أخبار وتقارير

“حظر ترامب” يغلق أبواب الجامعات في وجوه الطلاب العرب

أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحظر دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، موجة من الاحتجاجات بين الأكاديميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الداعمة للاجئين. إذ يؤثر القرار بصورة أساسية على استمرار تعليم نحو 17 ألف طالب وطالبة عرب وإيرانيين يدرسون حالياً في مؤسسات أكاديمية في الولايات المتحدة.

حالياً، لن يتمكن هؤلاء الطلاب من مغادرة الولايات المتحدة لأن إمكانية عودتهم مجدداً ليست مؤكدة. من المرجح أيضاً أن يثني القرار طلاباً عرباً وإيرانيين عن التسجيل في البرامج الأكاديمية في جامعات الولايات المتحدة.

تعد جامعة إنديانا واحدة من أكثر الجامعات التي تضم نسبة مرتفعة من الطلاب الأجانب، حيث يدرس بها الآن ثمانية آلاف طالب من أصل 48 طالب أجنبي يدرسون في جميع الجامعات الأميركية.

قال جون ولكرسون، مدير شؤون الطلاب الأجانب بالجامعة، “يسود القلق جامعة إنديانا والجامعات الأخرى خشية أن يؤدي القرار إلى إثناء الطلاب الأجانب عن التقدم للدراسة مستقبلاً.”

وأضاف “نفكر في إيجاد طرق لمواجهة النظرة السائدة أن الولايات المتحدة لا ترحب بالطلاب الأجانب، وهو أمر أبعد ما يكون عن الحقيقة.”

وكان ترامب قد أصدر قراراً تنفيذاً يوم الجمعة 27 كانون الثاني/ يناير 2017 تم بموجبه منع مواطني كل من إيران والعراق وليبيا وسوريا والصومال والسودان واليمن من دخول الولايات المتحدة. يسري القرار لمدة 90 يوماً، ويشمل أيضاً منع دخول اللاجئين من الدول المذكورة لمدة أربعة أشهر. كما يمنع القرار دخول اللاجئين السوريين لأجل غير مسمى.

بعد صدور القرار بيومين، تراجعت إدارة البيت الأبيض عن تشميل حاملي بطاقات الإقامة الدائمة “جرين كارد” ضمن قرار حظر الدخول مما يساعد على الأقل  طلاب الدراسات العليا والأساتذة الحاملين للبطاقة من التغلب على قرار المنع.

وخلال إجازة نهاية الأسبوع، أصدرت محكمتان أمريكيتان قرارات من شأنها تقويض التطبيق الفوري للقرار.

مع ذلك، سيؤدي القرار إلى تراجع فرص حصول الطلاب الجدد من الدول السبعة على تأشيرة دراسية  للعام الدراسي القادم، إذا لم يوقفها تماماً. يشير نص القرار إلى أن هذه الخطوة تم اتخاذها “لحماية الشعب الأميركي من هجمات إرهابية محتملة قد يقوم بها الرعايا الأجانب القادمين للولايات المتحدة.”

بينما يقول منتقدو القرار أن أضراره تفوق منافعه، وأنه يسيء لصورة الولايات المتحدة وقدرتها على العمل مع شركاء في العالم الإسلامي.

قالت إستر د.بريمر، المديرة التنفيذية  لهيئة المدرسين العالميين (نافسا) إن القرار سيتسبب في “أضرار جانبية هائلة”. تعد الجمعية هي أكبر مؤسسة غير ربحية على مستوى العالم تعنى بشؤون التعليم الدولي.

قالت بريمر في بيان “إن الجامعات والكليات بدأت بالفعل في الإبلاغ عن حالات لطلاب وأساتذة يمنعهم القرار من العودة للولايات المتحدة بعد أن سافروا لأغراض مختلفة، منها القيام بأبحاث أو حضور مؤتمرات، أو زيارة أحد أفراد أسرهم ممن يمر بظروف حرجة أو على فراش الموت.”

وأضافت “سيُستقبل القرار حول العالم على أنه محاولة مكشوفة لاستهداف البلدان ذات الأغلبية المسلمة، كما يهدد باستبعاد الأصدقاء والشركاء. مما يقوض جهود الولايات المتحدة في العمل مع حلفاء في العالم الإسلامي.”

يأتي ثلثي العدد المتأثر بالقرار من الدول السبع والبالغ 17 ألف طالب وطالبة من إيران، وفقا لتقرير “الأبواب المفتوحة” الذي يرصد أعداد الطلاب الأجانب المسجلين في الجامعات والكليات الأميركية للعام الدراسي 2015 – 2016.

أصدرت عدة جامعات ومعاهد أميركية، كجامعة كاليفورنيا وبرينستون ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تحذيراً لطلابها وأساتذتها الذين ينتمون لهذه الدول السبعة لتأجيل أي خطط للسفر خارج الولايات المتحدة.

يستعد طه الشنقير، مهندس ليبي يعمل في شركة تكنولوجيا في هيوستون بولاية تكساس، لبدء دراسته العليا في الولايات المتحدة. لكن القرار يجعله غير متأكد من مستقبله.

قال “لا أستطيع السفر خارج الولايات المتحدة الآن، فأنا غير متأكد من إمكانية السماح لي بالعودة مجدداً. لن تتمكن عائلتي من زيارتي، ولست متأكداً من وجود فرص أمامي للعمل بعد الآن في أمريكا. ترامب قلب كل شئ أمامنا رأساً على عقب في أسبوعين.”  

قالت بيث بارون، أستاذة تاريخ الشرق الأوسط في جامعة مدينة نيويورك ورئيسة جمعية دراسات الشرق الأوسط إن القرار نتج عنه ” كثير من الارتباك.”

من بين الأسئلة التي لم تجد إجابة بعد، بحسب بارون، مصير المواطنين مزدوجي الجنسية الذين يحملون كل من جنسية إحدى الدول السبعة وأيضاً جنسية الولايات المتحدة وكندا أو إحدى الدول الأوروبية؟

تعتقد بارون أنه كلما عرفنا عن منطقة الشرق الأوسط أكثر، كلما كان في استطاعتنا اتخاذ قرارات أكثر حكمة بشأن سياساتنا هناك. قالت “إن منع الطلاب والأساتذة وإجراء الأبحاث عن المنطقة ليس في صالحنا.”

تم توزيع خطاب اعتراض على القرار بعد صدوره بيومين في عدة جامعات أميركية، وحصد أكثر من سبعة آلاف توقيع من أكاديميي هذه الجامعات من بينهم علماء حاصلين على جائزة نوبل.

ينتقد الخطاب قرار السيد ترامب ويقول أنه:

ـ “يعد تمييزاً ضد مجموعة كبيرة من المهاجرين والمقيمين لفترة طويلة في الولايات المتحدة، استناداً فقط على البلد التي جاؤوا منها.”

– “يضع عبئاً ثقيلاً وغير مبرراً على الأشخاص المتضررين من القرار دون داع، ويشتت بقسوة الأسر عن طريق الحد من إمكانية السفر وتقييد فرص الدخول للولايات المتحدة.”

“يضر بسمعة الولايات المتحدة فيما يخص التميز الأكاديمي في مرحلة التعليم العالي.”

خرجت مظاهرات ضخمة في أنحاء الولايات المتحدة، خلال اليومين التاليين لصدور القرار، وخاصة في المطارات حيث تم توقيف واعتقال عدد من مواطني الدول السبعة التي شملها القرار لدى وصولهم إلى الولايات المتحدة، رغم امتلاكهم تأشيرات صالحة للدخول .

وكان  قاض في مدينة بوسطن قد أصدر حكماً بالإفراج عن اثنين من الأساتذة الإيرانيين من مكان احتجازهم بمطار لاجون الدولي.

كما أصدر قاض فيدرالي في مدينة نيويورك يوم السبت الماضي قراراً مؤقتاً يقضي بعدم استبعاد الولايات المتحدة لأي مواطن أجنبي وصل بالفعل إلى الأراضي الأميركية، وفق تأشيرة دخول كطالب أو كلاجئ أو أي وثيقة أخرى تكفل له التواجد في الولايات المتحدة.

بالرغم من ذلك لم يتضح بعد إذا كانت السلطات الفيدرالية ستمتثل لهذه القرارات.

كما أصدر المدّعون العامّون – أعلى درجة قضائية في الولايات المتحدة-  في 16 ولاية من بينها نيويورك وكاليفورنيا وبنسلفانيا من بين الولايات الخمسين للولايات المتحدة، جاء فيه أنهم “سيستخدمون كل الأدوات الممكنة في سلطاتهم لمواجهة هذا القرار غير الدستوري.”

*ساهم في إعداد القصة طارق عبد الجليل.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى