نصائح ومصادر

أطفال سوريا ضحايا الاضطرابات النفسية

توصل تقرير حديث، صدر عن مؤسسة إنقاذ الطفولة (save the children) إلى معلومات هامة تدعم استنتاجات سابقة عن الأزمة العقلية التي يعاني منها أطفال اللاجئين السوريين.

سابقاً، عندما نشرت الفنار للإعلام تقريرها حول هذه القضية في هذه النشرة، شكَّل العثور على الإحصاءات وقواعد البيانات اللازمة تحدياً لتحديد المشكلة. عوضاً عن ذلك، يعتمد الصحفيون، إلى حد كبير، على آراء الخبراء وشهاداتهم حول القضية، وهي شهادات تسلط الضوء على الكارثة المنتشرة بين ملايين اللاجئين في سن المراهقة، في منطقة الشرق الأوسط، والمعرضين لخطر الإصابة باضطرابات الصحة النفسية بما يشكل مشكلة حقيقية ومزمنة ستستمر وتتفاقم في المراحل العمرية اللاحقة ، إذا لم يُعالج الأمر. (اقرأ أيضاً: الصدمات النفسية بين اللاجئين: حالة شائعة ومنسية).

تقدم الإحصاءات في التقرير الأخير صورة محزنة.

فعلى سبيل المثال، يقول 84 في المئة من الآباء، في العينة التي شملها البحث، إن التفجيرات تسببت في ضغوط نفسية لدى أطفالهم، ويقول 89 في المئة منهم إن شعور الخوف والفزع تزايد لدى أطفالهم نتيجة التفجيرات.

قال سلجوق سيرين، طبيب نفسي في جامعة نيويورك يركز في عمله على الصحة النفسية لأطفال اللاجئين، “أزمة اللاجئين هي أزمة للأطفال.”

أكد التقرير، في معلومات موثقة ومثيرة للقلق، وجود نقص مزمن في الموارد المتاحة لعلاج هذه المشكلة. حيث لا يوجد إلا نحو 70 طبيباِ نفسياً يعملون في سوريا حالياً، يقيم غالبيتهم في  دمشق، بينما يعمل طبيبان نفسيان فقط في منطقة الغوطة الشرقية ودرعا التي يسكنها  1.4 مليون نسمة.

قال سيرين “لا يقترب عدد الأطباء، أو الموارد اللازمة لتوفير رعاية صحية وخدمات تعليمية لهؤلاء الأطفال، مما هو مطلوب بالفعل.” (اقرأ أيضاً: الصدمات النفسية بين اللاجئين: طرق متنوعة للعلاج ونقص في المعالجين).

تحدث ممثلو مؤسسة إنقاذ الطفولة إلى 458 شخصاً من البالغين والأطفال، في سبعة محافظات، من أصل 14 محافظة، من أجل إعداد التقرير المشار إليه، مما يجعل التقرير هو الأكثر شمولية عن الصحة النفسية للأطفال والمراهقين منذ بداية الحرب في سوريا، بحسب المؤسسة.

قال سيف، الذي يسكن ريف حلب، وهو أحد المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 وشملتهم عينة البحث، “أشعر بالغضب عند وفاة أحد أفراد عائلتي أو أصدقائي، صدري يؤلمني ولا أستطيع التنفس، لذا أجلس وحيداً، لأنني لا أريد الصراخ أو التسبب في إيذاء أحد.”

قال طارق، الذي ينتمي لنفس الفئة العمرية، ويسكن الغوطة الشرقية، “عندما أجلس وحدي، وأبدأ في التفكير، يبدأ الألم في معدتي. وقتها أدرك ما أنا فيه، وأفكر فيه بعمق.”

تم إجراء اللقاءات من أجل إعداد التقرير في شباط/ فبراير 2017.

شمل البحث سبعة عشر مجموعة بحثية ضمت 125 مراهقاً، تم تقسيمهم إلى أربعة فئات عمرية (5-7، 8-11، 12-14 و15-17)، وتم تقسيم الفئة الرابعة وفقاً للجنس. أعد البحث اللازم للتقرير مجموعة من المهنيين المدربين، وقدموا علاجاً نفسياً أولياً لمن كان بحاجة إليه من الأطفال والمراهقين.

تمكنت مؤسسة إنقاذ الطفولة من إجراء المقابلات اللازمة لإعداد التقرير في المواقع التي تسيطر عليها المعارضة مثل حلب و درعا و حمص وإدلب وأجزاء من دمشق، إلا أنها لم تتمكن من مقابلة الأطفال في المناطق التي يسيطر عليها مسلحو تنظيم داعش، أو الواقعة تحت سيطرة الحكومة. ورد في التقرير أنه من المرجح أن يعاني المراهقين والأطفال في المناطق الأخيرة  معاناة مماثلة.

يدعو التقرير إلى وضع حد فوري للأعمال العدائية في المناطق المحيطة بالمدارس والمستشفيات، والالتزام بعدم تجنيد من تقل أعمارهم عن ثمانية عاماً، كما دعى إلى حرية تنقل الأفراد، من أجل السماح للمدنيين بالهروب من مناطق الصراع، وهو أمر يبدو شديد الصعوبة حتى كتابة هذا التقرير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى