أخبار وتقارير

هل تسهم العمالة الوافدة في زيادة بطالة الكويتيين؟

الكويت- لعقود طويلة استقطبت الكويت ملايين من العمالة الوافدة العربية والأجنبية للعمل في وظائف لا تستهوي الكثيرين من الكويتيين. لكن الحكومة الكويتية أبدت مؤخراً قلقاً من تأثير العمالة الوافدة على نسب البطالة في صفوف مواطنيها من خريجي الجامعات.

قالت صفاء الهاشم، المرأة الوحيدة في البرلمان الكويتي المكون من 50 عضواً والذي تم انتخابه في تشرين الثاني/ نوفمبرالماضي، “بغض النظر عن مدى ثراء البلد، فإن الإفراط في استخدام خدماته يستنزف موارده حتماً. هناك العديد من الاجانب غير المهرة وغير المدربين الذين يقومون بمهام غريبة في الكويت.”

وجاء تعليق الهاشم في سياق دعوتها لاتخاذ إجراءات صارمة ضد العمال الأجانب في المقترحات المقدمة للبرلمان في وقت مبكر من هذا الشهر.

وكانت وزارة التربية والتعليم الكويتية قد أعلنت عن نيتها إنهاء التعاقد مع أكثر من 400 أستاذ وافد، حيث أن نحو 25 في المئة من أساتذة الدراسات الاجتماعية وعلوم الحاسوب يمكن أن يكونوا من المواطنين الكويتيين. كما وضعت الحكومة الكويتية شروطاً أكثر صعوبة لتعيين معلمين مغتربين من خلال خفض بدل الإيجار لأكثر من النصف منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي والتهديد بترحيل المعلمين الذين يقدمون دروساً خاصة دون إذن.

تتصدر دول الخليج العالم من حيث نسبة وجود العمالة الأجنبية على أرضها، حيث تبلغ نسبتها من مجموع السكان نحو 91 في المئة في قطر، تليها الإمارات بنسبة 89 في المئة ثم الكويت بنسبة 72,1 في المئة. وبحسب مسح الهيئة العامة للقوى العاملة في الكويت، يبلغ عدد العاملين في القطاع الخاص الكويتي نحو 1.8 مليون شخص منهم 73 ألف مواطن كويتي فقط، بينما يشغل الوافدون 24 في المئة من الوظائف الحكومية. وتحتل عمالة الدول الآسيوية غيرعربية المرتبة الأولى بنسبة 50 في المئة من إجمالي قوى العمل، يليها عمالة الدول العربية بالمرتبة الثانية بنسبة 30,2 في المئة.

قالت دانية الجاسم، خريجة كلية العلوم الإدارية جامعة الكويت قسم علوم سياسية، “العمالة الوافدة والواسطة حرمتني من العمل.”

تعتقد الجاسم أن العمالة الوافدة تستحوذ على فرص عمل في قطاعات كثيرة يمكن للكويتيين شغلها، كما أن التعيين الحكومي يستلزم وجود واسطات كثيرة. قالت “حصلت على شهادة الماجستير لاعتقادي أنها ستزيد من فرص حصولي على عمل لائق، لكن على العكس أصبح مؤهلي العالي عائق أمام حصولي على وظيفة جيدة.”

وبحسب إحصاءات حكومية، تبلغ نسبة البطالة بين الكويتيين 4.7 في المئة، في حين كانت 3.10 في المئة في عام 2013. وكانت الحكومة الكويتية قد أعلنت عن خطط لتخفيض عدد العمالة الوافدة للبلاد، فيما دعا مشرعون كويتيون لفرض ضرائب خاصة على دخل العمال الوافدين.

مع ذلك، لا يعتقد كثيرون من الكويتيين أن العمالة الوافدة هي السبب الحقيقي وراء بطالتهم.

قال فالح العجمي، خريج كلية الهندسة الكهربائية، وينتظر فرصة لتعيينه في القطاع الحكومي، “انتظر التعيين الحكومي ولا أرغب بالعمل لدى القطاع الخاص حيث ساعات العمل الطويلة وانخفاض الأجر مقابل المزايا في القطاع الحكومي لا يشجعاني على العمل.”

ما قاله فالح يوافق نتائج مسح الهيئة العامة للقوى العاملة والتي تظهر أن 58 في المئة من المتعطلين عن العمل من الكويتيين يفضلون العمل في القطاع الحكومي فقط ولا يقبلون فرصة العمل في القطاع الخاص إن عرضت عليهم، وأن 39 في المئة منهم يقبلون العمل بغض النظر عما إذا كانت في القطاع الخاص او الحكومي. في حين أن 3 في المئة فقط يقبلون العمل بالقطاع الخاص. كما كشف المسح أن المستوى التعليمي لغالبية المشتغلين غير الكويتيين متدن، حيث أن 38,7 في المئة منهم يحملون الشهادة الابتدائية فما دون 34,6 في المئة منهم من حملة الشهادة المتوسطة.

قالت أماني أمان، كويتية تمتلك صالون نسائي للتجميل، “لا أعتقد ان العامل الوافد يأخذ مكان الكويتي في سوق العمل. فالعمال الوافدون في معظمه جاءوا لبلادنا بحثاً عن عمل لم يتوفر في بلادهم بينما نحن أهل البلد نرفض الكثير من الفرص بحجة أنها غير لائقة.”

يتفق عيسى حسن، من إحدى الجنسيات العربية و مدير الموارد البشرية في إحدى الشركات في القطاع الخاص، مع أمان على أن الشباب الكويتي متطلب في العمل.

قال “غالبية الشباب الكويتي لديهم رغبة سريعة في صعود السلم الوظيفي، ويعتقدون أن بإمكانهم خلال سنوات قليلة أن يصبحوا مديرين لذا نرى الكثيرين من الشباب الكويتيين يتنقلون من وظيفة لأخرى بحثاً عن تحقيق أحلامهم بسرعة ويصطدمون بواقع العمل في القطاع الخاص القائم على المنافسة.”

من جهة أخرى، يعتقد حسن أن اختيار الطلاب للتخصصات في الجامعة يعتمد على الاتجاه السائد حالياً أو على رغبات ذويهم في أحسن الأحوال ولا يرتبط بصورة فعلية باحتياجات سوق العمل.

قال “هناك وفرة كبيرة في تخصصات إدارة الأعمال في مقابل نقص واضح للخريجين في مجال الخدمات والرعاية الصحية.”

بدورها، تعتقد منى العرفج، رئيس مجلس إدارة شركة العرفج العقارية أن المشكلة تكمن في المؤهلات والمهارات. قالت “الدراسة الأكاديمية غير كافية ولابد أن يصاحبها دراسة عملية وخبرة تطبيقية تؤهل المتخرج فعلياً لمتطلبات سوق العمل. نحتاج لتطوير أساليب التعليم الجامعي.”

وكانت جامعة الكويت قد أجرت دراسة عن التطور الكمي لحملة البكالوريوس للسنوات الخمس 2012-2016 ومدى تلبية مخرجات جامعة الكويت لاحتياجات سوق العمل لتجد أن احتياجات السوق حوالي 54,698 ألف وظيفة، بينما المتوقع تخرجهم حوالي 28,767 أي بنسبة 53 في من احتياجات السوق. وبحسب الدراسة، فإن سوق العمل الكويتي يحتاج إلى التخصصات التالية: بكالوريوس تمريض، وتربية بدنية، وتربية موسيقية، ومدرس حاسوب، وتربية فنية، وصحة عامة، ومدرس كهرباء، ومدرس ديكور، ونطق وسمع، وفيزياء طبية، وإلكترونيات، وعلوم البحار، ومدرس ميكانيكا، وهندسة أجهزة دقيقة، وآثار ومتاحف، وهندسة زراعية، وهندسة في السلامة، وتربية رياضية، وفندقية.

مع ذلك، يعتقد محمد رمضان باحث ومحلل كويتي في الشؤون الإقتصادية، أن المخرجات الجامعية في الكويت غير ملائمة ولا كافية لتلبية احتياجات سوق العمل. قال “طالما كان معيار التوظيف الشهادة الجامعية وليس جودة التعليم بحد ذاته، فسيبقى هناك اعتماد كبير على العمالة الوافدة التي قد لا تمتلك شهادات جامعية ولكن لديها مهارات جيدة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى