مقالات رأي

منح دراسية لإعداد قادة جدد في تونس

يعتمد نجاح الديمقراطية الدستورية الجديدة في تونس على مشاركة الشباب، ففي عام 2016 بلغت نسبة الشباب دون الخامسة والعشرين 38 في المئة من سكان تونس. لكن هذه النسبة المرتفعة لا تنعكس على الدور الذي يقوم به الشباب التونسيون في تنمية بلادهم في هذه الحقبة الجديدة ليصبح السؤال: كيف يمكن تشجيع هؤلاء الشباب على القيام بذلك؟

تبلغ نسبة البطالة في صفوف الشباب التونسي 30 في المئة، وترتفع إلى 55 في المئة في بعض المناطق، منهم 60 في المئة من الشباب الحاصلين على فرصة للتعليم الجامعي، بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. في الوقت نفسه، يتردد الشباب التونسي في الانخراط في النشاطات الاجتماعية، حيث يصل معدل التطوع بين الشباب إلى 6 في المئة فقط، وفقاً لمعهد ليغاتوم، أحد المؤسسات الخيرية البريطانية.

تعتقد إيريكس، وهي مؤسسة غير ربحية أمريكية للتعليم والتنمية الدولية، أن تمكين الشباب من خلال بناء مهاراتهم كمواطنين ومهنيين وقادة هو الحل لبعض هذه المشاكل، ويتم تطبيق ذلك من خلال برنامج توماس جيفرسون للمنح الدراسية في تونس.

يركز برنامج توماس جيفرسون للمنح الدراسية في تونس على بناء المهارات التقنية والمهنية والقيادية بين طلاب الجامعة في مختلف أنحاء البلد. وينتمي أكثر من ثلثي المشاركين في البرنامج، والبالغ عددهم 300 مشارك لمناطق بعيدة عن العاصمة تونس، حيث يأتي ما يقارب من نصف هذا العدد من المناطق الجنوبية والوسطى الغربية، والمعروفة بإرتفاع نسبة الفقر وقلة فرص العمل والاستثمارات.

يعتمد البرنامج، الذي يمتد لمدة عام، على إلحاق الشباب بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يهدف برنامج توماس جيفرسون على تدريبهم ليكونوا مواطنين فاعلين في بلادهم، وخلق شخصيات ناجحة في مجالاتها. ويركز البرنامج على تحسين المهارات الفنية للمشاركين، سعياً لمستقبل مهني أكثر نجاحاً، كما يوفر لهم التدريب الوظيفي والإداري لاكتساب الخبرة العملية من خلال التدريب والتطوع.

قالت صابرين، إحدى خديجات برنامج توماس جيفرسون، “ركزت المنحة على تطوير مهاراتي المهنية بما يمكنني من تقديم مساهمة أفضل لتونس.”

ووفقاً لاستبيانات وتقييمات تم إجراءها عام 2016 بين الملتحقين وخريجي برنامج توماس، انعكس البرنامج على نمو المهارات الناعمة والقيادية بين الحاصلين عليه. إذ قال أكثر من نصف الخريجين إن تدريبهم كان الجزء الأكثر فائدة من بين ما حصلوا عليه من تدريب.

قال أنيس، خريج آخر لبرنامج توماس جيفرسون، “ساعدني الالتحاق بالبرنامج في الولايات المتحدة على تعميق معرفتي بعلوم الكمبيوتر، وعلمني كيف أكون أكثر كفاءة وزيادة الإنتاجية.”

تترجم هذه الخبرات المهنية مباشرة إلى فرص العمل، حيث انخرط الآن 89 في المئة من خريجي الجامعة ممن حصلوا على برنامج توماس جيفرسون في سوق العمل، مقابل 38 في المئة فقط من أقرانهم ممن لم يحصلوا عليه.

تسهم تجربة التطوع في الولايات المتحدة في تطوير القدرات المهنية والقيادية، حيث يتطوع باحثو توماس جيفرسون في المجتمعات الأميركية لأكثر من ثلاثة ألاف ساعة. وتشمل مهماتهم أثناء هذه الساعات بناء منازل للمشردين وتوزيع الأغذية في الملاجئ لمن لا مسكن لهم، والعمل مع المعوقين.

قال خالد، خريج توماس جيفرسون، “ساعدتني هذه التجربة على اكتساب مهارات كبيرة في التحدث والاستماع. كما أصبحت عضواً فاعلاً في الفريق، لقد تطوعت مع مجموعة مذهلة من جميع أنحاء العالم. وقد عزز ذلك من إبداعي وقدرتي على حل المشكلات، واستطعت إيجاد طرق ووجهات نظر مختلفة في التعامل مع القضايا والتحديات.”

يعزز برنامج توماس جيفرسون من قدرات الفرد على القيادة التعاونية والتطوع. نتيجة لذلك، يواصل 82 في المئة من خريجي البرنامج التطوع في فعاليات في تونس بعد إكمال برنامجهم. كما أن النساء والطلاب في المحافظات المحرومة من الخدمات، والذين يشاركون بنسبة أقل في أنشطة تساعدهم على بناء المهارات اللازمة للعمل، حصلن على فرص أكثر لمواصلة العمل التطوعي بعد عودتهن إلى تونس.

يواصل المشاركون في برنامج توماس جيفرسون للمنح الدراسية استخدام خبراتهم المكتسبة في بدء مشاريع جديدة تفيد مواطنيهم. فعلى سبيل المثال، يعلم برنامجتنشئة الأطفال ريادة الأعمال والقيادة بمشاركة طلاب من تونس. كما يربطون أقرانهم بالفرص من خلال المنصات الإلكترونية، أو يخلقون فرصاً لتوظف شباب آخرين. بدأ سبعة خريجين تونسيين أعمالهم الخاصة حتى الآن، بالمشاركة مع طلاب آخرين بعد المشاركة في مسابقة هولت.

قال فراس، أحد الخريجين الذين أطلقوا مشروعات صغيرة، لقد وسع برنامج توماس جيفرسون مداركي على التكنولوجيا الجديدة التي لم أكن أعرفها من قبل، وهو ما أعطاني فكرة أوضح عن كيفية تصميم مشروعي الخاص. تعلمت الكثير عن التسويق والأعمال بشكل عام، مما ساعدني في وضع خطة عمل جيدة مع فريقي.”

*يتألف برنامج توماس جيفرسون للمنح الدراسية من برنامج المنح الجامعية لجمعية تونس (TCCSP)، وبرنامج المنح الدراسية التونسية الجامعية تونس (UGRAD). ويقوم برعاية هذه البرامج مكتب الشؤون التعليمية والثقافية التابع لوزارة خارجية الولايات المتحدة، بينما يتم تنفيذ البرامج من قبل منظمة إيريكس.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى