أخبار وتقارير

إرث جابر نصار: استقرار جامعة القاهرة

القاهرة- بعد أن وضع حداً لعناوين الصحف حول الصراعات السياسية في الجامعة وساهم في رفع التصنيف العالمي لمؤسسته، يغادر جابر جاد نصار، رئيس جامعة القاهرة، منصبه في نهاية الشهر الجاري.

انتخب أقران أستاذ القانون الدستوري من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة زميلهم ليكون رئيساً لأكبر وأعرق الجامعات الحكومية في مصر في الفترة المضطربة التي أعقبت الإطاحة بحكومة محمد مرسي عام 2013.

خلال فترة رئاسته، واجه نصار التمييز ضد الطلاب الأقباط، وبدأ برنامجاً لمكافحة التحرش الجنسي (اقرأ المقالة ذات الصلة: جامعة القاهرة تحارب التحرش الجنسي). وحاول، في ظل مناخ مسيّس بشدة، إعادة تركيز الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على الدراسة والبحوث. وقد أدى ذلك إلى رفع مكانة جامعة القاهرة في تصنيف كواكواريلي سيموندز العالمي، وهو مقياس لمكانة الجامعات يثير الكثير من الجدل.

يصف نصار فترة ولايته، التي استمرت لمدة أربع سنوات، بأنها فترة حولت الحرم الجامعي المستقطب إلى مؤسسة أقل تسييساً وأكثر تسامحاً ودقة. قال نصار في مقابلة صحافية، في إشارة إلى الخلط الذي أعقب الانقلاب العسكري ضد الرئيس السابق محمد مرسي، “عندما توليت هذا المنصب، لم تكن هناك حكومة تخصص الأموال لنا، ولم يكن هناك أمن. كان هناك إرهاب وتطرف فقط.”

ويعتزم نصار العمل في مكتب المحاماة الخاص به وتقديم محاضرات تعليمية في القانون في الخريف عندما يعود إلى عمله كعضو هيئة تدريس في الجامعة.

وبينما اختار أعضاء هيئة التدريس نصار عام 2013، سيقوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعيين خليفة له بعد تغيير في القانون. وقال مسؤولون حكوميون وقادة جامعيون إن لجنة من مستشارين قد عقدت بدعوة من وزارة التعليم العالي المصرية قدمت للسيسي أسماء خلفاء محتملين لنصار.

يعتقد معتز سيد عبد الله، أستاذ علم النفس وعميد كلية الآداب، أن أي شخص سيتولى منصب رئيس الجامعة سيكون لديه الكثير ليقوم به. قال “كان اهتمام نصار يتمثل في تنفيذ القانون والالتزام بالقيم الأساسية والأخلاقية للجامعة. لقد كان حريصاً على مصالح الطلاب وانتقل لحل مشاكلهم بأسرع وقت ممكن.”

في عامه الأول، عارض نصار النشاط السياسي الحزبي في صفوف أعضاء هيئة التدريس والطلاب.

قال سامح أحمد، الطالب الجامعي في كلية الهندسة والمنتمي لحزب الدستور الليبرالي، “لم يتوقف عند حد محاربة طلاب الأخوان المسلمين، حيث حظر نصار مجموعتنا الطلابية “الميدان”. لم تكن المسألة تتعلق بقمع جماعة الأخوان المسلمين فحسب، بل قمع أي نشاط سياسي وإيجاد حرم جامعي محايد سياسياً.”

كان هذا التحرك ضرورياً، بحسب بعض القادة، لأن الصراع الأهلي أصاب جامعة القاهرة بالشلل، الجامعة التي تضم أكثر من 300.000 طالب وطالبة.

قالت غادة علي، الأستاذة المساعدة بكلية التجارة ونائبة مدير وحدة مكافحة التحرش بالجامعة، “في ذلك الوقت، كان الجميع خبيراً سياسياً. لم أتمكن حتى من التدريس بسبب الأصوات الصاخبة والتصفيق في ساحات الكلية. كان من الواجب إيقاف تلك الاضطرابات وضوضاء الشعارات.”

تعتقد علي أن الرئيس القادم للجامعة قد يكون قادراً على تحديد معايير جديدة تسمح بالتعبير السياسي المدني في الجامعة. قالت “استوعب جابر نصار جميع الصدمات داخل الحرم الجامعي، ويمكن للقائد الجديد أن يسمح بالنشاط السياسي. الطلاب وأعضاء هيئة التدريس مستعدون الآن لذلك.”

ويتمثل الميراث الآخر لنصار في تحركه لوضع سياسات تجاه الدين في الجامعة.

ففي أيلول/ سبتمبر 2015، قام بمنع المدرسات من ارتداء النقاب الذي يغطي الوجه. وفي وقت لاحق من ذلك العام، قرر إغلاق العشرات من غرف الصلاة الأصغر حجماً في الحرم الجامعي وكرّس مسجداً جامعاً تم ترميمه وأمر ببناء مسجد جديد للنساء.

كانت غرف الصلاة الصغيرة تستخدم منذ وقت طويل كمكان للطلاب الموالين لجماعة الأخوان المسلمين المحظورة الآن، بحسب نصار ومسؤولين آخرين.

قال نصار رداً على اتهام الجامعة بمحاربة التعبير الديني من خلال إزالة غرف الصلاة، “لقد حصلنا على فتوى من مفتي مصر قبل البدء بالعملية.”

وأوضح أن الإسلام موضع ترحيب في الحرم الجامعي. وجاء قرار نصار بعد افتتاحه الجامع الكبير في الجامعة بحضور مفتي الجمهورية شوقي علاّم ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة.

في العام الماضي، تصدّر نصار عناوين الصحف عندما أمر الإداريين بإزالة السؤال بخصوص الديانة من وثائق الجامعة، بما في ذلك استمارات القبول، بعد أن قدم طلاب مسيحيون أقباط أدلة على وجود نوع من التمييز في القبول والتقييم في معهد الدراسات الأفريقية في الجامعة.

قال “أي مشكلة نواجهها في جامعة القاهرة، نسعى لحلها من جذورها ولا نكتفي بتقديم حلول سطحية فحسب.” مضيفاً بأنه فخور بتغيير ثقافة الجامعة “للأسف، العديد من مؤسسات الدولة المصرية لا تمتلك الرغبة ولا القدرة على الإصلاح.”

باعتراف الجميع، يستفيد نصار وخلفه الذي ستتم تسميته من مكانة الجامعة الرئيسية في نظام التعليم العالي الحكومي في مصر. حيث كانت له حرية مطلقة إلى حد كبير في إدارة المؤسسة، لأن جامعة القاهرة مستقلة في ميزانيتها وإدارتها. فيما تشرف الحكومة المركزية على الجامعات الـ 25 الأخرى التي تمولها الدولة.

قال “عندما توليت هذا المنصب، كان 90 في المئة من الميزانية مخصصاً للرواتب والأجور. لكن، عندما بدأنا العمل على تطوير جامعة القاهرة، قمنا بإصلاح المالية وأنهينا الفساد الإداري. الآن تمثل الرواتب 60 في المئة.” تبلغ ميزانية الجامعة للعام الدراسي 2016-2017 77 مليون دولار أميركي.

تمت إعادة توجيه أموال تخفيضات الإنفاق في الرواتب وغيرها لتحسين صيانة مرافق الجامعة، وتحديث تكنولوجيا المعلومات، وتحسين الحياة في الحرم الجامعي، بما في ذلك القيام بالمزيد من الأنشطة الفنية والإرشاد الطلابي. قال نصار إنه خصص المزيد من الاستثمار في أبحاث الكليات والشراكات الجامعية مع رجال الأعمال بشكل قد يولد بعض العائدات.

مؤخراً، وضع تصنيف كواكواريلي سيموندز العالمي للجامعات جامعة القاهرة في المرتبة 481 على مستوى العالم بعد أن كانت في المرتبة 531 في العام الماضي. ولا تزال الجامعة الأميركية في القاهرة، التي تصنف في المرتبة 395، أعلى مؤسسة للتعليم العالي في البلاد فيما يتعلق بالسمعة الدولية.

يبدي نصار أسفه الرئيسي لكونه سيترك المنصب من دون أن ينقل للمجلس الأعلى للجامعات رؤيته حول السماح للجامعة بمتابعة استراتيجية تمويل ذاتي مستقلة تساعد المؤسسة على التوسع. ويعتقد أن البيروقراطية التعليمية في مصر تقاوم بشدة الخصخصة والشراكات بين القطاعين العام والخاص من حيث المبدأ، لأنها لا ترغب في أن تكون مسؤولة أمام أي كيان خاص أو أجنبي. فقد عارضوا، على سبيل المثال، فرض كليات الطب أجور تماثل أجور السوق على الطلاب الدوليين بهدف توفير إيرادات جديدة.

قال “لقد حققت كلية الطب تحسناً ملحوظاً في ترتيبها من خلال الوصول إلى المرتبة 253 على مستوى العالم.”، مشيراً إلى أن ترتيبها قد بلغ المرتبة 396 حتى وقت قريب من عام 2015. وأضاف “لقد استقبلنا 13.000 طلب قبول من 19 دولة لكن القواعد تجعلنا نحجم عن قبول معظمهم. فطوال أربع سنوات، قلت إن في إمكاننا تحقيق التمويل الذاتي، لكن أحداً في السلطة لم يقبل بذلك.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى