أخبار وتقارير

جامعتان مصريتان تحذفان خانة الديانة من جميع الأوراق الرسمية

القاهرة – لن يطلب الإداريون بجامعة عين شمس وغيرها بعد الآن من الطلاب الإفصاح عن انتماءاتهم الدينية في الاستمارات الأكاديمية، وهي الخطوة التي حذت فيها جامعة عين شمس حذو تغيير السياسات الذي طرأ العام الماضي في جامعة القاهرة المنافسة لها.

تعكس الإصلاحات في أكبر جامعتين حكوميتين في مصر تحركاً مضاداً للطائفية في التعليم العالي حيث شنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حملة على الإسلاميين في جميع المؤسسات المصرية. وبالإضافة لذلك، لا تزال الأقلية المسيحية في البلاد تشكو من التمييز في الأوساط الأكاديمية، ويقف المسيحيون على المحك بعد مقتل 28 من أبناء الكنيسة القبطية في تفجير انتحاري استهدف قداساً في إحدى الكنائس في كانون الأول/ ديسمبر.

قالت سوزان القليني، عميدة كلية الآداب بجامعة عين شمس، “ليس هنالك سبب منطقي – ولا أي سبب – لسؤال الطلاب عن ديانتهم. الاستمارات قديمة للغاية، وتقريباً عفا عليها الدهر وشرب. لدينا توصية من رئيس الجامعة الدكتور عبد الوهاب عزت لتحديثها.”

يُعد سؤال المواطنين للتصريح عن دينهم في الأوراق الرسمية ممارسة واسعة الانتشار في مصر. حيث تشتمل البطاقات الوطنية، وشهادات الميلاد، والشهادات الجامعية، وشهادات الخدمة العسكرية خانة للدلالة على ديانة الشخص.

لكن الأقباط في مصر يقولون إنهم يواجهون تمييزاً في التوظيف عند التقدم للحصول على وظائف في الجامعات، وقطاع الأمن، والمناصب العليا في الحكومة.

في تشرين الأول/ أكتوبر، تصدّر جابر نصّار، رئيس جامعة القاهرة ونظير عزّت، عناوين الصحف في مصر عندما أصدر توجيهات للمسؤولين بإزالة الخانة المتعلقة بالديانة من الوثائق الجامعية.

حيث أخبر نصار وائل الإبراشي، مقدم برنامج “العاشرة مساءً” على قناة دريم الفضائية الخاصة، “عندما نطلب من الطالب ذكر دينه وطائفته ومذهبه، حتى في ظل وجود معايير تقييم موضوعية، سيشعر الطالب أو الطالبة بأن هناك نوعاً من التمييز.”

جاء قرار رئيس جامعة القاهرة في أعقاب ضجة عجّت بها وسائل التواصل الاجتماعي عن تحيّز مزعوم ضد متقدمين من الأقباط على برنامج للدراسات العليا في معهد البحوث والدراسات الأفريقية في جامعة القاهرة. اندلعت الفضيحة عندما نشر مينا نادر، 28 عاماً، صورة لاستمارة التقدم بالقبول على موقع الفيسبوك – تظهر سؤالاً حول الديانة – بعد أن رفض المعهد طلبه. وقال إنه كان قد اجتاز امتحان القبول بالبرنامج. وزعم نادر وطلاب محتملون آخرون بأن المسؤولين في المعهد قد رفضوا تسعة مرشحين أقباط بعد مقابلة شخصية مع أستاذ مسلم كان في إمكانه الوصول إلى استمارات التقديم التي تكشف عن معتقداتهم.

قال نادر “لا تزال مشاعر الأممية الإسلامية والنزعات المتعصبة موجودة داخل أسوار الجامعة،” مشيراً إلى أنه ليس لديه ما يقوم به غير مشاركة مشكلته على شبكة الإنترنت. وأضاف “من بين أسباب استمرار التمييز الشعور باليأس من التقدم بأي شكوى من ضحايا التمييز عندما يحصل ذلك.”

على إثر ذلك، أطلق المسؤولون تحقيقاً وجد بأن المسيحيين شكلوا معظم المتقدمين الذين تم رفض طلباتهم. فأقر الرئيس نصّار بأن التمييز الديني قد حدث في معهد الدراسات الأفريقية وأصدر أوامره بإزالة ما يشير إلى الانتماءات الدينية من الأوراق الجامعية.

وأثبت ذلك صحة ما قاله نادر وتم قبوله في برنامج الدراسات العليا بعد إتمام الجامعة لتحقيقاتها.

يوافق محمد لبيب، الطالب الجامعي البالغ من العمر 19 عاماً، والذي يدرس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، على إزالة خانة الديانة من الوثائق الجامعية لكنه يعتقد بأن مراجعة الاستمارات لن تغير من طبيعة العلاقات بين الأديان في الحرم الجامعي.

قال لبيب، الذي أشار إلى أن المسيحيين في الغالب لا يحصلون على وظائف كمعيدين في الجامعة، “إنها خطوة صغيرة باتجاه إنهاء التمييز. بإمكان أي شخص معرفة ديانتك من خلال اسمك، بطاقة هويتك، حسابك الشخصي على الفيسبوك، وغيرها من الإشارات الاجتماعية.”

على صعيد آخر، شكك مؤمن خالد سيد، الطالب الجامعي الآخر في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، فيما إذا كان المسيحيون ضحايا للتحيز أم لا، لكنه مع ذلك أيد إزالة الإشارات للانتماءات الدينية من الوثائق الجامعية.

قال سيد، “لست متأكداً من وجود تمييز جدي هنا. لكنها تبدو كلفتة مطمئة للأقلية، وتساعد في تقديم صورة أفضل عن الجامعة.”

في كلية الطب بجامعة القاهرة، يتجنب الأطباء الطموحون من الأقباط مجال التوليد والنسائية، لأن الرجال من المسلمين لا يرغبون في السماح لطبيب مسيحي بفحص زوجاتهم، بحسب محمود صادق، طالب الطب بجامعة القاهرة والبالغ من العمر 25 عاماً.

قال صادق “التمييز في مجال طب التوليد والنسائية غير دقيق على الإطلاق. فقد تم رفض أطروحات الطلاب الأقباط في التوليد مرات عديدة لدرجة أنهم فهموا التلميح وقاموا بتغيير اختصاصهم.”

تتداخل هذه التغييرات أيضاً مع الحملة التي تشنها قوات الأمن المصرية على الناشطين الإسلاميين في  المجتمع المصري، بما في ذلك أعضاء هيئة التدريس والطلاب في جامعتي القاهرة وعين شمس، لقمع التحامل الذي يُعتقد بأنهم يعملون على تعزيزه.

مع ذلك، يتساءل بعض أعضاء هيئة التدريس عما إذا كانت الحملة تؤدي المطلوب منها.

حيث قال محاضر في كلية الصيدلة بجامعة القاهرة طالب بعدم الإفصاح عن إسمه، “لا تخلق إزالة خانة الديانة من الاستمارات بحد ذاتها ثقافة قبول التنوع. إنه نهج يركز على الأمن بشكل تنازلي.”

عوضاً عن ذلك، يقول إن حرية التعبير تتعرض للقمع.

قال أستاذ الصيدلة “لم يتم فصل معظم الإسلاميين، لكن الزملاء الذين كانوا يرتبطون فيما مضى بجماعة الإخوان المسلمين قد خففوا من خطاباتهم الدينية وأظهروا الولاء للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يحاول فرض ثقافة “اللا سياسة” على المؤسسة.”

تقر القليني بأن حملة مماثلة كانت تجري في جامعة عين شمس. قالت “لقد كانوا [الإخوان المسلمون] ينشرون أفكارهم في الحرم الجامعي،” في إشارة إلى الانتماء السياسي للرئيس السابق محمد مرسي، الذي كان في السلطة ما بين عامي 2012 و2013.

أطاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمُرسي بعد أسابيع من احتجاجات في الشوارع ضد عدم كفاءة المسؤولين والنفوذ الإسلامي في الحكومة، بما في ذلك الجامعات الحكومية.

قالت القليني “يجب أن يكون الطلاب مجرد طلاب، يحضرون محاضراتهم ويقومون بأنشطتهم. وعلى الأساتذة الالتزام بالمناهج الدراسية على النحو المبيّن في وصف المساق الدراسي.”

وأضافت القليني بأن إزالة خانة الديانة من الاستمارات الجامعية لن يغير بالضرورة من قلوب وعقول الناس، لكن الجامعة كانت تعمل على تعزيز التعددية والحوار بين الأديان.

قالت “الأسبوع الماضي، وبمناسبة عيلاد الميلاد الأرثوذكسي “الشرقي”، قمنا بدعوة بابا الأقباط [البابا تواضرس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية] إلى الحرم الجامعي، واستضفنا نقاشات بين علماء اللاهوت المسيحي والإسلامي، هنا في كلية الآداب. الأمر لا يقتصر على المسائل الرسمية فحسب مثل استمارات التقديم، الأمر يتعلق بجامعة تشيع نموذج الحوار والتعايش.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى