مقالات رأي

قصة مصورة تحمل شهادة قاتمة عن مخيم كاليه

ملاحظة المحررين: يأتي استعراض هذا الكتاب ضمن سلسلة من المقالات التي تكرسها الفنار للإعلام للكتب التي تم تأليفها من قبل لاجئين أو تتحدث عنهم.

يتوجب على القراء ألا يطالعوا كتاب “مواضيع من أزمة اللاجئين” وهم يتوقعون قراءة قصص اللاجئين من خلال أصواتهم. إذ وضع الكتاب المصور فنانة جرافيك وناشطة تطوعت في مخيم كاليه، المعروف باسم مخيم الغابة والذي يؤوي آلاف اللاجئين شمالي فرنسا،شكل متقطع في الفترات بين عامي 2015 و2016.

يقدم كتاب كيت إيفانز صورة عن المخيم  وفقاً لوجهة نظرها- حيث لن يتعرف القارئ على أية تفاصيل هامة أو ذات مغزى تقريباً عن اللاجئين الذين تقابلهم. وكثيراً ما تعبر إيفانز عن موقفها من محنة اللاجئين، الأمر الذي بدا لي وكأنه فرصة ضائعة لمنح مجموعة من الناس لمنصة هم في أمس الحاجة إليها.

على سبيل المثال، في إحدى الصور، تقوم إيفانز بتقديم البرتقال إلى لاجئين أكراد مبللين بالمطر، لدرجة أن الظروف التي يعيشون فيها تصبح أكثر من أن تُحتمل بالنسبة لها، فتنفجر عيناها بالدموع.

أحبطتني هذه الطريقة أحياناً وجعلتني أتساءل فيما إذا كانت إيفانز تستغل اللاجئين، وإن كانت بطريقة حسنة النوايا. إذ جعلني ذلك أفكر في أنها تستخدم قصصهم وصراعاتهم عن غير قصد لجعل نفسها تبدو عطوفة وسخية.

وكان ذلك هو السؤال الذي طرحته على إيفانز، لكن ردها دفعني لإعادة التفكير مرة أخرى، حتى لو لم يغير ذلك الرد رأيي بشكل تام.

قالت “لم أذهب إلى هناك بصفة رسامة رسوم كارتونية، لقد ذهبت كمتطوعة،. لذلك، لم أكن قد حظيت بإذن مسبق لاستخدام قصصهم.”

وأضافت “يقوم الكثير من الناس بعمل روايات صحافية، لكنني لم أفعل ذلك لأنني أعتقد أنها استغلالية. إن عيش الناس في هذه الظروف هو في حد ذاته أمر ذو أهمية إخبارية. أنا لست بحاجة إلى إثارة قصتهم لأسألهم فيما إذا كانت شقيقتهم قد تعرضت للاغتصاب، الخ.”

تصوير: كيت إيفانز

ايفانز شخصية عاطفية ومطلعة للغاية، ولم يمض وقت طويل من التحدث معها حتى أدركت أنها لم تكن في سياحة لجوء – وهو قلق كنت قد استشعرته بعد قراءة مشهد في الكتاب أطلقت فيه نكاتاً عن قيامها بتصوير طعامها في مطعم في المخيم ومشاركته على موقع انستغرام وكتابة رأيها عن المطعم على موقع تريبادفيسور TripAdvisor. قالت “ليس من المفيد أن تضيف المزيد من الحزن إلى قصة محزنة بالفعل. هناك دائماً تقريباً كوميديا في أشد الحالات.”

وهي على حق في ذلك. فليس من الإنصاف أن نقول إن من واجب أي شخص يكتب عن اللاجئين ألا يقوم بإدخال الفكاهة في عمله.

يتخلل الكتاب صور لهاتف محمول يتصيد نصوصاً تنتقد كلاً من اللاجئين و”فاعلي الخير” من أمثال إيفانز. وقد أرسلت بعض من تلك الرسائل إلى إيفانز بالفعل، فيما قامت بجمع التعليقات الأخرى من على الانترنت. لكنها جميعا تعليقات حقيقية، حيث أن شخصاً ما في مكان ما فكر في تلك الأفكار وقام بإرسالها.

بالنسبة لشخص لا يقرأ التعليقات على الانترنت، سيكون ذلك بمثابة تذكير صعب عن كم الأشخاص الذين ينكرون إنسانية اللاجئين الذين يراقبونهم. فعلى سبيل المثال، يقول أحدهم في تعليق “سوف يكبر هؤلاء الأطفال اللاجئين اللطفاء ليصبحوا بالغين وضيعين يريدون تدمير بلادنا.”

لكن، بالنسبة لي، لم يكن الجزء الأكثر معنى من الكتاب هو ذلك المتعلق بنصوص الكراهية أو غياب وجود وجهات نظر اللاجئين، بل ذلك الجزء الذي ندرك من خلاله مدى سرعة نسياننا للأشياء السيئة التي تحدث للاجئين.

يتابع سرد الكتاب الأحداث التي شهدناها جميعاً بلا شك من خلال الأخبار – مثل تصفية المخيم، ووحشية الشرطة وتهريب الناس بشكل روتيني.

يجبرك السرد على تذكر ما كنت قد فكرت وشعرت به في ذلك الوقت: من غضب أو حتى دمعة. إنه تذكير صعب، لأنك ستتذكر أيضاً مدى السرعة التي واصلت فيها حياتك اليومية الاعتيادية. لقد توقفت مؤقتاً لمشاهدة اللقطات وشعرت بالحزن، لكنك مضيت قدماً في حياتك في نهاية المطاف، ولم يتغير شيء

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى