أخبار وتقارير

التعليم المهني المصري: أمال كثيرة وخيبات كبيرة

مرت خمس سنوات على تخرج محمد السيد من الثانوية الصناعية قسم الكهرباء بمدينة أسيوط في صعيد مصر 350 كم جنوب القاهرة. وعلى العكس من توقعاته، لم يتمكن من العثور على أي فرصة للعمل بشهادته.

قال “اخترت التعليم الفني بمحض إرادتي رغم أنه كان بإمكاني الالتحاق بالتعليم الثانوي العام. كنت أعتقد أنني أسلك الطريق الأفضل لسوق العمل. لكن عشرات المصانع رفضت توظيفي بعد التخرج بسبب عدم وجود خبرات مهنية سابقة لي.”

يستوعب التعليم الفني في مصر أكثر من نصف الطلاب المرحلة الثانوية، حيث بلغ إجمالي عدد المقبولين في التعليم الثانوي (عام وفني) في العام الدراسي 2011/2012 نحو2.952.618 طالباً وطالبة، منهم نحو 1.628.178 طالباً وطالبة بالتعليم الفني، بحسب إحصاءات حكومية. وارتفع العدد ليصل إجمالي عدد الطلاب الملتحقين بمدارس التعليم الفني خلال عام2015/2016 إلى 1.710.586 مليون طالب وطالبة يدرسون في 1200 مدرسة للتعليم الفني موزعة بنسبة 50 في المئة على التعليم صناعي، و35 في المئة تجاري، و10 في المئة زراعي، و5 في المئة فندقي. مع ذلك، فالسيد واحد من 600 ألف طالب يتخرجون سنوياً من مدراس التعليم الفني ويواجهون كغيرهم من الشباب شبح البطالة، الذي تبلغ نسبته 40,7 في المئة بين الشباب في سن 15-29 بحسب إحصائية للبنك الدولي نشرت في شباط/ فبراير الماضي. ويعتبر غياب المؤهلات اللازمة لسوق العمل أحد أبرز أسباب البطالة بحسب التقرير.

قال طارق نورالدين، معاون وزير التربية والتعليم السابق في الفترة ما بين 2015-2017، “التعليم الفني في أزمة، فعلى الرغم من الإنفاق الضخم فإن النتائج مخيبة للآمال.”

وكانت الحكومة المصرية قد أنشئت وزارة مستقلة للتعليم الفني عام 2015 بميزانية قدرت بنحو مليار وربع المليار دولار أميركي، لتدريب طلاب المدارس الفنية، التي عانت من الإهمال لسنوات كثيرة واستجابة لنص الدستور، الذي ألزم الدولة بالتوسع في هذا النوع من التعليم، لتلبية احتياجات سوق العمل من العمالة المدربة.

قال نور الدين “هناك تخصصات غير ذات جدوى ولا يطلبها سوق العمل مثل التخصصات الزراعية. في المقابل، هناك حاجة لتخصصات أخرى في  الكهرباء واللحام والتبريد والتكييف والتمريض والبناء والنجارة لكن لا يتم تدريسها بمستوى جيد نتيجة غياب التجهيزات والأساتذة المؤهلين.”

يتفق أحمد حمودة، مدير مدرسة الثانوية الميكانيكية في محافظة أسيوط، مع نور الدين حول تأثير التخصصات الفنية المتاحة على بطالة الخريجين.

قال “لا يوجد رابط فعلي بين ما يدرسه الطالب في المدرسة وبين المهارات التي يحتاجها سوق العمل خاصة مع قلة عدد الدروس العملية في المناهج الحالية وعدم وجود فرص تدريبية للأساتذة لتطوير مهاراتهم ونقص المعدات في المخابر والورش داخل الورش.”

بدوره، يعتقد عبد الناصر بكر رئيس اتحاد عمال أسيوط أن طلاب التعليم الفني بحاجة للمزيد من التدريب العملي.

قال “نعاني من نقص العمالة الماهرة، وإنتاجية العامل المصري ضعيفة مقارنة بإنتاجية العمال الوافدين لدول أخرى بسبب ضعف مهاراتهم وافتقارهم للتعليم المحترف.”

مؤخراً، أعلن طارق شوقي وزير التربية والتعليم عن تطبيق نظام جديد لتقييم نجاح الطلاب في المرحلة قبل الجامعية والمعروفة بالثانوية العامة بما في ذلك طلاب التعليم الفني. (اقرأ القصة ذات الصلة: نظام جديد للقبول الجامعي في مصر يثير المخاوف).

يعتمد النظام الجديد، والذي سيطبق بدءاً من العام الدراسي القادم، على الجانب العملي بصورة أكبر. حيث يخصص لاختبارات العملي 70 في المئة من المجموع و30 في المئة على الامتحان نفسه، على أن يتم احتساب المجموع النهائي وفق السنوات الدراسية الثلاث الأخيرة. كما سيتم امتحان مهارات الطلاب أسبوعياً في المهارات التي اكتسبها طوال الأسبوع، إضافة إلى امتحانه في الفصل الواحد مرتين بشكل عملي، ثم امتحان نهاية العام في كل سنة دراسية، بحيث يتم امتحانه حتى تخرجه 15 مرة عملي ونظري.

يشكك كمال مغيث، الخبير بالمركز القومي للبحوث التربوية، بجدوى النظام الجديد في تحسين مهارات طلاب التعليم الفني.

قال “التقييم محصلة نهائية للنظام التعليمي، وتغيير شكل الامتحان غير كافي إذ لتغيير المناهج وتطويرها بما يجذب الطلاب وأيضا يناسب سوق العمل، ناهيك عن أهمية تدريب وتطوير قدرات الأساتذة. الموضوع ليس بهذه البساطة.”

يدعو مغيث لإجراء مراجعة شاملة للمناهج وزيادة التمويل المتاح للتعليم الفني. قال “يحصل مدرس مادة النجارة في مدرسة التعليم الصناعي على ميزانية قدرها 80 جنيهاً (4 دولار أميركي) سنوياً من المدرسة، وهي لا تكفي لشراء قطعة خشب واحدة. فكيف إذا سيتم تدريب الطلاب ومن ثم امتحان قدراتهم العملية؟”

Countries

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى