أخبار وتقارير

تطور كبير في أول برنامج منح دراسية للاجئين

القاهرة- مع نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2012، وبعد حصار استمر لعشرة أيام بدون طعام أو كهرباء وبرحلة خطرة بحافلة قديمة من أريحا -جنوب غرب محافظة ادلب السورية – استمرت لأكثر من 16 ساعة، وصلت فاطمة البتول فواخرجي وعائلتها إلى لبنان. التحقت فاطمة بمدرسة حكومية في بيروت وحصلت على الشهادة الثانوية اللبنانية لتلتحق بكلية العلوم قسم الفيزياء في الجامعة اللبنانية.

قالت “لم يكن ذلك ممكناً دون حصولي على منحة دراسية من برنامج دافي.”

يعتبر برنامج المنح الدراسية التابع للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ضمن مبادرة ألبرت آينشتاين الأكاديمية والمعروفة اختصاراً بالألمانية باسم DAFI أول برنامج منح دراسية في العالم يهدف إلى تمكين اللاجئين الشباب من الالتحاق بالتعليم العالي. فمنذ انطلاقته وحتى اليوم، استفاد أكثر من 12.000 طالب لاجئ من مختلف أنحاء العالم من منح دراسية في جامعات بالبلدان المضيفة لهم، ومؤخراً في بلدانهم الأصلية عند عودتهم.

قالت مارين كروغر، مسؤولة برنامج التعليم العالي في شعبة الحماية الدولية في المفوضية خلال مقابلة عبر السكايب، “الأزمة السورية ساهمت في إبراز أهمية توفير فرص للتعليم العالي للاجئين أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأن الوصول للجامعات كان متاحاً أمام الكثيرين منهم. كما أن استمرار الحرب لسنوات يجعل من الضروري تقديم مساعدات أكبر من مجرد الإغاثة العاجلة.”

ازدياد كبير في عدد المنح الدراسية

مجموعة من طلاب دافي في مصر. الصورة من صفحة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على الفيسبوك

العام الماضي، دعم برنامج دافي التحاق أكثر من 4,600 طالب وطالبة 44 في المئة منهم من الإناث بالجامعات في 27 بلد. يحتل الطلاب السوريون اللاجئون المركز الأول في عدد الطلاب الحاصلين على منح من البرنامج العام الماضي بنسبة 39 في المئة، يليهم الطلاب الأفغان بنسبة 15 في المئة والطلاب الصوماليين بنسبة 10 في المئة وبنسبة زيادة وصلت إلى 89 في المئة مقارنة بعام 2015، بحسب كروغر.

انعكست الزيادة على عدد المنح المقدمة للطلاب السوريين والتي شملت 1،790 طالباً وطالبة بالإضافة طبعاً إلى منح دراسية لطلاب لاجئين من أفريقيا وأفغانستان وإيران وباكستان والهند.

وبحسب كروغر، تأتي تركيا على رأس الدول التي تستضيف طلاباً من المنطقة حصلوا على منحة البرنامج، يليها لبنان فمصر فالأردن فكردستان العراق.

قالت “نسعى لزيادة أعداد الطلاب العام الحالي ولتشمل دولاً أخرى أيضاً، لكن التحديات التي تواجهنا وتواجه الطلاب أنفسهم ليست بقليلة.”

يواجه الطلاب اللاجئون عموماً في المنقطة ظروفاً معيشية صعبة في غالبية الدول المضيفة. فإلى جانب الصعوبات المالية، يواجه الطلاب صعوبات باستكمال تعليمهم المدرسي ومن ثم الجامعي نتيجة لعدم امتلاك كثيرين منهم أوراقاً ثبوتية شخصية أو أكاديمية تثبت تحصليهم الدراسي السابق، وحيث أن غالبية برامج المنح الدراسية بمافيهم برنامج دافي يطلبون أوراقاً ثبوتية شخصية وأكاديمية فإن كثيرين من الطلاب يبقون بعيدين عن أي فرصة لاستكمال دراستهم. (اقرأ المقال ذو الصلة: عندما تنتهي أحلام الطلاب السوريين بسبب ورقة).

يؤكد فيك ايكوبوا، مسؤول التعليم في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأردن في مقابلة على السكايب، على وجود “شروط محددة ومعلنة لقبول الطلاب في البرنامج، منها أن يكون الطالب لاجئ أو طالب لجوء مسجل بمكتب المفوضية السامية لشئون اللاجئين وبالتالي يمتلك بالضرورة وثيقة من المفوضية تثبت شخصيته. كما أننا ملتزمون بالشروط التي تضعها حكومات الدول المضيفة لقبول الطلاب في مؤسساتها الجامعية لضمان حصول الطلاب لاحقاً على شهادات معترف بها.”

المنح الدراسية في مواجهة ارتفاع الرسوم

يشكل التغيير الطارئ في سياسات الحكومات المستضيفة للاجئين تحدياً أخراً أمام عمل البرنامج. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، ألغت الحكومة المصرية قرار معاملة الطلاب السوريين كطلاب مصريين. وبدأت الجامعات في معاملتهم كطلاب دوليين يتوجب عليهم دفع رسوم أكثر، وفقا لما قاله محمد شوقي، مسؤول برنامج دافي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر مما يؤثر بالطبع على قدرة المفوضية في زيادة عدد المنح الدراسية.

مع ذلك، استطاع برنامج دافي تقديم 330 منحة هذا العام، في حين كان عدد المنح المقدمة للطلاب اللاجئين في مصر خمسة فقط في عام 2013، بحسب شوقي.

قال “حققنا تقدماً كبيراً شجع المانحين على زيادة دعمنا، ومازال أمامنا الكثير لنقوم به.”

طلاب دافي خلال الاحتفال بمرور 25 عام على انطلاقة البرنامج في الجامعة اللبنانية. الصورة من صفحة البرنامج على الفيسبوك

إلى جانب تمويل الرسوم الجامعية للطلبة المقبولين، يقدم برنامج المفوضية رواتب شهرية لمساعدة الطلاب على تأمين مستلزماتهم الدراسية الأساسية ومواصلاتهم للجامعة إلى جانب توفير التأمين الصحي وخدمات الاستشارة الطلابية بما يمكّن الطلاب من الانخراط والاندماج في الجامعات.

لم يكن سهلاً على فواخرجي الاندماج في المجتمع اللبناني خاصة مع انتشار العديد من الممارسات العنصرية ضد السوريين اللاجئين في لبنان.

قالت “نتعرض لإهانات بصورة مستمرة، لكن الوضع أفضل الأن خاصة وأن برنامج دافي يقيم الكثير من النشاطات التي تجمعنا مع طلاب لبنانيين مما يساعدنا على تقديم أنفسنا بطريقة جيدة.”

يتمتع برنامج دافي بمزايا أخرى.

قال خالد مولا، طالب يمني يبلغ من العمر 20 عاماً وحاصل على منحة دافي لدراسة كلية الطب بجامعة المنوفية في القاهرة، “وأخيراً التحقت بالجامعة بعد عامين من حصولي على شهادة الثانوية العامة في اليمن، من مزايا البرنامج أنه لا يشترط الحصول على شهادة جديدة للثانوية العامة.”

أمنيات الطلاب بدعم مالي أكبر

يشكو طلاب برنامج دافي من ضعف رواتبهم الشهرية، خاصة في مصر في ظل التضخم الشديد الذي تشهده البلد أخيراً. إذ يتراوح الراتب الشهري للطلاب من 1,200 جنيه مصري (67 دولار أميركي) خلال العطلة الصيفية إلى 2،000 جنيه (112 دولار أميركي). قال مروان كرنبة، طالب سوري في جامعة 6 أكتوبر، “هذا يجبرني وطلاب آخرين على العمل إلى جانب الدراسة لتكملة نفقاتنا المعيشية.”

كما يغطي برنامج دافي للمنح 4 سنوات دراسية جامعية فقط، مما يبعد الطلاب عن تخصصات أكاديمية تتطلب سنوات دراسية أكثر كالطب. قالت زهرة عدنان، طالبة سورية في السنة الرابعة في كلية الطب بجامعة المنوفية، إن منحتها الدراسية ضمن البرنامج تنتهي هذا العام.

يحاول البرنامج مساعدة عدنان للحصولعلى منحة إضافية لاستكمال دراستها. قالت “أتمنى أن يتحقق ذلك من أعماق قلبي، لأنني لن أتمكن أبداً من إتمام دراستي على نفقتي الخاصة.”

من جهة أخرى، عرف غالبية الطلاب بالبرنامج عن طريق المصادفة على وسائل التواصل الاجتماعي.

قالت كروغر “الوصول للطلاب يختلف من بلد لأخر، لكننا عموماً نستخدم وسائل متعددة منها الإعلانات في مراكز المفوضية داخل وخارج المخيمات وأيضاً من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. كما أن الطلاب أنفسهم الملتحقين بالبرنامج يخبرون أصدقائهم وهكذا.”

أهمية التنسيق

يشير ايكوبوا إلى أهمية التعاون بين المنظمات الدولية المختلفة المعنية بقضايا اللاجئين وتبادل البيانات. قال “يساعد تبادل البيانات بين المؤسسات على فهم أفضل للاحتياجات وأيضاً الوصول لأعداد أكبر من اللاجئين في مناطق مختلفة.”

كما يسهم التواصل مع المؤسسات الدولية الأخرى على تبادل الخبرات والأراء حول سبل معالجة بعض المشكلات التي تواجه تنفيذ البرامج كمحدودية التمويل وأيضاً تفادي تكرار الجهود. قالت كروغر “لدينا خبرة كبيرة في مجال حماية اللاجئين، بينما تمتلك منظمات أخرى كالهيئة الألمانية للتبادل العلمي (DAAD) خبرات أكبر في المجال الأكاديمي وبالتالي التعاون المشترك يساعدنا على تقديم برامج دعم أكثر تطوراً دون الحاجة لإعادة اختراع العجلة مرتين.”

كما يعتقد ايكوبوا أن التعاون بين المؤسسات هام جداً لتشكيل جماعات الضغط أو اللوبي يساعد في تغيير بعض السياسيات الحكومية المقيدة لتعليم اللاجئين.

قال ” هناك الكثير من العمل المطلوب على صعيد تغيير السياسات، التعاون في تحديد المشكلات وتقديمها للمسؤولين مع حلول مقترحة أمر ضروري لمساعدة الطلاب وأيضاً التخفيف من الضغوط التي يسببها اللجوء على البلدان المضيفة.”

اليوم، يسعى القائمون على برنامج دافي إلى توفير تمويل أكبر لضم عدد أكبر من الطلاب اللاجئين من الباكستان والهند والصحراء الجنوبية مع التمسك بأولوية الحفاظ على جودة الخدمات التي يقدمها البرنامج.

قالت كروغر “نعمل لزيادة عدد المنح ودعم المزيد من الطلاب  ليس فقط لمساعدتهم على العثور على وظائف لهم أو تزويدهم بخبرات لبناء أوطانهم بعد الحروب فقط، لكن أيضاً لحمايتهم من اليأس والإحباط في ظل ظروف لجوء قاسية وإبعادهم عن الإنزلاق في متاهات التطرف والكراهية.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى