه في العالم، حتى بدأت كينيا بالضغط على الصوماليين للعودة إلى ديارهم قبل بضع سنوات، يظهر اتجاه متزايد يسمح لعدد أكبر من الشابات بالالتحاق بالمدرسة، الأمر الذي يوضح كيف أن جيلاً من الصوماليين قد نشأ في عالم منفصل عن عالم ذويهم.

قال عبد النجيب شيخ، المدرس في مدرسة جوبا الابتدائية في المخيم، “تدرك الفتيات الآن أن التعليم هو مفتاح النجاح. ليس بإمكانهن ترك ذلك للرجال فقط.”

اعترف شيخ بأن الوجبات المجانية هي جزء من الحوافز التي تشجع الطالبات الشابات على المجيء إلى المدرسة، لكنه أضاف  “أعتقد أنهن تحفزن من خلال الفتيات اللواتي تفوقن في الامتحانات وحصلن على منح للدراسة في الخارج. سنشهد المزيد من التحاق الفتيات بالمدارس.”

طالبات صوماليات في صف دراسي داخل مخيم داداب

يذكر أن مئات الالاف من الصوماليين قد لجأوا إلى داداب منذ انهيار بلادهم ودخولها في حالة من الفوضى بعد الاطاحة بالنظام العسكري للرئيس سياد بري عام 1991.

في المخيم، تتوفر للفتيات إمكانية الوصول إلى المدارس الابتدائية والثانوية فضلاً عن فرص محدودة للتعليم ما بعد الثانوي والذي كان يعتبر مجرد حلم بالنسبة لأمهاتهن في وطنهن. بحسب الاتحاد اللوثري، فإنه وعندما تأسس المخيم عام 1991، كانت الفتيات تشكل نسبة 5 في المئة فقط من إجمالي عدد الشباب المسجلين في التعليم في داداب. واليوم، تمثل الطالبات نحو 40 في المئة من الطلاب المسجلين في المدارس.

قال هرناندر ” قمنا بالكثير من التوعية والتحفيز ونسب التسجيل جيدة نوعاً ما. لقد وفرنا مساحات صديقة للبنات في المدارس ونأمل في القيام بذات الشيء أيضاً في مدارس أخرى عام 2018. تساعد المساحات الصديقة للبنات الفتيات على البقاء في المدرسة، واللعب وهن محميات.”

يأمل هرناندر في أن تؤدي هذه المدارس إلى تحقيق مكاسب فى المستقبل، بغض النظر عن المكان الذي ستعيش فيه الفتيات.

قال “التعليم ينقذ الحياة. إنه أمر حيوي لحماية الفتيات والفتيان المتضررين من الأزمات وتوفير النمو السليم لهم على حد سواء. بإمكان التعليم إعادة بناء حياتهم، واستعادة إحساسهم بالحياة الطبيعية والأمن، وتزويدهم بمهارات الحياة الهامة. كما أنه يساعد الأطفال على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن يتم الاستماع إليهم، وزيادة تأثيرهم على القضايا التي تؤثر عليهم. كما أنه أحد أفضل الوسائل للاستثمار في المستقبل البعيد وتحقيق السلام والاستقرار والنمو الاقتصادي لبلدانهم.”

تبحث الكثير من الفتيات، من أمثال جميلة عدن،17 عاماً، عن التعليم بعيداً عن الوطن، لأنهن يعلمن بأنه سيوفر لهن أفضل فرصة للنجاح في الحياة.

وكانت عدن قد فرت من الحرب الأهلية في الصومال مع والدتها عام 2006.

قالت “عندما وصلت إلى المخيم، أخبرتني والدتي بضرورة البقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى المدرسة. لقد قالت لي والدتي إن التعليم للرجال، لأنهم الوحيدون القادرين على إكمال الدراسة من دون أن يتعرضوا لتجربة إنجاب أطفال.”

طالبات صوماليات مع ملالا يوسفزي، أصغر حائزة على جائزة نوبل للسلام والداعية لتعليم الفتيات، والتي زارت مخيم داداب العام الماضي.

لكن عدن، التي تدرس الآن في مدرسة جوبا الابتدائية في مخيم داغاهالي – أحد أقسام مخيم داداب – قالت إنها تشجعت بفضل ملالا يوسفزي، أصغر حائزة على جائزة نوبل للسلام والداعية لتعليم الفتيات، والتي زارت مخيم داداب العام الماضي. حاول إرهابيو طالبان في باكستان قتل يوسفزي عام 2012 بسبب دعوتها لتعليم الفتيات. وتستقر الآن في بريطانيا وبدأت الدراسة في جامعة أوكسفورد في خريف هذا العام.

قالت عدن ” شجعتني قصة ملالا حقاً. لقد بكيت عندما أخبرتنا عن قصتها، واكتشفت بأن في إمكاني أنا أيضا تحقيق حلمي من خلال العمل بجد في المدرسة. آمل أن أستكمل دراستي يوما ما وأن أساعد أسرتي.”

بمرور الوقت، تغير بعض الآباء الصوماليين أيضاً، وهم يسمحون الآن لبناتهم بالالتحاق بالمدارس ويشجعونهن على ذلك.

قال معلم حاجي، الذي تدرس اثنتين من بناته الثلاثة في مدرسة داغاهالي الثانوية، “الطفل طفل، سواء أكان صبي أو فتاة. أريد لبناتي أن يعملن بجد ويتفوقن في دراستهن حتى يتمكن من مساعدتي في المستقبل. أنا أحب بناتي ولا يمكنني أن أتكاسل في اصطحابهن إلى المدرسة.”

لكن عمال الإغاثة يقولون إن هناك بعض التحديات التي تحتاج إلى المعالجة لضمان تمكن جميع الفتيات والفتيان في المخيم من الالتحاق بالمدرسة. حيث أن نسبة الالتحاق بالمدارس في داداب أقل من 50 في المئة من شباب المخيم. ولا توجد مساحة كافية لجميع الأطفال للالتحاق بالمدرسة إذا ما التحق الجميع.

قال هرناندر “تتمثل التحديات الرئيسية في الافتقار الى كل شئ: الافتقار الى الفصول الدراسية، وانعدام المدرسين، ونقص المعلمين المدربين، وعدم وجود رحلات مدرسية، وكتب ومواد تدريس. أساساً، يتوقف ذلك على المال. قلما أقول إن ما نحتاجه هو المال، وأنا أحاول دائما أن أؤكد أننا نستطيع أن نقوم بالكثير وبشكل أفضل باستخدام ما هو متوفر لدينا.”

بالنسبة للبعض، مثل عبد الله، تعتبر الفرصة لمتابعة التعليم فرصة ومسؤولية على حد سواء.

قالت “أريد أن أكون نموذجاً يحتذى به من قبل الفتيات الأخريات من خلال تحقيق حلمي. أريد أن أوضح للفتيات الصوماليات بأن في استطاعتهن هن أيضاً تحقيق أحلامهن من خلال التعليم.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى