مقالات رأي

الأدب العربي ينعش مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة

القاهرة – لكونها من الأمثلة النادرة على المطابع الجامعية في الشرق الأوسط، نجحت مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة في تفادي آثار الاضطرابات السياسية والتجارية في السنوات الأخيرة من خلال التكيف والتوسع.

فمنذ تأسيسها في العام 1960، اكتسبت مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة سمعة جيدة باعتبارها دار رائدة في نشر الأدب العربي المترجم. إذ نشرت نسخاً إنجليزية من كتب الروائي المصري نجيب محفوظ قبل وقت طويل من حصوله على جائزة نوبل في الأدب عام 1988.

اليوم، تركز مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة على توسيع ما توفره من الأعمال العلمية في المنطقة. إذ أطلقت في عام 2016 سلسلة “هوبو“، لتكون بمثابة بصمة للأدب الروائي الجديد.

قال نيل هويس إذون، المدير المساعد السابق لبرامج التحرير، “هناك تغيير وتطور مستمرين في المطبعة .” وقد تقاعد هويسون في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر بعد 31 عاماً من العمل.

شهدت المبيعات انخفاضاً في ظل حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي التي أعقبت ثورة عام 2011 ضد الرئيس حسني مبارك. كما انخفض عدد السياح القادمين إلى مصر، وكذلك مبيعات كتب طاولة القهوة – وهي كتب جميلة الشكل توضع على الطاولات للزينة واطلاع الزائرين – عن مصر القديمة، والفن العربي والعمارة والتصوير الفوتوغرافي والتي تشكل جزءً كبيراً من قائمة منشورات المطبعة والتي كان السياح يميلون إلى شرائها.

وأدى وقوع منفذ بيع الكتب التابع للمطبعة بالقرب من ميدان التحرير، بؤرة المظاهرات في كانون الثاني/ يناير 2011، إلى إغلاقه مؤقتاً. كما أن مكتبة أخرى كان من المفترض أن يتم افتتاحها بالقرب من المتحف المصري المجاور لم يتم افتتاحها أبدا. ففي عهد الرئيس السيسي، أصبح شراء كتاب ما بسبب التضخم ترفاً أكثر من أي وقت مضى بالنسبة لمعظم المصريين.

واليوم، ربما تكون سوق الكتاب المحلي قد بدأت بالتعافي مرة أخرى، بحسب هويسون. وفي الوقت ذاته، قامت المطبعة بنقل الجزء الأكبر من مبيعاتها بنجاح إلى الأسواق الدولية.

بالإضافة إلى العديد من كتب علم المصريات والتصوير الفوتوغرافي، تتضمن قائمة منشورات المطبعة أعمالا بحثية عن الشرق الأوسط، مثل كتاب الاقتصاد السياسي للإصلاحات في مصر للاقتصادي خالد إكرام الذي سيصدر قريباً. وتعتبر كتب تعلم اللغة العربية من بين أكثر الكتب التي تصدرها مبيعاً، مما يدل على اهتمام مستمر ومتزايد بالمنطقة وبتعلم اللغة العربية. وقد غامرت المطبعة أيضاً بنشر كتب الأطفال، مع سلسلة عن مصر القديمة والتحنيط (مع صدور الكتاب الأول بعنوان “كيف أصبحت مومياء“).

يقول هويسون إنه يتطلع الى قضاء المزيد من الوقت في منزله في منطقة بحيرة الفيوم على بعد حوالى 100 كم جنوب القاهرة. لكنه سيواصل العمل كمحرر ومترجم.

ووصف هويسون عملية الترجمة بأنها “عملية تستغرق كامل اهتمام المرء كلغز الكلمات المتقاطعة”، كما أنها عملية إبداعية عميقة، لأنها تنطوي على “استيعاب العمل” قبل أن يتمكن المرء من إعادة إنتاجه بلغة أخرى. تعلم هويسون اللغة العربية من خلال الانخراط في المجتمع بعد أن انتقل إلى مصر، وترجم روايات للمطبعة، بما في ذلك رواية يوسف إدريس قصة حب والتي صدرت بالإنجليزية بعنوان City of Love and Ashes.

في عام 1996، أطلقت مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة ميدالية نجيب محفوظ للأدب، وهي جائزة سنوية تمنح لرواية جديدة تصدر باللغة العربية. وتتم ترجمة الكتاب الفائز ونشره من قبل المطبعة.

لسنوات عديدة، كانت مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة وحيدة تقريباً في دعمها للأدب العربي الجديد، لكن هذا قد تغير في السنوات الأخيرة. فقد تزامن الاهتمام المتزايد بالأدب العربي المترجم مع استحداث جوائز أدبية جديدة ترعاها دول الخليج، مثل الجائزة العالمية للرواية العربية (والتي يشار إليها عادة باسم “جائزة البوكر العربية”) أو جائزة الشيخ زايد. ويصدر المزيد من الناشرين الغربيين أدباً مترجماً من الشرق الأوسط.

ومن بين أهم التغييرات التي قامت بها مطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة مؤخراً استحداثها لسلسلة جديدة مكرسة للأدب العربي المترجم، منفصلة عن قائمة منشوراتها. قال هويسون إن الهدف من هوبو هو “أخذ الأدب العربي المترجم خارج نطاق الخزانة الأكاديمية”، وتقديم العناوين ببساطة ككتب جيدة عوضا عن تقديمها بصفتها “وسيلة لتعليم الذات”.

تنشر سلسلة هوبو حوالي ثمانية عناوين جديدة سنويا. قال تريفور نايلور، المدير المشارك للمبيعات والتسويق والتوزيع في المطبعة، “أثبتت فكرة السلسلة المنفصلة نجاحها. لقد شهدنا زيادة في المبيعات بنسبة 100 في المئة، وزيادة في اهتمام كُتاب استعراضات الكتب.”

أما أكثر العناوين مبيعاً من السلسلة حتى الآن، فهي رواية “مولانا”، لمقدم البرامج التلفازية المصري والمؤلف إبراهيم عيسى، الذي استفاد من حقيقة أن الأصل العربي كان من بين الكتب الأكثر مبيعاً وتم تحويله إلى برنامج تلفزيوني، ورواية “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة” للكاتب السوري خالد خليفة.

تمتلك الكتب ذات الأغلفة الورقية الصادرة عن هوبو تصاميم ثابتة وحية ولا تفرط في التأكيد على حقيقة أنها أدب مترجم.

قال نايلور “نحن نريد البيع على هذا الأساس: هل هي قصة جيدة؟”. حيث أن وضع كتب سلسلة هوبو في فئة الأدب العام يمنحها “فرصة للتواجد في أكبر عدد ممكن من الأماكن المختلفة.”

يتمثل الهدف الرئيسي الآخر لمطبعة الجامعة الأميركية في القاهرة في تطوير قائمة الكتب الخاصة بدراسات الشرق الأوسط، في مجالات مثل التاريخ والسياسة والاقتصاد. وهو مجال خصب، مع إمكانية إصدار العديد من العناوين الجديدة كل عام. وتضع هذه الخطة مطبعة الجامعة الأميركية في منافسة مباشرة مع المئات من المطابع الجامعية الغربية.

تمتلك المطبعة في القاهرة ميزة كونها تتخذ من المنطقة العربية مقراً لها، بحسب نايلور. قال “يتيح لنا هذا إمكانية نقل وجهة نظر المنطقة، وإبراز حقيقة ما يبدو عليه الشرق الاوسط بالفعل.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى