أخبار وتقارير

جنوب السودان: تجنيد طلاب المدارس مستمر

توريت، جنوب السودان، ومخيم بيدي بيدي للاجئين في أوغندا – بينما كان ينتظر دوره للحصول على وجبة طعام في كنيسة القديسين بطرس وبولس في توريت، وهي مدينة جنوب سودانية بالقرب من الحدود الأوغندية، عبّر تيدي كول البالغ من العمر 12 عاماً عن حزنه وآخرين لترك مقاعد المدرسة بسبب الحرب الأهلية في بلاده.

قال “أنا لست في المدرسة الآن بسبب الحرب. ليس هناك مستقبل مشرق بالنسبة لنا. لا توجد دروس مستمرة لأن الجنود يعيشون ويديرون عملياتهم في الفصول الدراسية. لقد اختطفوا العديد من الطلاب وقاموا بتدريبهم كجنود.”

وقال كول إنه كان قد اختطف من قبل جنود متمردين قبل عامين بينما كان في الصف في مدرسة لونجوت الابتدائية في توريت، والتي تقع في مركز منطقة كان القتال فيها بين الحكومة وقوات المعارضة الأكثر شدة. وأضاف “لقد تمكنت من الفرار بعد أربعة أشهر من التدريب العسكري.”

يُذكر أن كول واحد من بين مليون طفل شردتهم الحرب الاهلية المستمرة منذ أربع سنوات فى جنوب السودان، وفقاً لما ذكرته الأمم المتحدة ووكالات شؤون اللاجئين. كما فر مليون طفل آخر إلى أوغندا.

قالت ليلى باكالا، المديرة الإقليمية لمنظمة اليونيسف لشرق وجنوب أفريقيا، “مستقبل هذا الجيل على حافة الهاوية حقاً. الحقيقة الرهيبة المتمثلة في أن طفلاً واحداً تقريباً من كل خمسة أطفال في جنوب السودان قد أجبر على الفرار من وطنه توضح المدى التدميري لهذا الصراع بالنسبة للأفراد الأكثر ضعفاً في البلاد.”

بحسب آخر أرقام لمنظمة اليونيسف، قامت حكومة جنوب السودان بتجنيد 1300 طفل للقتال العام الماضي. ليصل العدد الإجمالي للأطفال الذين يقاتلون في النزاع إلى أكثر من 17000 طفل منذ العام 2013.

قالت باكالا “مرة أخرى، يتم استهداف الاطفال بهدف التجنيد مع اشتداد القتال. منذ اليوم الاول من هذا الصراع، كان الأطفال الفئة الاكثر تضرراً من الانتهاكات.”

وقال ذوو الجنود الأطفال إن أبناءهم لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس لأن كلاً من الحكومة والجنود المتمردين يسعون إلى إخراجهم من الدراسة.

قالت سيلينا أكور، وهي أم لسبعة أطفال يقاتل ثلاثة منهم كجنود أطفال لصالح القوات الحكومية، “إنها لعنة أن تنجب طفلاً في جنوب السودان لأنه سيصبح جندياً. فليس في إمكانهم الذهاب إلى المدرسة، وعندما يحدث ذلك يتم اختطافهم ويجبرون على أن يصبحوا جنوداً. وهذا ما حدث لأبنائي.”

طفل صغير يتدرب على استخدام الرمح في جنوب شرق جنوب السودان.

وبحسب أكور، التي تعيش كلاجئة فى الكنيسة الكاثوليكية فى توريت، فإن الحكومة والجنود المتمردين دأبوا بانتظام على اقتحام مخيمات اللاجئين والمدارس والمنازل والتجمعات الاجتماعية بهدف اختطاف الأطفال وتدريبهم كجنود.

قالت “عندما يأتي [الجنود]، عليك أن تدع ابنك يذهب معهم وإلا سيقومون بقتل كل واحد منكم.”

يقول تيدي كول إن معظم الأطفال قد تركوا المدرسة، والعديد يقضون وقتهم بخمول وتكاسل في المخيمات. كما يعمل بعضهم في وظائف غريبة، بما في ذلك مساعدة المنظمات غير الحكومية على تفريغ شاحنات إمدادات المساعدات.

قال “نحن لا نرغب بترك المدرسة لنصبح جنوداً.”

حصلت جنوب السودان، الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، على استقلالها عن السودان في تموز/ يوليو 2011 بعد عقود من الحرب. وقد جلبت ولادة البلاد الجديدة أملاً للسكان. لكن في كانون الأول/ ديسمبر 2013، بدا هذا الأمل خافتاً حيث انحدر البلد إلى أتون صراع سياسي وعرقي.

اتهم الرئيس سالفاكير، الذي ينتني لمجموعة الدينكا العرقية التي تشكل الأغلبية، نائبه آنذاك، رياك مشار، الذي ينتمي لعرقية النوير، بمحاولة الانقلاب. أقال كير مشار، ليرمي ذلك البلاد فى حرب أهلية أدت إلى مصرع عشرات الآلاف من الاشخاص.

ترك الصراع المستمر والجفاف جنوب السودان واحدة من أفقر البلدان في العالم مع أكثر من ثلاثة ملايين نازح ومجاعة محتملة تهدد حياة ملايين آخرين. وتجعل هذه الأرقام من جنوب السودان موطن ثالث أكبر أزمة للاجئين في العالم بعد الأزمة في سوريا وأفغانستان.

فشلت عدة اتفاقيات سلام كانت تهدف إلى إحلال الأوضاع الطبيعية في البلاد، بما في ذلك اتفاق وقع عام 2015 يسمح بتشكيل حكومة وحدة مع مشار بصفته النائب الأول للرئيس كير.

ويسعى الاتحاد الأفريقي إلى التوصل الى اتفاق سلام أخر، ويأمل الكثيرون في أن يجلب ذلك السلام للبلاد فى النهاية.

حث الاتحاد الافريقي حكومة جنوب السودان على ضم مشار فى مفاوضات السلام موضحين أن المحادثات يجب أن تكون شاملة قدر المستطاع. يذكر أن مشار يتواجد حالياً في المنفى في جنوب افريقيا.

قالت إيبا كالوندو، المتحدثة باسم الاتحاد الافريقي، “هناك حاجة لأن يتم الحوار الوطني في أقرب وقت ممكن. ويجب أن يكون شاملاً قدر الإمكان لأن هذه مشكلة جنوب سودانية سيتم حلها وتم حلها سابقاً من قبل مواطني جنوب السودان.”

بيد أن حكومة كير طالبت بأن تتخلى قوات المتمردين عن السلاح قبل عودة مشار.

قال وزير الاعلام مايكل مكوي لويث في بيان مكتوب، “إذا ما كان مشار يدين العنف وقرر التوجه الى جنوب السودان والاستقرار فيه كمواطن فهذا حقه. أما إذا جاء كسياسي، فيجب عليه ان يتخلى عن العنف ويأتي في موعد اجراء الانتخابات ويقبل ما اتفقنا عليه.”

لكن ظهور جماعة مسلحة جديدة فى منطقة الاستوائية الجنوبية فى جنوب السودان العام الماضي قد يعرض جهود البحث عن السلام للخطر فى دولة هي الأحدث في العالم، بحسب مسؤول في الأمم المتحدة.

قال ديفيد شيرر، رئيس بعثة الامم المتحدة فى جنوب السودان، “لا يمكننا تحقيق السلام بينما تخوض الجماعات المسلحة قتالاً، وما نراه في المنطقة الاستوائية هو التفرق إلى مجموعات صغيرة.”

وبينما يواصل الجانبان اشتباكهما، يواصل الأطفال الفرار من البلاد، لاسيما إلى أوغندا، وهي دولة مستقرة نسبيا يتكلم مواطنونها اللغة الإنجليزية، كما هو الحال في جنوب السودان.

في مخيم بيدي بيدي للاجئين في أوغندا، حيث يعيش أكثر من 270,000 لاجئ من جنوب السودان، لا يزال بعض الأطفال يصلون إلى هناك بالزي المدرسي الذي فروا وهم يرتدونه، حاملين معهم قصصاً مروعة عن القتال الوحشي الذي شهدوه.

قال كليف دينغ البالغ من العمر 15 عاماً، الذي كان لا يزال يرتدي الزي المدرسي المؤلف من قميص أبيض وبنطال أزرق قصير، “لقد هاجم الجنود مدرستنا بزعم أن الأشخاص المرتبطين بمشار كانوا يختبئون في مهاجعنا. بدأوا يطلقون النار علينا وكان علينا أن نركض . نمتُ في الأدغال في تلك الليلة لكنني تمكنت من الحصول على حافلة لتقلني إلى هنا. الجنود يهاجمون المدارس والعديد منها تغلق أبوابها.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى