أخبار وتقارير

ليبيا: العنف يغلق الجامعات ويُهجر الأساتذة

يتسبب الانفلات الأمني، الذي يسود ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي، في توقف العديد من الجامعات عن العمل وهجرة العديد من الأساتذة هرباً من العنف.

يعمل اليوم في البلاد 12 جامعة فقط من أصل 20 كانت تعمل حتى عام 2011.

قال علي سعيد، أستاذ التربية في جامعة سبراطة الليبية الحكومية ،”تخسر ليبيا كفاءات جامعية من خيرة أبناءها غير القادرين على تحمل استمرار العنف وتردي الوضع الاقتصادي، الهجرة تبدو حلاً مثالياً.”

خلال السنوات الستة الماضية، تحولت الجامعات الليبية – كغيرها من المؤسسات والمناطق – إلى ساحات لممارسة العنف في محاولة لبسط نفوذ أي من الفصائل المتناحرة في ظل ترد مستمر للأوضاع الاقتصادية والأمنية وانتشار حمل السلاح وغياب سلطة القانون. (اقرأ القصة ذات الصلة: ليبيا: حرب مشتعلة وجامعات منسية).

يلقي سالم شريفي، أستاذ جامعي بجامعة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، باللوم على الحكومات التي تعاقبت على إدارة ليبيا منذ الثورة. قال “لا أرى في أي حكومة اهتماما حقيقيا بحماية المؤسسات التعليمية أو رغبة حقيقية بالإصلاح والتغيير، هم حكومات تسيير أوضاع وهذا يؤثر بصورة سلبية جداً على جودة التعليم.”

بدوره، لم يكن أحمد بن صويد، أستاذ جامعي ، يتخيل يوماً أن يتعرض للضرب والإهانة من قبل طلابه في كلية الطب جامعة طرابلس. كما لم يعتقد يوماً أنه يمكن لإدارة جامعته الرضوخ لتهديدات طلاب راسبين والقبول بتعديل أسئلة امتحانهم بحسب ما يرغبون.

قال “تعرضت للضرب من قبل مجموعة طلاب مسلحين لرفضي تسريب أسئلة الامتحان، لكن صدمتي الأكبر كان في رضوخ الإدارة للتهديدات. لم يكن أمامي سوى مغادرة الجامعة والبلاد كلها.”

لم يكن صويد وحده من تعرض للعنف من قبل طلابه، إذ تعرض طلاب آخرون لزوجته الأستاذة الجامعية في معهد العلوم الإدارية في قرقارش في العاصمة وهشموا سيارتها احتجاجاً على رسوبهم في مادتها. وبعد تغيير إدارة الكلية للنتيجة بحسب رغبة الطلاب، اتخذت زوجة صويد القرار نفسه وغادرت الكلية.

صويد وزوجته مثال لعشرات الأساتذة الليبيين الذين قرروا مغادرة عملهم وبلادهم حفاظاً على حياتهم. لا يوجد إحصاء دقيق أو رسمي لعدد الأساتذة الذين غادروا الجامعات لليوم. لكن هناك الكثير من الحوادث التي تتكرر بصورة مستمرة ويتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى وسائل الإعلام الليبية.

ففي شهر أذار/مارس الماضي اقتحم مسلحون جامعة المرقب بمدينة الخمس شرق طرابلس في محاولة لترهيب الطلاب وهيئة التدريس والموظفين، مما دفع إدارة الجامعة إلى اتخاذ قرار بإغلاق الجامعة ومغادرة الجميع لها.

وفي شهر نيسان/ أبريل الماضي، تعرض سالم محمد بيت المال، الأستاذ في قسم الهندسة البحرية بجامعة طرابلس، وهو في طريقه إلى العمل إلى عملية اختطاف وعثر الجيران على سيارته في شارع قريب من بيته حوالي الساعة 10 صباحاً. ولم تُجدِ نفعاً جميع الجهود التي بذلتها عائلته لمعرفة مكان وجوده.

تعقيباً على الحادث، أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً طالبت فيه حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً باستعادة حكم القانون وضمان العودة السريعة والآمنة لكل المختطفين بما في ذلك الدكتور محمد بيت المال. وقالت المنظمة في بيانها “إن “قضية سالم بيت المال توضح المخاطر التي تشكلها الميليشيات على المدنيين …كما تسلط الضوء على تواطؤ المسؤولين السياسيين والحكوميين الذين طالما تقاعسوا عن وضع حد لهذه الممارسات التي تتربح منها الميليشيات.”

تفضِّل العديد من عائلات المخطوفين عدم الإبلاغ عن عمليات الاختطاف خشية التعرض لأعمال انتقامية. تتم معظم عمليات الاختطاف بهدف انتزاع أكبر فدية ممكنة من العائلات، أو للتفاوض من أجل مبادلة المخطوفين بمعتقلين لدى أحد الأطراف، في بعض الحالات. كما يستخدم المسلحون عمليات الاختطاف لإرهاب وإسكات المعارضين لهم.

وإلى جانب الخروقات الأمنية، وجد تقرير صادر عن المنظمة الليبية للسياسات والاستراتيجيات في مايو / أيار 2016 أن الجامعات تعاني من أنشطة غير مشروعة أخرى مثل تعاطي المخدرات والسرقة والنهب.

قال علي سعيد، أستاذ التربية في جامعة سبراطة الليبية الحكومية، “يوجد سلاح اليوم داخل الحرم الجامعي، للأسف هناك طلبة التحقوا بالتنظيمات الإرهابية وهناك طلبة التحقوا بالجماعات المسلحة ومع ذلك لازالوا يواصلون تعليمهم.”

يعتقد سعيد أنه يتوجب تحديد المطلوب من التعليم وما هو دوره في عملية التنمية والتطوير التي تحتاجها ليبيا. لكن “وقبل كل ذلك علينا حماية أساتذة الجامعات والطلاب أيضاً من العنف والإرهاب.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى