أخبار وتقارير

باحثون إماراتيون: القدمان مفتاح لعلاج مرض السكري

أبو ظبي – تعاون باحثون في مجالات طبية مختلفة لمعالجة مرض السكري من النوع الثاني، أحد أكبر المخاوف الصحية في منطقة الخليج.

شكل عدد من الباحثين الإماراتيين في مجالات طبية مختلفة، فريقاً لمعالجة مشكلة مرض السكري(من النوع الثاني)، وهو أحد أكبر المخاوف الصحية في منطقة الخليج.

يأمل الباحثون في أن تتصدى خبراتهم المشتركة للظهور السريع والمبكر للمرض، وهو أمر شائع الحصول بين الإماراتيين – ويعود ذلك جزئياً إلى أجيال من الزيجات التقليدية بين أبناء العمومة، ممّا إدى إلى خلق تجمع جيني مركّز أكثر عرضة للإصابة بالأمراض غير المعدية مثل مرض السكري.

تبحث كندة خلف، أستاذة الهندسة الطبية الحيوية في جامعة خليفة، عن الأنماط المتعلقة بكيفية سير المرضى وكيف يتم توزيع ضغط وزنهم من خلال طبعات أقدامهم. وهي تحاول معرفة إذا ما كانت التغيرات في أنماط المشي هذه يمكن أن تشير إلى إمكانية كون الشخص المصاب بمرض السكري من النوع الثاني سيعاني من زيادة أعراض مرضه سوءً وإذا ما كان المرض سيتطور قريباً.

في الوقت ذاته، تعمل زميلتها حبيبة الصفار، مديرة مركز التكنولوجيا الحيوية بجامعة خليفة، على هذا المرض من منظور وراثي. إذ تقوم برسم خريطة لكيفية تميّز الجينوم الإماراتي في تعرضه للإصابة بمرض السكري وغيره من الأمراض غير المعدية.

قالت خلف “ما يجعل عملنا فريداً من نوعه هو قيامنا، وللمرة الأولى، بإجراء بحوث متعمقة من زوايا مختلفة على السكان الإماراتيين.”

تعتبر دراسة السكان المحليين أمراً مهماً لأنهم غالباً ما يتم تجاهلهم في البحوث الطبية، بحسب خلف. قالت “يعتمد الدواء الرئيسي الذي يتناوله الإماراتيون على الأبحاث الغربية، لكن الجينات الإماراتية والعربية يتم التعبير عنها بشكل مختلف، لذا قد يتوجب علينا النظر في طرق العلاج والعلاجات المختلفة.”

تتفق الصفار مع ذلك. قالت “نحن بحاجة إلى دراسة سكاننا، فهناك عدة جينات غير مألوفة في مجتمعاتنا.”

كل مواطن إماراتي تقريباً مصاب بمرض السكري من النوع الثاني أو يعرف شخصاً ما مصاباً به. وسيصاب ما يقرُب من 20 في المئة من السكان بهذا المرض، فيما سيشهد ما يقرُب من 20 في المئة من المصابين به تطوراً في أعراضه قد تؤدى لتعرضهم لخطر بتر الأطراف.

قالت الصفار “سكاننا يشكلون حالة فريدة لأن لدينا الكثير من أبناء العمومة المتزوجين من بنات أعمامهم، بالإضافة لأسلوب الحياة السيئ.”

في الواقع، الصفار نفسها معرضة لخطر الإصابة بالمرض. قالت “لقد عملتُ بالفعل على الجينوم الخاص بي، وكلا والدي مصابين بالسكري، لذلك فإنني معرضة للإصابة بذلك. لقد قررتُ تغيير نمط حياتي قبل عامين وخسرتُ 30 كليوغراماً من وزني.”

لكن، ليس هذا العدد الكبير من المصابين بالسكري ما يثير القلق لوحده.

قالت خلف “تظهر بداية المرض هنا بحوالي 10 أعوام في وقت أبكر مقارنة بوقت ظهورها عند السكان الآخرين. يبدأ معظم السكان بالمعاناة من الأعراض في الأربعينيات من عمرهم، لكننا نلاحظها هنا في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من العمر.”

من الصعب الحديث عن تقديرات موثوقة للعبء المالي لمرض السكري في المنطقة. لكن وبحسب خلف، فإن معظم التقديرات تشير إلى أنه يكلف الاقتصاد الإماراتي ما يقرُب من 6 مليارات دولار أميركي سنوياً. وتنعكس المشكلة على السكان في جميع أنحاء منطقة الخليج، في البحرين وقطر والمملكة العربية السعودية.

أجرى الباحثون دراسة شملت 700 مريض إماراتي. طلبت خلف منهم السير عبر ممر مزود بأجهزة استشعار. تظهر بصمة الأقدام الصحية تركيزاً للضغط على كعب وتكور القدمين، لكنها شخصت العديد من الأشخاص الذين يظهرون توزيعا للضغط بمساواة أكبر وخطوات أصغر من المتوسط.

وهذه إشارة إلى أن مرض السكري من المرجح أن يزداد سوءً.

قالت خلف “بما أن الضغط لا يتوزع بشكل جيد فإنه يمكن أن يؤدي لحدوث تقرحات، قد تصاب بالعدوى. هذه ليست مجرد إشارة عن الأمور السيئة القادمة فحسب، لكنها تقود لحدوث الأمور السيئة أيضاً. سيتشقق الجلد ويُصاب بالعدوى.”

ولتزداد الأمور سوءً، فإن المريض قد لا يشعر بما يحدث لأن مرض السكري غالباً ما يتسبب في أضرار تلحق بالأعصاب الطرفية في القدمين.

قالت خلف “هذا يؤدي إلى البتر، لأنهم لا يشعرون بتطور الغرغرينا إلا بعد فوات الأوان. إنهم يفقدون أقدامهم في وقت مبكر من الثلاثينيات وهذا مدمر ومثير للسخرية لأن في الإمكان الوقاية منه. ليس من الضروري أن تصل الأمور لهذا السوء.”

في الوقت ذاته، تشير الصفار إلى نتائج تحليلها الجيني للمرضى. وهي تأمل في التوصل إلى طريقة أكثر دقة للتنبؤ بتطور مرض السكري. في الوقت الراهن، يميل العلماء والعاملين في المجال الطبي إلى المقارنة بين المورثات ومؤشر كتلة الجسم BMII.

قالت الصفار “مؤشر كتلة الجسم ليس أداة جيدة لأن نسبة الدهون يمكن أن تكون مرتفعة مع كتلة مؤشر جسم منخفضة، وستكون عندها في خطر مع ذلك. كما أنك ترى الكثير من الناس الذين يعانون من السمنة المفرطة لكنهم غير مصابين بالسكري، فما السبب؟”

بدراسة طريقة المشي والوراثة، تأمل الباحثتان في أن تتمكنا من تشجيع الأطباء على التدخل في الوقت المناسب لوقف معاناة المزيد من الإماراتيين من بتر القدم ومعالجة أحد أكثر الأمراض غير المعدية إنتشاراً في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى