أخبار وتقارير

جواز السفر “الأكاديمي” قيد التجربة

أثينا – التقى مسعود برهاني، وهو لاجئ أفغاني في الثلاثين من عمره، مع مسؤولين من وزارة التربية اليونانية مؤخراً لينضم إلى مشروع جديد يدعم الدراسات العليا للاجئين.

كان يسكن هو وزوجته فريحة برهاني، وهي قابلة قانونية في الثالثة والعشرين من عمرها، وطفلاهما في مخيم للاجئين في مدينة سكارامانغاس الساحلية. إلا أن برهاني أراد أن يتابع دراسته في الهندسة المدنية وأن يستعيد روتين الحياة الطبيعي الذي فقده هو وعائلته منذ هروبهم من طالبان العام الماضي.

قال “لم أتمكن من متابعة دراستي في أفغانستان إذ كان علي أن أكسب لقمة العيش لعائلتي. لكنني أريد أن التحق بالجامعة الآن.”

يأمل برهاني بالحصول على “جواز المؤهلات الأوروبي للاجئين”، وهو وثيقة تصدّق على ملفه الأكاديمي بحسب المعايير الأوروبية، تحدّد اللغات التي يتكلّمها، وتدرج خبرته المهنية. وفيما تملك معظم مؤسسات التعليم العالي معاييرها الخاصة التي يخضع لها مقدمو الطلبات، إلا إن هذا الجواز خطوة أولى مفيدة.

وكان المجلس الأوروبي، بالإضافة إلى مراكز الأهلية الوطنية من النرويج وبريطانيا واليونان وإيطاليا، قد اجتمعوا للمرة الثانية لتجربة المنهجية السريعة لمنح جوازات المؤهلات. يعد المشروع مبادرة للتأكد من إمكانية توسيع نطاق استخدام الجواز الذي ابتُكر في وكالات نوريجية وبريطانية لتقييم المؤهلات واختُبر لأول مرة في النرويج في العام 2015. (اقرأ القصة ذات الصلة: النرويج تمنح “جوازات سفر” لمؤهلات اللاجئين).

أقر مسؤولون أوروبيون الحق في تقييم عادل لدراسة الفرد الجامعية في اتفاقية الاعتراف بالمؤهلات الخاصة بالتعليم العالي في المنطقة الأوروبية في العام 1997.

برهاني خلال مقابلته مع اللجنة المقيمة لمؤهلاته الأكاديمية.

إلا أن العملية مكلفة وتتطلّب وقتاً طويلاً إذ إن لجامعات كل دولة أوروبية نظام قبول مختلف، ونظام تقييم مختلف لحاملي الشهادات. فغالباً ما ينتظر اللاجئون لأشهر أو حتى سنين لتعترف المؤسسات التربوية بمؤهلاتهم.

https://www.bue.edu.eg/

سيُصدر جواز المؤهلات للاجئين بعد المقابلة ببضع أيام. إلا أنه لا يزال غير معروف نسبياً، ولن يؤدي إلى دخول فوري إلى الجامعات، إنما يعطي اللاجئين تقريراً واضحاً بتاريخهم الأكاديمي.

قال سمير هيكو، مساعد مشروع في المجلس الأوروبي، “إننا نتكلم عن المؤهلات التي غالباً لا تكون موثقة بشكل كامل. ونركز بشكل أساسي على التعليم العالي. إن المجموعة التي نهتم بها هي مقدمو الطلبات الذين أكملوا على الأقل سنة في التعليم العالي. إننا لا نبحث في المهن المنظمة [مثل الطب] إذ لكل بلد إجراءاته الخاصة.”

وصرحت مارينا مالجينا من الوكالة النرويجية لضمان جودة التعليم (NOKUT) أن البرنامج هو سبيل لمقاومة الصعوبات التي يواجهها العديد من اللاجئين فيما تفتر همتهم في المخيمات بانتظار معالجة طلبات لجوئهم وهجرتهم.

قالت “إن المأوى والطعام أولويتهم. لكننا نلاحظ أنه بعد مرور بضعة أشهر يشعر الناس برغبة في المساهمة في مجتمعهم الجديد. نريد أن نسهل انخراط اللاجئين باكراً.”

كان محمود الكوكو البالغ من العمر 29 عاماً أحد اللاجئين الأربعة عشر الذين حصلوا على جواز المؤهلات في شهر آذار/مارس، وهو فلسطيني-سوري درس إدارة الفنادق والسياحة وعمل فيها لمدة سنتين. يساعد الكوكو منذاك المجلس الأوروبي ووزارة التربية اليونانية في العثور على لاجئين في اليونان يملكون خبرة في الدراسات العليا.

اليوم، يبقى محمود الكوكو عالقاً في مخيم صيفي للأطفال في منطقة تبعد ساعة عن أثينا منذ أكثر من سنة، مع والدته وأخوته الثلاثة بانتظار نقلهم إلى ألمانيا التي لجأ إليها والده وأخيه في العام 2005، قبل إغلاق طريق البلقان بكثير. ويأمل أن يساعده الجواز على تقديم طلب الحصول على عمل في السياحة لكي يحقق حلمه – وهو دراسة هندسة الكومبيوتر في جامعة ألمانية.

قال “حين سمعت بهذا المستند، قلت لنفسي إنه ما أحتاجه تماماً.” وكان قد ترك وثائقه الرسمية في دمشق حين هرب منها إلى لبنان في العام 2011.

في خارج أوروبا، تتعاون الجمعية الأميركية للمسجّلين الجامعيين وموظفي القبول (AACRAO)، جامعة كاليفورنيا – دايفيس وجامعة بيروت الأميركية في برنامج مماثل يُدعى مشروع حقيبة المادّة 26، نسبة للفقرة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على حق الإنسان بالتعلم. يعطي هذا المشروع اللاجئين حساباً افتراضياً (على الإنترنت) يمكنهم أن يحفظوا فيه نسخات عن شهاداتهم الأكاديمية، وتاريخ عملهم ووثائق أخرى كما ويتيح لهم إمكانية إخضاعها لتقييم المختصين إذا أرادوا.

قال أنيتا ستراود، المديرة المساعدة للتدريب في الجمعية الأميركية للمسجِّلين الجامعيين وموظفي القبول، “سنتمكن من الحصول على تقرير يمكن استخدامه في مكاتب القبول في الجامعات ولأهداف توظيف، بغض النظر عن المكان الذي سيُنقلون إليه”.

في حالة مسعود برهاني، اللاجئ الأفغاني في أثينا، قُيّمت مؤهلاته بحسب التعليم العالي في أوروبا. إذ طرح المقيمون عليه أسئلة مختلفة، من عدد الطلاب في صفه إلى الكتب التي قرأها وموضوع رسالته. ولكن للأسف، على الرغم من أنه يملك هو وزوجته خبرة مهنية، لم يتمكن المسئولون من التأكد من أرصدته الأكاديمية من مدرسته المهنية في كابل.

قال المقيّم اليوناني روي إيفتميادو لبرهاني “عليك أن تحصل على شهادة البكالوريوس، ما يعني أنه عليك أن تتعلم اللغة اليونانية ثمّ بدء دراستك من الصفر بالمرور في امتحان الدخول الوطني للدراسات العليا.”

قال برهاني “إن تعلّمي هو أولويتي. يمكنك أن تكسب المال في أي وقت كان. ولكن عليك أن تدرس أولاً. هذه ليست مشكلة. يمكنني أن أبدأ من جديد.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى