مقالات رأي

مقترحات تدريسية: كيفية تصميم وسائل التقييم

هذا المقال هو الجزء الأول من سلسلة من جزئين.

في الفصل الدراسي الماضي، قمنا بإعطاء ورشة عمل لأعضاء هيئة التدريس في الجامعة الأميركية بالقاهرة بعنوان، “هل تعزز تقييماتي حقاً عملية التعلم؟”. وكان الهدف من ورشة العمل تلك تشجيع أعضاء هيئة التدريس على مراجعة الغرض من التقييم، واستكشاف سبل تعديل التقييمات الموجودة بطرق من شأنها أن تعزز من واقع تعلم الطلاب. نحن هنا نتحدث عن التقييمات في الفصول الدراسية، والتي عادة ما تكون من اختصاص عضو هيئة تدريس واحد،  مثل الواجبات، والامتحانات الموجزة، والمشاريع، والامتحانات، والعروض، أو أي شيء آخر تستخدمه في فصلك الدراسي لتقييم عملية تعلم الطلاب (سواء أكان بعلامات أو بدونها). كانت ورشة العمل التي أقمناها مستوحاة جزئياً من مقال كتبه كريس شافر ومن هذا الاقتباس على وجه التحديد: “لا وجود لنظام للتقييم الأكاديمي جيد في جوهره بشكل عام، إنه جيد لغرض ما فقط. ويجب أن يتم تحديد هذا الغرض قبل كل شيء.”

قبل تقديم أية اقتراحات، أدركنا بأن الطلاب في مؤسستنا (كما هو الحال في غيرها من المؤسسات) يميلون إلى الإهتمام بالدرجات بالأساس ، وأن المؤسسات التعليمية غالباً ما تعمل على إدامة هذا السلوك. كما ندرك أيضاً أن الطلاب العرب بشكل خاص غالباً ما يدخلون الجامعة بعد سنوات من التعرض لتقييمات الدراسة الثانوية المصممة لقياس مهارتي حفظ و استرجاع المعلومات ، أو في أحسن الحالات، مصممة لقياس مدى التعلم بدلاً من تعزيزه. وهذه أنظمة تعزز المنافسة، حيث يعمد التقييم للتمييز بين الطالب الجيد والطالب ذو الأداء المتواضع، بدلاً من مساعدة جميع الطلاب على التعلم. من المحتمل أن يكون حتى أولئك الطلاب العرب ممن تعرضوا لأنظمة تعليم دولية قد تعرضوا للاختبارات الموحدة، على سبيل المثال، والتي تفترض وجود معايير موحدة للطلاب على اختلافاتهم، وينطبق الكثير مما نتحدث عنه هنا على المستوى الدولي أيضاً. قد يلجأ الطلاب الأقل تعرضاً لأساليب التقييم التى نقترحها  هنا للمقاومة في البداية، لأنه أمر غير مألوف ببساطة، لكن تجربتنا تخبرنا بأن الطلاب، وبشكل عام، سيتبنون ويقدرون التعديلات الخاصة بكيفية إجراء التقييمات.

كنا نأمل في أن تشجع ورشة العمل التي عقدناها أعضاء هيئة التدريس على إعادة التفكير في صلاحياتهم و قدرتهم على التغيير ضمن هذه الحدود، وإيجاد سبل لإعادة تصميم تقييماتهم مع أخذ موضوع تعلم الطلاب في الاعتبار. على الرغم من أن ما نقترحه أدناه يمثل مجموعة من الأساليب العملية التي يمكن استخدامها، اعتبر أحد أعضاء هيئة التدريس المشاركين في ورشة العمل الأمر بأنه يمثل بدرجة أكبر “تحولاً في طريقة التفكير و النظر للأمور” نحاول تحقيقه، وبأنه ما أن تقوم، بصفتك مدرساً، بذلك التحول،  فإن تخيل و تصميم أشكال جديدة من التقييم الأكاديمى سيتبع ذلك بشكل طبيعي. عند التطبيق، قد يجد القراء أنه من الأسهل اتخاذ خطوات صغيرة، أو أنهم قد يرغبون في المضي إلى ما هو أبعد من ذلك – سنسر بمعرفة ما تفكرون فيه، وكيف ستسير الأمور إذا ما حاولتم القيام بذلك، في حقل التعليقات أدناه.

يمكننا جميعاً، على الأقل، أن نتفق مع رأي لستار ساكشتاين:  

“أي اختبار جيد لا يسأل عن التلقين والاستذكار. الحياة ليست اختباراً من أسئلة وأجوبة محددة سلفاً. نحن بحاجة لتعليم [الطلاب] لمهاجمة وحل المشاكل باستخدام معارفهم ومهاراتهم.”

لذلك، إذا ما رغبت في تركيز التقييمات الخاصة بك على تعزيز التعلم، فههنا بعض من اقتراحاتنا:

https://www.bue.edu.eg/

التركيز على الدوافع الجوهرية

على الرغم من أننا نعرف بأن مؤسستنا غالباً ما تعتمد على الدرجات، وأن طلابنا يأتون من أنظمة تعليمية تجعلهم يركزون على مكافآت خارجية مثل الدرجات، فإن السبيل الوحيد لتعزيز التعلم العميق يكمن في تحفيز الطلاب ذاتياً. كيف ستضمن بأن الطلاب يتعلمون من أجل التعلم وليس من أجل بعض المكافآت الخارجية؟ هذه بعض الطرق لتحقيق ذلك:

– أعطِ الطلاب بعض الخيارات. اسأل نفسك عن الأشياء الرئيسية التي يحتاج جميع الطلاب لتعلمها، وما هي المجالات التي يمكنني أن أمنحهم فيها المجال للاختيار. على سبيل المثال، إذا كنت لا تدرس مساقاً تعتمد مخرجات التعلم الأساسية فيه على الكتابة، فإن بإمكانك منح الطلاب خيار عرض عملهم في أشكالٍ أخرى مثل مقاطع الفيديو. في المقابل، إذا كانت مخرجات التعلم الأساسية الخاصة بك تتمثل في الكتابة أو القراءة، لكنها لا ترتبط بمحتوى معين، يمكنك التفكير في السماح للطلاب باختيار مواضيع القراءة والكتابة الخاصة بهم. مع أن هذا قد لا يبدو عادلاً بالنسبة للطلاب، فإن عليك التفكير في أن أحد الطلاب قد يكون بشكل عام أكثر مهارة في الكتابة من الآخرين، وكيف ستتسبب فى تحسين فرص هذا الطالب مقارنة بأقرانه بشكل دائم إذا ما كانت جميع تقييماتك تنطوي على الكتابة. كما ينبغي عليك أن تأخذ في الاعتبار أيضاً قدرة بعض الطلاب على الأرجح في القراءة والكتابة بشكل جيد عن موضوعات يهتمون بها بشكل عميق، لكنهم لا يظهرون تلك المهارات في الكتابة عن موضوعات لا يكترثون بها.

كتب ستار ساكشتاين، “.. نادراً ما تكون هناك طريقة واحدة فقط تناسب القيام بكل شيء. نحن بحاجة لتوفير فرص للإبداع بينما يشكل الطلاب عملية التعلم، بالإضافة لتشجيعهم على فعل الأشياء بالطريقة التى يجدونها أكثر بديهية بالنسبة لهم. عملية التعلم شخصية بالكامل، وعندما نوفر فرصة واحدة أو طريقة واحدة فقط للتعلم، فإننا نحد بشكل كبير من إمكانية تحقيق كل طالب لإتقان عمله.”

-جعل التعلم ذو صلة بالواقع: من بين الأشياء التي نسمع عنها باستمرار عند اجراء تقييمات فصلية للمساقات كون الطلاب يسعون لإيجاد صلة بين دراستهم وحياتهم اليومية. في بعض الأحيان، يتمكن المدرس من جعل هذه الصلات واضحة، مثل توضيح أوجه الشبه بين الأحداث التاريخية والأحداث الحالية، أو عقد مقارنات مماثلة يمكن للطلاب فهمها بشكل أكثر سهولة، وهذا أسهل بالنسبة لبعض المساقات مقارنة بغيرها. ومن الطرق الأخرى للقيام بذلك تشجيع الطلاب أنفسهم للبحث عن تلك الروابط، والعودة بها إلى الفصل الدراسي لمشاركتها مع زملائهم. ومتى ما كان ذلك ممكناً، عليك اعتبار السماح للطلاب في تركيز مشاريعهم على الموضوعات والمشاكل الأصيلة/ المستمدة من واقع الحياة والتي يهتمون بها شخصياً.

-رعاية قدرة وسلطة الطلاب: عليك مراعاة منح طلابك المزيد من السلطة بخصوص عملية تعلمهم. امنحهم المزيد من السلطة بخصوص ما يقومون به، وكيفية القيام به، ومع من سيعملون لتنفيذه، وأجعلهم يعرفون بأنهم سيكونون مسؤولين عن إدارة ذلك فيما بعد. قم بدعوة مركز التعلم و التدريس بالمؤسسة التى تُدرِّس بها للحصول على آراء طلابك بشأن طريقة التدريس و التقييم المتبعة لتتمكن من تكوين فكرة عن كيفية تحسين تدريسك ليعزز بشكل أفضل من تعلم الطلاب، وقم   بتفعيل مقترحاتهم البناءةعندما تتمكن من ذلك. كتب ستار ساكشتاين، “كلما قمنا بإشراك الطلاب في عملية خلق خبرات التعلم، كلما كانت النتائج أفضل.”

نأمل في مشاركة المزيد من الأفكار من ورشة العمل التي أقمناها، مع التركيز على كيفية استخدام تعليقات المدرس على  أداء الطلاب لتعزيز التعلم، وكيفية استخدام التقييم باعتباره فرصة للنمو، وكيف يمكن لأسلوب تعاملنا مع  الفشل أن يعزز التعلم. ترقّبوا ذلك.

هل لديك استراتيجيات أو نصائح أخرى لجعل إجراء التقييمات أكثر ملاءمة للتعلم؟ وهل لديك مخاوف بشأن التطبيق العملي لبعض من هذه الأفكار؟ الرجاء اخبارنا عنها في حقل التعليقات.

* مها بالي: أستاذة مشاركة في مركز التعليم والتدريس في الجامعة الأميركية في القاهرة،حيث تدرس أيضاً تصميم الألعاب التعليمية. وهو مؤسس مشارك VirtuallyConnecting.org. يمكن متابعة مقالتها على مدونتها الشخصية أو على المدونة الخاصة بمجلة الكرونيكل أو على تويتر: bali_maha@

*عزة عواد: مديرة التربية والتقييم في مركز التعليم والتدريس في الجامعة الأميركية في القاهرة وتعمل في مجال تطوير قدرات أعضاء عيئة التدريس منذ عام 2006.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى